بصرف النظر عن محتوى المناظرة والتى لاأعتقد أن بها شئ جديد ففكرة المناظرة دائما تستهوينى ووجودها فى مجتمع دليل على تحضره وتقدمه فبدلا من مبارزات الفرسان وطلقات الرصاص وتهريج الخدامين بتاع العصور الوسطى تمكنت بعض المجتمعات من التوصل لتلك الصيغة الحضارية لحسم خلافاتها بحيث يكون الإنتصار ليس من نصيب من يمتلك سلاحا أقوى ولكن لصاحب المنطق والحجة.

أثناء الإنتخابات الرئاسية بمصر عرض أيمن نور على مبارك مناظرة تليفزيونية مشابهة لمناظرات الرئاسة الأمريكية لكن مبارك وبمنتهى البساطة والوقاحة رفض لعدة أسباب;

1-مبارك كنتاج طبيعى للمؤسسة العسكرية يعتقد أن مواجهة شخص فى مناظرة عامة فيها إنتقاص من هيبته ومكانته وهو لاينظر لأيمن نور كند ومنافس له ولكن كعيل تافه من ضمن رعيته وهو لن يضع نفسه فى مواجهة مع شخص كهذا!

2-مبارك ينظر لعملية المنافسة فى إنتخابات الرئاسة على إنها تمثيلية سخيفة عليه أن يقوم بها لسد الأفواه التى أنفتحت عليه فجأة من الداخل والخارج لكنه ليس على إستعداد أن تتحول تلك التمثيلية إلى شئ يشبه الحقيقة ويجد نفسه يقف أمام عيل كأيمن نور ليدافع عن سياساته خاصة وأن مسألة فوزه أمر مفروغ منه!

3ـ مبارك كأى حربجى ليس لديه أى قدرة حقيقية على خوض مناظرة مع أحد يقوم فيها بتفنيد الإنتقادات الموجهة له وشرح سياساته والدفاع عنها وحشد التأييد الشعبى لها وكل مايعرفه ويجيده هو إستخدام الأجهزة الأمنية والمحاكمات العسكرية والبروباجندا الطفولية السخيفة والكذب المفضوح من خلال جهاز إعلامى يسيطر عليه سيطرة مطلقة وعدا ذلك سيضرب لخمة وهيتمسح بكرامته الأرض حتى ولو كان فى مواجهته مناظر متواضع المستوى كأيمن نور!

لو كان لدى مبارك ذرة ثقة بالنفس وقدرة حقيقية على الدفاع عن سياساته ورغبة حقيقية فى إرساء أعراف وتقاليد ديمقراطية بمصر كان قبل بتلك المناظرة بعد الإعداد الجيد لها والإتفاق المسبق على شكلها لكنه أبى وأستكبر وغالبا سيحل قومه دار البوار لأنه عندما تغلق الأبواب فى وجه الحوار الحضارى وحسم الخلاف عن طريق صناديق الإقتراع لن يتبقى سوى العنف وطلقات الرصاص والأيام بيننا.