الأستاذ أبو خليل:

كل عام وأنت بخير أولاً.

ثانياً، أولا فكرتك ممتازة وشرحتها وأوافقك عليها. ولكن يا عزيزي من قال أن البديل لـ "التصميم" هو "الصدفة" أو العكس؟ القول بالصدفة على إطلاقه هو فيه نوع من المكابرة... ولكن هذا في المتطرفين من الملحدين. أغلب الناس يقول: من يدري؟ وأحياناً أنا نفسي أقول ذلك.. لاحظ أننا تربينا على تربية دينية غرست فينا وعي طفولي من البداية فكل مصيبة كان وراءها دائما الله. لو سألت أي واحد: من أين المطر لأجابك الله يرسل المطر.. الله في السماء.. في السماء السابعة وجالس على الكرسي ويرسل المطر إلخ. فكرة الإله المرسل للمطر هي رواسب العقل الأول البدائي والذي فشل في إيجاد تفاسير علمية للأشياء فكان أسهل تفسير هو "الله". لو أنت عندك طفل وسألك سؤال: كيف يأتي المطر يا أبي؟ من المؤكد أنك وأنا سنجيبه على هذا النحو: ربنا أرسل لنا المطر. طبعاً لأني مؤمن أرى أن إجابتي صحيحة جزئياً ولكنها ليست صحيحة صحة كاملة. لأنه طفل نخاطبه بوعي الأطفال المحدود.. والإنسانية يا أخي العزيز سارت على النحو كذلك من حيث "الوعي البشري" حيث مرت بمراحل الوعي الطفولي وتدرجت... كون الوعي يتدرج لا يعني أنه يجزم بإثبات أو يجزم بنفي مسألة الله. الله موجود في قلوبنا وفي عقولنا وفي ضمائرنا وفي خلايانا العصبية في المخ باديء ذي بدء وهذا سبب وجوده في عواطفنا وعقولنا... ولكن هذا الإله لا يمكن بالمرة البرهنة على صحته أو نفيه. سخف كل السخف أن يقول واحد فينا أنه يقدر أن يثبت أو ينفي أي شيء. هذا الأمر يشبه أنك تقول لقوم من الناس أن هناك كائن إسمه الـ جوجو ويقيم في قاع البحر وظلوا يرددوا ذلك زمن وراء زمن وتنتظر من الجميع أن يوافق على هذه المقولة لمجرد أن هناك أسفار مقدسة تتحدث عن عظمة الجوجو ولطفه بالخلائق... هذه هي السذاجة بصراحة. كون واحد يرفض بالاعتقاد بالـ جوجو لا يعني شيء ولا يجب أن يجبر واحد فينا على أن يثبت وجود الجوجو والذي انغرس في وعينا الباطن وتجذّر في خلايا المخ العصبية وصرنا نسبح بحمد الـ جوجو له كل كرامة وسجود من الآن وإلى الأبد آمين يا رب العالمين إلخ إلخ. ربما هذا الكائن لم يتجذر في خلايا المخ العصبية عندهم مثلما هو تجذر عندنا... لا يجب أن نطالبهم بقبول شيء غيبي ميتافيزيقي لا برهان عقلي أو علمي أو مادي عليه؛ فما بالك بمن يحط بقدر الملحدين ويتهمهم بـ" فقدان المنطق"؟! صراحة منتهى الجهل والاستهبال.

تحياتي المخلصة لك.