{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 2 صوت - 5 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
العقــل الأسيــر .
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #6
العقــل الأسيــر .
هل حقوق الإنسان قيمة غربية ؟.


نتيجة ظاهرة بدت مباغتة و هي ما يمكن أن نطلق عليها إنتفاضة الأصوليات ، أصبح هناك قبولا متزايدا لفكرة التقسيم الحضاري للجنس البشري ، مروجو تلك النظرية في الغرب يرون أن الحضارة الغربية كانت دائما في جوهرها حضارة هيومانية ، أي تضع الإنسان – مجرد كونه إنسانا - في بؤرة الإهتمام العام ، و يميلون بالتالي لرؤية التسامح كملمح دائم للحضارة الغربية ، و أنه يمتد عميقا في ماضي الغرب ، و يصر هنتنجتون على أن " الغرب كان غربا منذ زمن طويل قبل العصر الحالي" ، وهو يحدد مجموعة من الملامح المميزة للغرب و التي ينفرد بها مثل الحس المميز بالفردية ،و التقاليد التي تكرس الحقوق و الحريات الفردية ، كذلك التعددية الفكرية و الإجتماعية ، في المقابل فهم يرون الحضارات الشرقية بما في ذلك الإسلامية حضارات جمعية ، أي تضع الجماعة في المركز ، بينما الإنسان الفرد بلا قيمة ،و لا يدرك ذاته سوى جزءا من الجماعة ، و من المدهش أن هناك قبولا واسعا لتلك الفكرة بين غير الأوربيين من أسيويين و مسلمين ، و نصادف كثيرا من المفكرين الآسيويين و خاصة من رجال السياسة ، يركزون على فضيلة النظام الأسيوي ، خصما من حقوق الإنسان كما يطرحها الغرب ، و ينحصر الخلاف بعد ذلك بين المفكرين حول ما يرتبونه على ذلك التقسيم ، فهناك من يرى حتمية الصراع بين الحضارات ، بينما هناك من لا يرى الصراع حتميا ، المهم أن الجميع تقريبا يسلمون بتصنيف الحضارات وفقا للهوية الحضارية ( الدينية ) ، سواء في ذلك أصحاب نظريات الصراع ، أم معارضي تلك النظريات ، و من المدهش أن تلك الرؤية السطحية كانت مؤثرة في المجتمعات غير الغربية و بشكل خاص في المجتمعات الإسلامية ، التي توسعت كثيرا في التركيز على تلك التقسيمات الحضارية ، بأكثر من تأثيرها في المجتمعات الغربية ذاتها ، أما على مستوي التقاليد الفكرية الأكاديمية الرصينة ، فلا تلقى هذه الأفكار السطحية قبولا كبيرا ، و لعل كثيرا منا سمعوا بكتاب واسع التأثير في الغرب هو كتاب ( اضمحلال الغرب ) للمؤرخ و الفيلسوف الألماني ( أوزوالد سبنجلر Oswald Spengler) الذي تحدث فيه عن الحضارة الغربية كجزء من عالم متنوع الحضارات ، و أنها لا تنفرد في ذلك العالم بمكانة الزعامة المتوافق عليها ، وذلك عكس ما يعتقده الكثيرون حتى من غير الغربيين ، كما ركز سبنجلر على التنافرات داخل كل ثقافة بما في ذلك الثقافة الغربية ، كذلك ركز على وجود تشابهات بين كثير من الثقافات الإنسانية ، و هو يدعم فكرته بالقول أن وجود سقراط و أبيقور و ديوجين في الهند مثلا سيكون طبيعيا تماما مثل وجودهم في أثينا ، بل أن الأخير سيكون متوافقا مع البيئة الهندية أكثر من توافقه مع الغربيين .
