عقل في الكف.. اغتيال نهار


دمشق
صحيفة تشرين
رأي
الاربعاء 18 حزيران 2008
حسن م.يوسف
قبل سنوات كتبت في دفتر ملاحظاتي العبارة التالية: «بأجنحة الغيظ، يستطيع حمار الحماقة أن يطير!» وقد كان نهاري يوم أمس نموذجاً تطبيقياً لهذه المقولة فقد كنت مغتاظاً لدرجة أني رأيت حمار الحماقة لا يطير حولي وحسب، بل يعلّي أيضاً!

كان يفترض بنهار يوم أمس أن يكون حافلاً بالنسبة لي، فعندما خرجت من داري قرابة العاشرة صباحاً، كنت أنوي ان أنجز عدة أعمال هامة لم يعد تأجيلها وارداً. ‏

توجهت أولاً الى منطقة الروضة حيث مقر وزارة الثقافة للاستعلام عن أمر يخصني، وبعد ان درت حول مقر الوزارة ثلاث دورات، بحثاً عن مكان أوقف فيه السيارة، عثرت على فراغ أمام رابطة المحاربين القدماء فوقفت فيه مغتبطاً، وأنا أمتدح حظي السعيد! لكنني ما ان نزلت من السيارة حتى فوجئت بحاجب في العشرين من عمره يقترب مني وأمرني بتعال ان أبعد السيارة من المكان، أبلغت الشاب أنني لن أحرك السيارة من مكانها لعدم وجود شارة تمنع الوقوف في المكان ولعدم وجود شاخصة موقف خاص، هددني الشاب بأنه سيقوم بتنفيس دواليب سيارتي إذا لم أنقلها من المكان، فلم أعبأ بتهديده ومضيت الى وزارة الثقافة وكلي ثقة أنه لن يجرؤ على تنفيذ تهديده، خاصة وان سيارتي تحمل شارة «صحافة» معتمدة من قبل إدارة المرور في قيادة قوى الأمن الداخلي. ‏

بعد أقل من ثلث ساعة عدت الى المكان، وما ان انطلقت بالسيارة حتى فوجئت بصوت جريش يصدر عن الجهة الأمامية اليسرى من السيارة. كان عليّ أن أسير على الدولاب الفارغ من الهواء الى ان عثرت على فسحة تسمح لي بالوقوف كي لا أعرقل السير خلفي. ‏

اتجهت الى النقابة فرأيت الحاجب الذي هددني واقفاً عند الباب كما لو أنه قد أنجز عملاً مشرفاً، سألته عن معلمه فقادني إليه وهو ينظر إلي باستخفاف، سألت «المعلم» عما إذا كان هو من أمر الحاجب بتنفيس دولاب سيارتي، فأجابني بالإيجاب وبكثير من التحدي، وطلب مني ان أذهب وأبلط الزرقا، وأن أشتكي لمن أشاء!

والحق أنني توقعت ان يجرد سيفه ويلوح به فوق رأسي وهو ينشد: «يقول الزير أبو ليلى المهلهل /وقلب الزير قاسي مايلينا/ وإن لان الحديد مالان قلبي/ وقلبي من حديد القاسيينا!». ‏

المضحك في الأمر هو أنني عندما عدت لاستبدال الدولاب المنفس فوجئت بأن دولاب الاحتياط فارغ من الهواء أيضاً! ‏

هكذا تم اغتيال نهاري، فعدت الى بيتي بانتظار نهار جديد!