أنا بداية إدراكى لأنى أعانى من مشكلة بسبب التدخين هو عندما بدأت أكذب بخصوص عدد السجائر التى أدخنهايوميا وكنت دائما أجيب على هذ السؤال بعلبة واحدة فى اليوم رغم إن الحقيقة لم تكن كذلك وإنى تجاوزت حاجز العلبة الواحدة من زمن لكنى محرج أن أصرح بالعدد الحقيقى لأن ذلك سيجعلنى أبدو كالسفيه والطريف أن هذا الأمر أستمر لسنوات كنت خلالها مصمما على عدم شراء السجائر بالخرطوشة رغم إن ذلك أرخص كثيرا وبالذات من على النت بحجة إنى عايز أبطل ولو أشتريت بالخرطوشة هدخنها كلها وسيزداد معدل تدخينى لتوافر السجائر أمامى ومع ذلك إزداد معدل تدخينى وحققت أرقام قياسية وكلما أتذكر حجم الأموال التى أنفقتها على هذا العبث تتمزق نياط قلبى ألما ولكن قدر الله وماشاء فعل.

أحد علامات الخطر الأخرى التى تنبهت لها هى أنى وبمجرد دخول أحد الأماكن التى تعودت شراء السجائر منها أجد البائع بمجرد أن يرانى تمتد يده تلقائيا للسجائر ويحضر العدد والنوع الذى أريده بدون أن أتفوه بحرف وعلى وجهه إبتسامة صفراء وأنا أتميز من الغيظ وأنا بقول لنفسى مسيرى أبطل وأبقى أقعد أشرب فيهم بقى لوحدك يابن دين الكلب ورغم محاولاتى المتعددة لإتباع سياسة تنويع مصادر السجائر المشابهة لسياسة الرئيس المؤمن فى تنويع مصادر السلاح إلا أن الأمر إنتهى بأن الثلاث مصادر التى أشتري منها أصبحت فى النهاية مسجلا ومعروفا لديهم جميعا وأمتع شئ أقوم به اليوم هو دخولى أحد تلك المحلات وعند قيام البائع بإحضار السجائر من تلقاء نفسه أقوم بشراء شئ أخر وأخبره إنه كان زمان وجبر ولم أعد مدخنا والمفارقة أنه ونتيجة لتزامن إقلاعى عن التدخين فى نفس وقت حدوث طفرة الأسعار فأنا من القلائل الذين لم يشعروا على الإطلاق بتلك الطفرة لأن المبلغ الذى كنت أنفقه شهريا على السجائر كان كافى جدا لتغطية أى زيادة فى الأسعار.

أنا لم أندم فى حياتى على شئ بقدر ندمى على السنوات التى قضيتها مدخنا واليوم وبعد أن أقلعت عن التدخين لا أتخيل أنى كنت أرتكب تلك الحماقة بل الجريمة تجاه نفسى ورغم إنى كنت من هواة التجربة فى مرحلة سابقة حتى بالنسبة للمخدرات من العيار الثقيل إلا أنه لم أتعلق بشئ تعلقى بتلك اللعنة المسماة بالسجائر والتى أنظر لها اليوم على إنها أخطر حتى من الهيروين والكراك.