ردود على زميلنا البابلي ومن رأى رأيه:

1- في الحروب الصليبية:
بغض النظر عن مدى ذنب المسلمين الذي يفترضه البابلي لتبرير الحروب الصليبية. فإن الحروب الصليبية قد قام بها البابا ممثل المسيح على الأرض باعتقاد الكاثوليك، وسار بهم ممثلوه ليأخذوا بالسيف، ناسين وصية كتابهم إليهم أن لا يأخذوا بالسيف.
فإن كانت حرمة وصية كتابهم المنسوبة إلى المسيح في الساعة التي تجب فيها النصرة قد انتهكت، فمن باب أولى عندهم أن يذبح سبعين ألف مسلم في القدس وحدها كل ذنبهم أنهم يقولون ربنا الله، ولا حرمة لارواحهم بعد.

2- في نسبة فعل الحاكم بأمر الله إلى الإسلام:
قد علمنا أن الوحي قد انقطع عن الناس يوم قبض الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، وقد علمنا أن الناس في تطبيقها الإسلام قد تقترب منه وتبتعد ويبقى الإسلام هو الحكم على الناس وليست الناس الحكم عليه. وقد علمنا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للعرباض بن سارية، حيث قال العرباض بن سارية: وعظنا رسول الله r يوماً بعد صلاة الغداة موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجات منها القلوب. فقال رجل: إن هذه موعظة مودّع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال: "أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن عبد حبشي، فإنه من يعش منكم يرى اختلافاً كثيراً، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ".

فكل أمر من الناس بعد الصحابة يخالف هدي الرسول وخلفائه الراشدين إنما عو أمر ضلالة، سواء أكان من معاوية أم من الحاكم بأمر الله أو من عبد الحميد الثاني.

وقد استنكر زميلنا البابلي أمر نسبة الحروب الصليبية إلى المسيحية لكون فعل الناس قد لا يمثل الدين بالضرورة، رغم اعتقاده وقومه بأن روح القدس عليه سلام الله لا يزال يوحي إلى من يختار الرب منهم إلى اليوم، ولم يتمثل زميلنا ذات الصنيع حين رمى المسلمين بما يفعل بعضهم، رغم اجتماعنا على عدم نزول الوحي على أحد بعد الرسول المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وآله.

3- الظلم:
وقد وقع من الدول المتعاقبة في العالم ظلم على العباد كثير، ولم يكن الظلم خاصا بطائفة معينة حين وقوعه، فحين ظلم حبيبنا الحسين بن علي عليهما السلام وقتل في الطف، نسي الزميل البابلي أن من أشار على يزيد الفاسق بتولية الخليع ابن زياد على الكوفة إنما هو سرجون وما أدراك من سرجون. فالظلم يقع من الجميع وعلى الجميع، وإنما أنزل الله الدين ليرفع به ظلم الناس بعضهم لبعض، وظلم اإنسان لنفسه، وظلم الإنسان لربه، فإن أبى إلا أن يظلم بعد ذلك فما ذنب الدين؟

4- القرآن والإسلام والقتل والقتال:
يظن الزميل البابلي أنه بمنعه للقتل والقتال فإنه هناك يحقق منفعة للبشر. لا عزيزي، يؤسفني أن أقول لك أنك مخطئ، فلم يسجل لنا التاريخ مذ وجد الإنسان سنة قد خلت من القتل والقتال بين البشر. فهي سنة الله في خلقه، وخلق البشر على الأرض وطبع فيهم القتل والتقاتل، والدفع والتدافع. بل إنه عز وجل قد جعل ذلك سنة في الحياؤ جميعا من الفيروس إلى البيراميسوم إلى الديناصور إلى الإنسان، بل وحتى في النباتات. وقد خلق المولى تبارك وتعالى في الأحياء الغير عاقلة ناموسا طبيعيا يزجرها عن إفناء نوعها، ويجعل توازنا ببين تقاتلها وتكاثرها، أما الإنسان فلكرامته على الله فقد أنزل الناموس إليه ليختار كيف يسير حياته وفق الناموس أم وفق غيره. ولأن القتل والقتال والتقاتل أكر فطري في الإنسان لا يمكن دفعه، فقد نظمه المولى عز وجل ولم يلغه، فلو شاء إلغاءه لمنع وجود الدافع الفطري له ابتداء. إقرأ إذا شئت:
(ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز*)

5- بنو إسرائيل والعقاب الإلهي:
يرتضي البابلي أن يعاقب الله الوثنيين لكفرهم بالله ولإجرامهم بحق أبنائهم وغير ذلك على يد بني إسرائيل لما أن ارتضاهم الله للشهادة على الأمم حين أسلموا وأحسنول وصدقوا وصبروا، ولا يرتضي أن يقوم الله بالمثل بإخراج الأمة الأمية حين أسلمت لله وصدقت وأحسنت، وأن يجعلها تعاقب من أساء واستعبد الناس وجعلهم شيعا يذيق بعضهم بأس بعض. فإن قال زميلنا ذلك دور قد انتهى وختم بخروج المسيح، نقول له أننا لا نسلم لك بهذا، فهو أمر متنازع عليه، فما المسيح عندنا إلا خاتما لرسل بني إسرائيل، وما جاز أن يفعله الله قبل المسيح جاز أن يفعله بعده.

