ما تحدث عنه الزميل خوليو

هو شكل من أشكال الزواج التقليدي أصبح نادرا جدا هذه الايام حتى بين العائلات المتدينة والمتعصبة والتي يقرر يقوم الاب فيها بإعطاء نفسه الحق بالوصاية والتقرير بالنيابة عن ابنته ولا يرى فيها الزوج عروسته إلا بعد حفل الزفاف.

هذا الشكل لا أنفي وجوده خصوصا في بعض المجتمعات الريفية والبدوية ذات الطابع القبلي العشائري المتزمتة والتي يريد من خلالها بعض الآباء (أن يرفع بها خسيسته) والتعبير هنا هو لأعرابية كان ابوها يرفض كل المتقدمين لها ، لكنه ليس هو الشكل الشائع أبدا للزواج التقليدي حتى داخل هذه المجتمعات لأنه سيكون مرفوضا من قبل غالبية شباب المجتمع الذي لن يقبل أن يرتبط بامرأة لا يعرف عنها شيئا ، ربما كان شائعا قبل 50 سنة لكنه لم يعد كذلك الآن، خصوصا أنه يتصادم حتى مع المفاهيم الفقهية والثقافية الاسلامية التي تلزم رب البيت بالمشاورة وأخذ الموافقة المسبقة للفتاة ، وهنا أجد نفسي أتفق مع الزميلين خوليو وشهاب الدمشقي في رفضه ومحاربته

لأن حرية الإنسان في اختيار شريك حياته هي حق مقدس ولا يجوز ابدا المساس بها ما لم يقرر هو بنفسه طوعا أن يتنازل عن هذا الحق ويفوض به غيره ، وعدى ذلك فالقاعدة القانونية المعروفية تبقى هي الأصل والتي تنص على انه (إذا حضر الأصيل بطل الوكيل)

وللعلم يا زميل خوليو فالشكل الذي تحدثت والزميل شهاب الدمشقي لكم عنه هو الشائع حتى في بلد مجتمع محافظ جدا مثل السعودية وعند أكثر العائلات الشيوخ الدينيين تشددا حيث يتم ترتيب جلسة أو عدة جلسات على انفراد بين الشاب الذي يقوم بزيارة عائلة الفتاة مع أحد والديه أو كليهما مع الفتاة بالطبع يتم ذلك الانفراد في غرفة يكون بابها مفتوحا أو في آخر الصالون إذا كان كبيرا ثم في وقت لاحق إذا حصلت الموافقة المبدئية تحصل الخطبة والتي يتحدث فيها الخاطبون ساعات طوال يوميا على الموبايلات هذه الايام وهذه الخطبة قد تمتد شهورا وقد يحصل خلالها ما سبق واشرت اليه من احتمال اكتشاف احد الطرفين ان الشخص الاخر ليس لديه الحد الادنى لمواصفات الشريك المطلوب.

Array هذه "الثقافة التسليعيّة .. الحرملكيّة .. التقليديّة" أدّت لتكريس "الشخصيّة الحريميّة" .. وهي الشخصيّة التي تتميّز "بالعطالة" وبمحدوديّة "فاعليّتها" والتي تقيّم ذاتها من خلال كمّ "الراغبين" بها لا من خلال موقعها من الحياة .. فالهدف "الحريمي" بالنهاية ومنذ "البلوغ" ينحصر بالـ"سترة" و"الزواج" وانتظار فارس "الأحلام" من على صهوة حصانه ومن ثمّ التكرّس في خدمة الأسرة .. وطريقة "الزواج التقليدي" ما هي إلا تعبير عن هذا "التهميش" لشخصيّة المرأة .. تبقى هي "المرأة" الحرملكيّة .. التي تنظر "للزواج" على أنّه خطوة جديدة لتكريس هذا المفهوم "الحرملكي"ويبقى تقييمها لكلّ التجارب الحياتيّة التي مرّت بها قبله على أنّها تجارب "مرحليّة" نحو الهدف المنشود .. الزواج .. الجنّة .. وتبقى هي المرأة "السطحيّة" "المستسلمة" لموقعها في هذه الحياة .. والخاضعة (وبأحسن الأحوال المتأثرة سلباً) بالثقافة الاجتماعيّة السائدة ..[/quote]

والله يا زميل خوليو إذا كان هذا هو خيار الفتاة الذي يسعدها والطريقة التي تريد أن تحيى بها حياتها فيجب ألا يجبرها أحد على خيارات أخرى يرى أنها أفضل لها طالما أنها أرادت ذلك وارتضته لنفسها ، وكما يقال في الانجليزية

This is the life (he/she) choose

التعليم العالي مثلا يفتح مدارك الإنسان ويزيد من فهمه للحياة ، لكن ليس كل الناس في الدنيا يختارون أن يكملوا تعليمهم ولا كل الناس يسعدهم أن يسيروا بهذا الطريق وليس كل الناس ولا حتى أكثر الناس يريدون أن يصبحوا مثقفين ويهمهم ان يبحثوا عن اجابات لأسئلة الحياة الكبرى في شتى المجالات