Array
يتوجب عدم الاستخفاف بالأزمة ولكن عدم المبالغة ...في أكتوبر 1987 حدث مايشبه مايحدث حاليا ....المؤشر الألماني كان 3800 نقطة قبل 5 سنوات فإذا عاد الى 4000 نقطة فليس كارثة ...غير ممكن استمرار صعود المؤشرات دوما ...داو جونز وصل 14000 نقطة و DAX الى 7300 نقطة ...اتمنى من عمر أن يكتب ويشرح لنا الفرق بين أزمتي أكتوبر 1987 وأكتوبر 2008 ....ولاداع للتهويل برأي ...
[/quote]

تحية طيبة استاذ بسام
بداية هي ملاحظة ذكية تلك حول الشبه بين الازمة الحالية و ازمة 87 خصوصا ان كلتيهما ترتبطان على هذا النحو او ذاك بالاقتصاد الامريكي - رغم ان الاولى بدأت في هونغ كونغ - فالكتلة النسبية للاقتصاد الامريكي تجعله قادر على سحب الاقتصاد العالمي كمركز رئيس نحو اتجاهاته بقوة.
في هذه الازمة علينا ان نلاحظ أولا قوة الترابط السوقي بين مؤشرين هامين هما السيولة و الطلب العقاري ، فقطاع العقار هو من اكثر القطاعات ارتباطاً بتوفر السيولة و حساسية لها ، طبعا هناك عناصر كثيرة تدخل كمحددات للطلب على العقار إلا أن مدى توفر السيولة عامل في منتهى الاهمية لان العائلات اول ما تفكر فيه عندما تتوفر لها مبالغ اضافية من السيولة هو كيف تشتري منزلاً ، و العكس بالعكس تماماً إن اول ما يتم التراجع عنه او التقصير فيه او التغاظي عنه هو اقساط شراء المنازل و الاقبال عليها عندما تتراجع مستويات السيولة ، و المؤكد ان تراجع مستوى السيولة كان عاملاً مهما في انفجار فقاعة الاسكان الامريكية مؤخراً بينما كان محرك ازمة 87 هو قطاع البرمجة الذي ولدت ازمتها بانفجار فقاعته.
من الطريف ايضا ان نلاحظ انه في كلتا الحالتين ارتبطت الازمة بسياسات جمهورية اكثر نزوعا نحو الرؤية الكلاسيكية للرأسمالية و دفعاً نحو رقابة اضعف على الاسواق و الاقتصاد عامة.
ازمة الاثنين الاسود عام 1987 التي انهارت فيها اسعار الاسهم حول العالم - علينا هنا ان نشدد حول العالم لانه ليس هناك في حالات الانهيار العالمي اسواق رئيسة تنتعش و اخرى تنهار كما قلنا اسواق المال العالمية بل قل و اقتصاد دول العالم يعمل وفق نظرية الاواني المستطرقة و لا يتوقع ان يشتري احد سهم يواصل الارتفاع فيما لديه فرصة لشراء سهم بات يباع باقل من قيمته الدفترية او ان عائده اصبح بفعل انخفاضه حول 20% مثلاً! بالتالي فإن انهيار اسهم بورصة رئيسية ما سيؤدي بالضرورة إلى تراجع الطلب في البورصات الاخرى - المهم ، كانت ازمة 87 قد استمرت من شهر كانون ثاني حتى الاول من تشرين اول وقد استغرق وول ستريت عامين ليستعيد ما فقده بعدها و كانت اسواق الاسهم الامريكية قد فقدت حوالي 20-23 % من قيمتها خلال هذه الازمة ، الحقيقة هذا اقل من معدلات الفقد التي نتابعها الآن مما يعكس مبدئيا ان حدة الازمة كانت اخف كذلك حجمها فقد فقد مؤشر داو جونز 35% مستواه الذي بلغه العام الماضي خلال اسبوع و لا نعلم الحقيقة اين سيتوقف الانهيار او متى سنبلغ القاع إلا ان سرعته و وتيرتها و حجمها القطاعي ينذر بانها الاضخم على الاطلاق.
نضيف انه في اي ازمة مالية ضخمة كما هو الحال مع هذا النوع من الازمات لا يوجد قاع يمكن ان نتخيله فيما لو ترك السوق يعمل وحده و كان درس الكساد العظيم في ثلث القرن الاول اكبر دليل عندما اندفع الاقتصاد في كساد حلزوني مكرسا الانكماش دون ان يعدل السوق وضعه كما يطرح التصور الكلاسيكي للرأسمالية و من ثم لم يكن بد من التدخل الحكومي.
لا شك اننا نعي هنا معنى ان تنهار اسعار الاسهم 25% مثلا ؛ إن معنى هذا ان سعر الشركات قد انخفض بهذه النسبة خسر كل هذا بضربة واحدة ، لو بسطنا المسألة إلى ابعد حد ممكن و تخيلناه دكاناً سعره 100 ألف دولار فهذا الانهيار معناه ان سعره اصبح 75 ألف دولار ، و عندما نقول اننا بحاجة مثلا لسنتين كاملتين و ربما اكثر في حالتنتا هذه لنستعيد ذلك السعر فلا نعتقد ان هذا شيء بسيط ، ما حدث عام 87 لم يكن مجرد انخفاض في سعر الاقتصاد المنتج بل انهيار ادى لضمور خطير في صناعة رائجة في ذلك الوقت هي البرمجة كانت تتصدر و تقود الاقتصاد العالمي ثم تراجعت كثيرا عن هذا الدور كذلك الامر اليوم بالنسبة للبنوك مع الفارق الحيوي لدور البنوك باعتبارها شبكة التمويل و حركة المال ، لا ندري هل هذا تهويل؟!!
شخصيا لا اعتقد ان انهيار الاسعار بهذا الشكل ونتائجه و من ثم التباطؤ بل لنقل و الانكماش لفترة و استغراق سنوات لبلوغ ما كان العالم عليه قبلها بل و تغير شكل العالم بكل المقاييس امر هين ناهيك عن النتائج المؤلمة التي تصيب قطاعات بعينها و استثمارات و اقتصاديات ، انه عالم لديه ديناميكية معقولة ليتجاوز نفسه لكنه و هو يفعل يخلق حجماً ضخما من الآلام و المتاعب.
تحياتي و محبتي