6- الحروب الصليبية ونصارى الشرق:
نذكر البابلي أن أحد أهم الحملات الصليبية قد انحرفت عن طريقها المرسوم، واحتلت القسطنطينية حاضرة الروم الشرقيين آنذاك، وفعلوا بها الأفاعيل، واضطهدوا رهبانها وكهنتها واغتصبوا راهباتها وأراملها الواتي قد وقفن أنفسهن على خدمة الكنيسة والمسيح. ومن أجل ذلك الفعل رفض كبير بطاركة اليونان أن يستقبل بابا الكاثوليك، إذ حمله مسؤولية سقوط القسطنطينية باردة بيد العثمانيين فيما بعد.

7- الصليبيون والكعبة والمسجد النبوي:
ينسى البابلي أن الغادر الفاجر أرناط قد قتل حجاج بيت الله إبان إحرامهم حين مروا قرب قلعة الكرك، ونسي أن الصليبيين قد أرسلوا حملة فعلا على الميدنة المنورة، ولولا أن جند المسلمين قد أدركوهم بينبع وهزموهم لوقع ما لا يحمد عقباه في حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

8- المسلمين البوسنيين والألبان وصرب بلادهم:
ابتداؤ عزيزنا البابلي، فإن البوسنيين والألبان هم أهل البلاد الأصليين، والصرب طارؤون عليهم، دخلاء على بلادهم. ومهما كان، فإنه كما يحق لديك أن يتحالف الصرب مع الإنجليز المجرمين لتحقيق أغراض سياسية ما، فإنه يحق لغيرهم أيضا أن يتحالف مع الألمان أو الطليان لتحقيق أهداف سياسية أخرى، مع تحفظي الشخصي على هذا التحالف، إلا أننا قد استخدمنا قياس البابلي على نفسه.
وأما مسلمي القوقاز، فلا حجة للروس في أخذ بلادهم، ولهم أن يدفعوا الروس بما شاؤوا من وسائل قتال، فهم لم يسلموا للروس يوما بالتابعية، ولا ألزموا أنفسهم بميثاق معهم.
وإن كان قد نسي البابلي فلأذكرنه.
كانت البلقان جميعا جزءا من ولايات الدولة العلية السنية المعروفة اليوم بالدولة العثمانية، وحين احتدم الصراع الدولي على تركة الدولة إبان ضعفها، دعمت روسيا أصحاب القومية السلافية في البلقان حتى يثوروا ويؤسسوا دولا لهم مستقلة، وطبعا لأن حامية المسلمين حينذاك وهي الدولة العلية السنية قد كانت ضعيفة، لذا لم يكن لمسلمي البلقان من ذلك التقسيم إلا الذبح والتشريد والتقتيل على يد الصرب والبلغار وغيرهم من قوميات البلقان، إبان حروب البلقان الشهيرة قبيل الحرب العالمية الثانية.
وحين ملكت إنجلترا وحلفاؤها البلاد بعد الحرب العالمية الأولى، أسقطت المسلمين من الإعتبار السياسي في البلقان، وجعلت أمر ولايتهم إلى الصرب غالبا يسومونهم سوء العذاب يقتلون أبناءهم ويستحيون نساءهم. ثم ينكر البابلي على مسلمي البلقان بعد ذلك تحالفهم مع ألمانيا.
مع عدم اتفاقنا مع العقلية النازية، إلا أنني لا أعلم أين تحرشت بنا المانيا، سواء أكانت القيصرية البسماركية، أو النازية الهتلرية؟
بل إن من تحرش بنا هم دعاة التحرر في بريطانيا وأمريكا وفرنسا، فأجلبوا علينا بخيلهم ورجلهم، وقاتلونا وقتلونا، ونصبوا علينا دمى لا تخاف الله ولا ترقب في مؤمن إلا ولا ذمة، فلماذا بعد ذلك علي أن أكره ألمانيا وأحب الحلفاء؟؟

9- الأندلس وجزائر المتوسط:
تذكروا من الأندلس الإبادة
طبعا قد جرت عادتي أن أضع هذه العبارة بالخط الأكبر هنا، لأنه لم يشهد التاريخ لا في قديمه ولا في حديثه ما شهده في الأندلس عشية سقوط غرناطة، أو في جزائر المتوسط عشية سقوط صقلية. وكل ما يبرر في الدنيا ليعجز عن تبرير جريمة فرديناند وإيزابلا والبابا حينذاك، والبابا الذي عاصر سقوط صقلية، ذلك أن القوم قد أعطوا بأيديهم ولهم قوة، وعاهدوا عهدا. فلحس الأقوياء العهد وقتلوا الناس وأكرهوهم على ترك دين الله تحت طائلة الحرق والخازوق ومحاكم التفتيش.
أما من يقول أن هؤلاء عرب محتلون، فنقول له إن الإسبان قد سموا العرب بالمورو، والإسبان المسلمين بالموريسيكيين تحقيرا لهم وتمييزا. وفي حين طرد العرب إلى المغرب، استبقي الموريسيكيون ليتم تنصيرهم بالاكراه.
قولك بأن الأندلس قد أعادها أهلها من المحتل العربي غير دقيق، فأهل البلد كانوا مسلمين، وقد أكرهوا على التنصر.

ملاحظة، اسم الزميل الدارقطني، هو على إسم أحد أئمة علم الحديث، وهو الإمام الدارقطني صاحب المستدرك على الصحيحين رحمه الله تعالى.