حسنا.. بما أنني قرأت الرواية فأنا أعرف جيدا أن كل تلك الانتقادات كلام فارغ، الرواية متكاملة من الناحية الأدبية والحبكة والسرد وكل شيء، والغضب الذي تعبر عنه الكاتبة مبرر ويزيد الرواية تشويقا وحماسا، رأيت موظفات أجنبيات في السعودية لا يقرأن ولا يكتبن ولا يتكلمن العربية يحذرن بعضهن من توقيع أوراق باللغة العربية حين يطلب منهن ملتحو الهيئة ذلك، بل إن هناك في مؤسسات ضخمة وكبيرة موظفات متخصصات بحل مشاكل العاملات الأجانب مع الشرطة الدينية السعودية التي نعرف جميعا أنها تلفق التهم، وأن القضاء السعودي المتهالك قد يقبل اعترافا بالزنا باللغة العربية إذا اجبرت امرأة لا تعرف العربية على توقيعه.. هذه معلوماتي عمن تهاجمهم الرواية قبل أن أقرأ الرواية.

حين حاولت قراءة بنات الرياض نظرا لما أحدثته من شهرة لم أقرأ منها سوى عدة صفحات ولم استطع اجبار نفسي على اكمالها من شدة الملل، واحدة أخرى امتنعت عن قراءة روايتها لأن قريبة لي أخبرتني أنها لا تتكلم فيها إلا عن الشاذات بأسلوب فج وركيك، لكن الحق أقول أن سمر المقرن وبدرية البشر فاقتا كل توقعاتي وتفوقتا على أشهر الأعمال الأدبية من حيث الإبداع والتشويق.. قوة السرد وسحر الواقعية .. واقعية نجيب محفوظ وتشويق دان براون بدون أية مبالغة، والحق أن الشرطة الدينية في السعودية جعلت نفسها أضحوكة وهدفا للسخرية ومادة سخية لمن يريد أحداثا لرواية، فما الذي تعنيه صلاة يؤديها المرء بسبب صراخهم عليه؟ حتى المؤمن يشمئز من دعوتهم ويهرب منهم كي يشعر أنه يصلي بدافع من نفسه لا بدافع ملاحقتهم له في الشوارع حتى يدخل المسجد، كما جعلت هيئة الأمر بالمعروف نفسها عدوا صريحا للنساء، فإن استعملتهم النساء بعد ذلك مادة للحبكة الروائية وممثلا للشيطان فيداك أوكتا وفوك نفخ يا هيئة، بشكل عام ليس هناك ملائكة وشياطين في رواية سمر المقرن ، رئيف مثلا شخصية محيرة فنحن لا نعرف ان كان مجرد عبد لشهواته وزير نساء أم أنه شخصية مثقفة ومتحضرة أم هو انسان عادي تتنازعه دوافع ومشاعر شتى وقد أراد ألا يتخلى عن حبيبته حتى رأى أية مشاكل جلبتها له علاقته بها فقرر أن يسد الباب الذي تأتي منه الريح، ورغم أن الكتاب يدافع عن النساء ويقدمهن كضحايا مستقيمات ومكافحات إلا أنه قدم مشاعر الاحساس بالذنب والتردد في شخصياته النسائية كما قدم نموذج امرأة قاتلة قتلت بنت زوجها دون التعمق في الدوافع والأسباب ودون أن تقدم على أنها ملاك أو شيطان .. النقد المتهالك والتعميم المتغطرس الذي يوجه لهذه الروايات لمجرد أنها خرجت من الجزيرة العربية فليقله أصحابه عن أنفسهم لا عن هذه الابداعات الحقيقية.


تحية كبيرة للكاتبة الكبيرة والمبدعة والشجاعة سمر المقرن.. لقد استمتعت بوقتي أيما استمتاع وأنا أقرأ عملك وكأنه لا يتحدث عن أشياء ليست جديدة..:redrose: