الجملة التي حوكمت عليها "بريجيت باردو" هي التالية:
« Il y en a marre d'être menés par le bout du nez par toute cette population qui nous détruit, détruit notre pays en imposant ses actes. » *
هذه الجملة تعني ما ترجمته: "سئمنا من جرّنا من أنوفنا على يد فئة من الناس تدمرنا. فئة تدمر بلادنا بفرضها أفعالها".
أدينت "بريجيت باردو" على هذه الجملة بتهمة "التحريض على الكراهية العنصرية ضد المسلمين"، بموجب القانون الفرنسي. فهل في مقولة "بريجيت باردو" عنصرية تذكر؟
باعتقادي أن جملة "بريجيت باردو" فيها بعضاً من التحريض نتيجة وقوعها في التعميم المخلّ على جميع أبناء طائفة بعينها، مع أن مشكلتها هي مع "المسلمين الذين يمارسون الذبح على الطريقة الإسلامية" وليس مع المسلمين ككل. بمعنى أن "المسلم النباتي" و"المسلم الذي لا يهمه اللحم الحلال" يجب أن يخرجوا من هذه "الفئة من الناس" الذين هاجمتهم الممثلة السابقة. كما يجب أن يدخلها كل مسيحي أو يهودي يهتم بأن يأكل من ذبيحة عبث السكين بعنقها. لكنا نرى هنا أن "بريجيت باردو" تقصر التنديد فقط على المسلمين ولا تلتفت إلى "مشكلتها" معهم (مشكلة ذبح الأضحية) ولكنها تروح كي تصفهم بأنهم يدمرون "بلدها" فرنسا. هكذا يصبح "المسلمون" مدمرين هادمين، وهكذا تصبح فرنسا "بلدنا" عند الممثلة الفرنسية وكأن القاريء يجب أن يفهم بأنها ليست "بلدهم" مع أن ملايين المسلمين يحملون الجنسية الفرنسية.
هناك نعرة عنصرية في جملة بريجيت باردو إذاً، وهناك تعميم مخل. ومع أن الجملة ليست بهذا الوضوح السافر، وقد نستطيع في ظروف أخرى أن نحملها على "حسن النية" لو صدرت من أشخاص آخرين، إلا أن صدورها من "بريجيت باردو" بالذات جعل القضاة الفرنسيين (باعتقادي) يصرون على إدانة الممثلة السابقة. إذ أن مثل هذه الجمل قد تكررت في خطابات "بريجيت باردو" وقد تمت إدانتها أكثر من مرة على محتواها (أربع مرات منذ 1997). بمعنى أن القضاة قد تنبهوا (كما أظن) إلى أن الممثلة الفرنسية لم ترعو من الأحكام السابقة الصادرة بحقها وما زالت تصر على خطاب يثير العداوة والشحناء بين أبناء المجتمع الفرنسي على أسس عرقية وطائفية. لذلك يذكر الخبر أن "الإدعاء العام" رد على بريجيت باردو عندما عبرّت عن "سأمها" بأنه هو أيضاً قد سئم وضجر من قصصها ومشاكلها وتفوهاتها.
أعتقد إذاً بأن القضاء الفرنسي محق في إدانته للمثلة السابقة رغم ظهوره بمظهر القسوة. وطبعاً، ليس لحرية التعبير ولا الديمقراطية أي شأن في هذه القصة، فبريجيت باردو عندما تقوم بمهاجمة "فئة من الناس" من خلال تمييزهم دينياً فإنها تقوم بالاعتداء على "أسس العلمانية الفرنسية" وعلى ديمقراطية فرنسا نفسها بل وعلى شعار الثورة الفرنسية المعروف (حرية، إخاء، مساواة).
أخيراً، "خرجها" - كما نقول -، فبريجيت باردو عنصرية (ليس بالصدفة أنها "خليلة" أحد المتنفذين في "الجبهة الوطنية" - اليمين المتطرف الفرنسي -)، حتى لو كانت عنصريتها مجبولة ببعض السذاجة وحسن النية. فكثير من النازيين كانوا حسني النية يوماً ما، وكثير من الإسلامويين يحسبون أنفسهم مصلحين ومنقذين وهم يروجّون لخطاب عنصري طائفي إقصائي فاشي؛ "فالطريق إلى جهنم مليء بالنوايا الحسنة" - كما يقولون -.
واسلموا لي
العلماني
* المصدر:
http://www.lemonde.fr/web/depeches/0,14-0,...722@7-37,0.html