Array

نبدأ بما تيسر من سورة البقرة

"ألم"، أثارت هذه الحروف ما أثارته على مدار السنين، وقدم المؤرخون والمسلمون والمستشرقون محاولات كثيرة. والمسيحيون أيضاً قدموا لها بعض التفاسير. وما زالت مستعصية. وهذا يدل على أن في القرآن غموض.

"ذلك الكتاب".
أي كتاب؟! القرآن؟ّ! لم يكن كتاباً بعد؟! عما يتحدّث!؟ لربما ذكِر ذك في السورة السابقة له؟! لكن ما هي؟!

[/quote]

الزميل ابن العرب
تحية طيبة
أما (الم) تفسيرها في الآية الثالثة (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)، فليست كل آيات القرآن قد جاء تأويلها في زمن نزولها بل منها ما هو غيبي يظهر تأويله متزامنا مع تحققه واقعا، فليس من الحكمة أن يكشف عن الغيب قبل حلول أوانه.
ذلك الكتاب : إشارة إلى الهدى الموثق، استجابة لطلب الهدى في سورة الفاتحة (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)، فأنت إذا كنت في مفترق طرق وسألك ضال عن الطريق ،فإنك ستشير إلى هدفه فتقول : اتبع تلك الطريق. فالكتاب هو سبيل الهدى المشار إليه ، وليس بالضرورة أن يكتب في الورق ليسمى كتابا، وليس بالضرورة أن يكون مكونا من عشرات الصفحات ليسمى كتابا، فالكتاب يطلق على أي شيء مكتوب حتى لو كانت كلمة واحدة أو جملة واحدة.
لماذا الكتاب تعبير عن الهدى؟
لأن الشيء إذا لم يكتب فهو عرضة للنسيان ، أما إذا أردت تذكره فاكتبه، لو أنك اتصلت بصديقك وطلبت منه أن يملي عليك أرقام تلفون زميل فإنك ستسجل الأرقام لكي لا تنساها، كذلك الرجل الذي طلب منك أن ترشده لو أجبته وقلت له : خذ يمين ثم شمال ثم بعد 3 إشارات لف يمين ثم بعد 5 كيلومتر ادخل نفق ثم جسر ....
لو لم يكتب إرشاداتك في ورقة فقد ينساها ويضل الطريق.
إذن فألنسيان يؤدي إلى الضلال، وخير وسيلة لتفادي النسيان هي الكتابة (الكتاب).
لَا رَيْبَ فِيهِ : تطمين لطالب الهدى، نعود للمثل الذي ضربته لك:
رجل يقف في مفترق ثلاث طرق، علم أن إحداهن مقطوعة بسبب فيضان النهر ، وعلم أن أخرى مغلقة على بعد 100 كم، وإحداهن سليمة توصله إلى مقصده ولكنه لا يعلم أيهن السليمة، فالرجل يريد يقينا مؤكدا لكي لا يضيع وقته فيسلك طريقا خاطئة، لو أرشدته إلى مبتغاه فهو لن يطمئن لك إلا إذا أكدت له وأزلت تخوفه بأن هذه بلا شك هي طريقك (لا ريب فيه)، والريب هو الشك مع تخوف، فإذا طمأنته وأزلت تخوفه فإنه سيهتدي ، إذن الطمأنينة تحقق الهدى . لذلك جاءت بعدها: (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ).
المثل الذي ضربته لك يماثل ما جاء في سورة الفاتحة، طالب الهدى أمامه ثلاث سبل :
1 سبيل المغضوب عليهم.
2 سبيل الضالين.
3 سبيل المنعم عليهم.
هو يريد هذا السبيل الأخير ولاكنه لا يعرفه، فهو يخاف أن يسلك سبيلا لا يعرفه مخافة أن يضل أو يشقى ، فهو محتاج إلى هدى لا ينسى مبني على الطمأنينة.

لولا ضيق الوقت لتابعت.