لن أجادل أبدا أن التسامح و الحرية و حقوق الإنسان هي من أبرز إنجازات الحضارة الغربية المعاصرة ،و لكن هذه القيم بشكلها المعاصر المتكامل ليس لها أي إمتداد مميز في التاريخ الغربي ، بل لم يكن لها أي وجود في التاريخ الإنساني كله منذ أكثر من ربما 400 أو 500 عام ،و الإدعاء بغير ذلك هو نوع من الدعايات الأيديولوجية الرخيصة ، فلم يكن أرسطو مثلا أو توما الأكويني أقل فاشية من كونفوشيوس أو ابن تيمية ، نعم يمكننا الحديث عن أبطال الحرية في الغرب ، ولكن هذا الغرب الذي أنجب دعاة الحريات الفردية لم يمتد أبدا ليشمل القوط الشرقيين و الغربيين أو الفايكنج و الوندال ، رغم أن كل تلك الشعوب هي جزء أساسي مما يعرف بالغرب الآن ، على الجانب الآخر فهناك أمثلة عديدة لأبطال ارتادوا عالم الحريات الفردية ، و كانت تلك الإشراقات الهامة في مجتمعات غاية البعد عن الغرب ، ففي القرن الثالث قبل الميلاد ظهر في الهند الإمبراطور أشوكا الذي يمكن اعتباره نبي العلمانية الأول ،و الذي قدم مجموعة من المبادئ الراقية حول التسامح و الحريات الدينية ، هذه الأفكار مازالت مؤثرة في الهند حتى يومنا هذا ، و هناك أيضا الإمبراطور المغولي المسلم العظيم أكبر ، الذي أصدر بيانات رائعة عن التسامح الديني في أكرا بالهند في تسعينات القرن 16 ،وهو الذي أعلن صراحة أن ( لكل إنسان الحق في إتباع الدين الذي يروق له ،و أنه لا حق لأحد في التدخل في عقائد الآخرين ،و أنه من الواجب على كل إنسان إحترام خيارات الآخرين الدينية خاصة التي تخالف عقيدته) ، علينا أن نتوقف هنا لنذكر أنه في ذلك الوقت تحديدا ، كانت محاكم التفتيش منتشرة في أوروبا بحثا عن المهرطقين ، الذين جرى قتلهم حرقا تقربا للرب ، و أريد أن أثبت هنا أيضا ما ذكره حتى رجل غير منصف مثل برنارد لويس حول الحريات الدينية غير المحدودة في الإمبراطورية العثمانية ، هذه الحريات أمكن توفيرها خلال نظام الملة العثماني بينما كانت الحروب الدينية مستعرة في كل أوروبا .
ما أريد تأكيده خلال هذه المداخلة هو أن حقوق الإنسان بما في ذلك الحريات الدينية ، ليست غربية ،و لكنها تكونت خلال تراث كوكبي مشترك ، ورفض الإسلاميين لتلك الحريات ، هو تعبير عن تعصب الإسلاميين و تخلفهم الحضاري ،و ليس تمسكا بالقيم الإسلامية .
.......................................................
الأخ حمزة الصمادي .
كل تقدير .
08-11-2008, 04:39 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
العقــل الأسيــر . - بواسطة بهجت - 08-01-2008, 05:40 PM,
العقــل الأسيــر . - بواسطة حمزة الصمادي - 08-01-2008, 07:42 PM,
العقــل الأسيــر . - بواسطة بهجت - 08-04-2008, 11:42 PM,
العقــل الأسيــر . - بواسطة سهيل - 08-05-2008, 02:07 AM,
العقــل الأسيــر . - بواسطة بهجت - 08-05-2008, 02:59 AM,
العقــل الأسيــر . - بواسطة بهجت - 08-11-2008, 04:39 PM
العقــل الأسيــر . - بواسطة ابن نجد - 08-11-2008, 06:06 PM,
العقــل الأسيــر . - بواسطة حمزة الصمادي - 08-11-2008, 07:06 PM,
العقــل الأسيــر . - بواسطة عمر أبو رصاع - 08-11-2008, 07:54 PM,
العقــل الأسيــر . - بواسطة بهجت - 08-13-2008, 05:46 PM,
العقــل الأسيــر . - بواسطة jafar_ali60 - 08-14-2008, 02:54 AM,
العقــل الأسيــر . - بواسطة بهجت - 08-15-2008, 06:17 PM,
العقــل الأسيــر . - بواسطة بهجت - 08-19-2008, 03:41 AM,
العقــل الأسيــر . - بواسطة Yusuf - 08-19-2008, 04:36 AM,
العقــل الأسيــر . - بواسطة بهجت - 08-19-2008, 03:09 PM,

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS