طبعا عارف منية النصر :10: :aplaudit:

الكتاب في الطريق وأحببت أن ألفت النظر إلى شيء هام اسمح لي فيه بالصراحة أخي عاشق الكلمة. لم أكن متحمساً لأمر هذا الشاعر ولكن لأنه شاعر يهمك وبلدياتنا ولهذا ذكرى سنتمنتال "معنوية" فهو حقاً جدير بالعمل عليه. ولكن ما إن تصفحت الكتاب حتى جحظت عيناي أكثر جحوظا مما هي عليه من جحوظ:baby:

الشاعر بصراحة طلع زنديق زي حالاتي وأنا أموت في الناس اللي زي كدة.:aplaudit:

خذ عندك مثلا صفحة 35 وهو يقول بعبارات جميلة:

ليس الكفر مقابل الإيمان في نظرتنا هذه

وإنما الإيمان تقابله الحياة، فالإيمان والحياة مترادفان.


بصراحة شاعر فيلسوف عسل :h:

ثم ينتقل الشاعر من الفلسفة إلى اللاهوت ونعلم أنه:

[ ومن هنا أيضا لم ير الشاعر أن لآدم خطيئة أو معصية بالمعنى المفهوم لهذه الكلمة.

وإنما هي رغبة الحياة الحرة القوية دفعته إلى العمل.
وطلب الاستقلال.
وتحت تأثير هذه الفكرة نظم الشاعر هذه القصيدة "الإيمان" ]

في الصفحة التالية؛ ص 35

يعني بصراحة مافيش أحلى من كدة حلاوة يا عاشق الكلمة.. الراجل ده لو كان قدامي وهو يقول هذا الكلام لكنت بوست إيده ورجليه كمان لمجرد بس أنه قدر يوصل لهذا المستوى من الوعي في عالم مكتظ بالأبقار من كل شكل ولون. قالها لك بالمفهوم الصريح أن خطيئة آدم مش بالمفهوم التقليدي المتعارف عليه! بصراحة سبق المسيحيين المهابيل في وعيه وتطوره الذهني والوجداني. هو بعقليته هذه لا يختلف عن حبيبنا أبو بكر الرازي وأبو العلاء المعري وغيرهم وغيرهم.. مع مثل هؤلاء أجد اندماج نفسي قوي أكبر من ما أجده مع أي شخص آخر. بالمناسبة يا عاشق.. عشان خاطرك ها أعمل لك كتاب عن لزوميات أبي العلاء لهادي العلوي وسأحتاج مساعدة صاحبي سيتا سوجيرو في هندمة الصفحات لأن اللي عندي فوتوكوبي جت لي من باريس ومش كتاب أصلي.

في ص. 38 يقول عبارات ما أجملها:

لا أرى آدم عصى الله، لكن............. شاء أن يستقل بالسلطان

يكره الحر أن يعيش على السجن ولو كان سجنه الجنان


بيتين الشعر دول بصراحة يستاهل عليهم مليون بوسة! جنان إيه بس وبتاع إيه.. آدم ده رجل الاستقلال وطز في الجنان وحبستها وكتمتها! لابد من الحرية .. لابد من الثورة.. آدم هنا رجلا الثورة.. أشم رائحة أبي العلاء المعري مرة ثانية.

ثم اقرأ معي ما قاله في صفحة 47 من الكتاب:

آه لو آمن إنسان بذاته
لأتى في الأرض كبرى معجزاته
ربما كان إلهاً في صفاته
حلّ منه الروح في كل جهاته

عزيزي عاشق الكلمة: هل تتذكر عندما قلت لك إني أسجد لله الساكن فيك؟ أتحدث معك على هذا المستوى!

شوف الكلام.. شوف الزهور وشوف الجمال يا أستاذ! بيقول لك: ربما كان الإنسان إلها في صفاته.

صدقني يا "عاشق الكلمة": الشاعر محمود أبو الوفا سبق واحد أهبل زي البابا شنودة اللي حرم الدكتور جورج بباوي صديقي لمجرد أنه آمن بتأله الإنسان كمسيحي.. والمسلم محمود أبو الوفا فاه به في زمن كان الناس فيه في ازدهار وجداني وأدبي وفكري.. أيام مجلة المقتطف وأيام أحمد شوقي وأيام اسماعيل مظهر والناس الحلوة دي كلها... الزمن اللي احنا فيه هو زمن الناس الجربانة.. عالم ولاد كلب. شنودة حرم الدكتور بباوي على فكرة قالها المسلم محمود ابو الوفا بصياغة شاعرية جميلة. هذا يبين لك يا عزيزي أن الارتقاء في الوعي لا يشترط أن تكون مسلم أو مسيحي أو تبع أي دين أو أي جماعة بشرية بل عندك واحد دقهلاوي بلدياتنا وقدر أن يصل لمستوى ذهني ووجدان لم يصل إليه حبر الأقباط بتاع الله محبة؛ هذا المتخلف الجاهل.


وعليه،

نحن أمام شاعر إنسان مدرك لقيمة الإنسان ويريد منا أن نعلم ما لدى الإنسان من قدرات وإمكانيات وأن يستغلها وأن يضرم الطاقة الموجودة داخله ويستفيد منها جلّ الاستفادة ويعمل لخير أخيه الإنسان وكذلك لخير نفسه.

سأعود عن قريب ومعي ملف الكتاب يا أخ "عاشق الكلمة" وأرجو أن تستعد للمراجعة ورائي قبل أن أرجع الكتاب لأصحابه: جامعة هارفارد "على سن ورمح" وليست أي جامعة أخرى سمحت لي باستعارة هذا الكتاب لشاعر الدقهلية "محمود أبو الوفا".

حفظك ربي من كل مكروه.

(f)