{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
لماذا جاء القرآن نثراً
Enki غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 1,490
الانضمام: Mar 2007
مشاركة: #7
لماذا جاء القرآن نثراً
الموضوع محير فعلاً، والاجوبة الانية كلها غير مقنعة، وانا مثلي مثل الكثيرين تقلبت بين تلك الاراء وكل يوم اتبنى رأيا وانا اشعر ان هذا الرأي لايستقيم ولا يطمئن له تفكيري، حتى خطر لي الحل مؤخراً حينما كنت اتحدث مع احد الاصدقاء عن السوفسطائيين اليونانيين.

إن ما يميز قريش عن غيرها هو انها ليست قبيلة واحدة موحدة كما هو شأن باقي القبائل، بل ان ما نسميه قريش هو في حقيقة الامر تسعة قبائل فرعية تسمى بطون قريش (بنو عبد مناف، بنو مخزوم، بنو عبد الدار، بنو زهرة، بنو تيم، بنو عدي، بنو جمح، بنو سهم، بنو عبد العزى) وقد كانت بين بعض هذه البطون بعض العداوات والمناوشات ولم تكن هذه البطون مجتمعة على كلمة واحدة ورأي واحد كما هو حال باقي القبائل العربية الاخرى.

وقد عرفنا في بحث سابق ان اهم ما يميز البدوي هو انه لايقبل بحكم قبيلة اخرى عليه، ان يفضل الموت على ان تحكمه قبيلة اخرى تذله، وهو يعتقد ان القبيلة الجديدة لن توفر له الحماية لان الحماية يستمدها من انتماءه الى قبيلته، فاذا ذهبت قبيلته ذهب معها عزته ومنعته واحترامه بين العرب، وهو لهذا متعصب جدا لقبيلته لايفضلها على غيرها مهما كان هذا الغير، يقول الشاعر عمر بن ابي كلثوم:

متى تعقد قرينتنا بحبل......تجذ الحبل او تقصي القرينا

فانفة ابناء عشيرته من القبائل الاخرى تمتد حتى الى ناقاتهم التي تأنف ان تربط جوار جمل من قبيلة اخرى فتقطع الحبل او تطرد الجمل المسكين بعيداً.

ولعنا نذكر هنا ما حدث بعد وفاة محمد، حينما رفضت العديد من القبائل ان يؤمر عليها ابن ابي قحافة ورفضوا ان يعطونه الزكاة، فهم لايرضون ان يؤمر عليهم ابن قبيلة اخرى، ولعلك لاحظت كيف ان ابا سفيان تولى مغضباً من تولي ابي بكر للخلافة وهو من اضعف قبيلة من قريش فكيف يتولى امر قريش وامر العرب؟؟؟ ثم نلاحظ ان احدى الحجج التي احتج بها المهاجرين على الانصار يوم السقيفة هو ان العرب لاتقبل اميراً من الانصار عليها.

إنها العصبية القبلية التي تأبى ان يكون اميرها من غيرها.

وفي مثل هذه الاحوال حيث يمتنع ان يكون هناك من يسود قريش ويتأمر عليها فلابد ان يكون الحكم مشاركة من الجميع، فيكون هناك مجلس تجتمع فيه اسياد كل بطون مكة ويقررون فيما بينهم ما يستجد من شؤونهم.

وهكذا نلاحظ انه كان لمكة مجلس حكم بدائي يسمى بدار الندوة ولم يكن في هذا المجلس من رئيس يأمر فيطاع، بل كان تجتمع فيه سادة قريش، فيتداولون امورهم، من تجارة واحلاف وغزوات وما شابه.

في مثل هذا الظرف الاجتماعي، يكون الرأي لمن يستطيع ان يقنع الاخرين بصواب رأيه وبعد نظره، اذ انه لكيما تمرر رأيك وتنجح في فرض ارادتك على الاخرين فلابد ان تتحلى بالقدرة على اقناع الاخرين وابراز محاسن رأيك وبعده وحكمته، ولهذا كان من يسود في دار الندوة هم اولئك المتصفون بحسن الرأي وصوابه، فنجدهم كنوا عمر بن هشام بقلب يدل على حكمته وصواب مشوراته فكان يكنى بابي الحكم.

وكل هدف لابد له من وسائل يستعان بها على تحقيقه، فالمهندس المعماري يستعين بعلومه الهندسية المختلفة لكي يصمم ما يشاء من ابنية، وهكذا من يريد ان يقنع الاخرين يستعين بالة الاقناع الجماهيري التي سماها اهل المنطق بالخطابة.

إن الفنون تتطور وتوضع لها القوانين نتيجة تراكم الخبرات، فقد كان اليونانيون بنائين واهل عمارة تشهد لهم، وتراكم هذه الخبرات ادى الى ازدهار العلوم الهندسية والرياضيات والتي كانت الاساس لمنطق ارسطوطاليس فيما بعد، كانت اثينا في تلك الفترة مسرحا للمعارك السياسية التي كانت تجري في برلمانها البدائي وفي شوارعها وكان لمن يريد ان ينتصر ويفرض رأيه ان يتمكن من احراز تأييد الجماهير وبالتالي تحقيق مكاسبه الشخصية والاجتماعية ان ايلجأ لمختلف انواع الالاعيب الخطابية وتحريك عواطف الجماهير وخداعهم بافانين الكلام والحجج المدخولة والمزيفة والزخرفات الكلامية وما اليه من اساليب بغية اقناع الجمهور والسيطرة عليه وضمه الى صف الخطيب.

ان الخطابة والخطيب الجماهيري لايريد الوصول الى الحقيقة وهو لايحدث الناس بالعقليات واليقينيات كما سيفعل اتباع المنهج العقلاني فيما بعد، لان الناس لاتفهم الحقيقة ولاتفهم الحجج المنطقية، بل هي تفهم الكلام العاطفي الذي يحرك العقول والايدي ويستثير فيهم احاسيسهم البدائية، ان الخطيب الجيد يعلم هذا جيداً ويستعين على كسب الناس لصفه بكل ما من شأنه ان يستحث الناس ويقنعهم اقناعاً.

وكل الناس تستعين بما يتوفر عندها من وسائل لتحقيق اهدافها، فمن كان غنيا فانه يستعين بماله ليحقق ما يريد، ومن كان رئيسا مستبدا فانه يستعين بجلاوزته يدفعهم لما يشاء، ولم يكن عند بني هاشم من المال والجاه ما يستعينون به على تحقيق ما يطلبون، ولم يكن بالامكان سوى طريق الاقناع وفن الخطابة والتحايلات الكلامية.

إن بني هاشم هم مثال للانسان الذي يتكيف مع الظروف فالظروف تتطلب حاذقا بالاقناع والسحر الكلامي لان مكة تعيش نوع من الديموقراطية البدائية التي تتطلب كسب دعم الاخرين وتأييدهم، وفي مثل هذه الظروف فان الخطابة تنمو وتزدهر ويظهر من بين جنبات هذا المجتمع الخطباء المفوهين والبارعين والقادرين على التلاعب بمشاعر الجمهور وعواطفهم حتى يصبح لكلامهم وقعاً كوقع السحر او اشد تأثيراً.

شكراً لقراءة المقال

05-18-2008, 05:25 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
لماذا جاء القرآن نثراً - بواسطة Enki - 05-15-2008, 07:52 PM,
لماذا جاء القرآن نثراً - بواسطة Enki - 05-17-2008, 10:39 AM,
لماذا جاء القرآن نثراً - بواسطة ابن نجد - 05-17-2008, 11:30 PM,
لماذا جاء القرآن نثراً - بواسطة كميل - 05-18-2008, 09:55 AM,
لماذا جاء القرآن نثراً - بواسطة Enki - 05-18-2008, 05:25 PM
لماذا جاء القرآن نثراً - بواسطة Enki - 08-14-2008, 12:08 AM,

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS