Array
يا عزيزي أن المجتمع هو الذي يصنع الدين ويعيد تشكيله بما يتناسب مع افكاره ورؤاه في الزمان والمكان ..

هل مسيحية العصور الوسطى التي نشأت في سياق تاريخي صدامي والتي أنتجت مجازر الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش هي ذاتها مسيحية التسامح والمحبة اليوم ؟ .. وهل مسيحية مصادرة العقل التي حاكمت غاليليو واحرقت كوبنر نيكوس بتهمة مخالفة الدين هي ذاتها مسيحية اليوم ؟ ..

هل المسيحية التي ثار عليها التنوير الغربي ووجد فيها ممانعة فكرية وثقافية وسياسية ضد التحديث والتطوير هي ذات مسيحية اليوم !؟ ..

تذكر يا عزيزي أن العقل البشري بتجربته وخلفياته الفكرية والانسانية والنفسية هو الذي يصنع النص وليس العكس .. فالعقل البشري الذي اكتشف في القرآن عنفا وانتج شخصيات تؤمن بالعنف مثل اسامة بن لادن وابو قتادة الفلسطيني وابو مصعب الزرقاوي هو ذاته الذي اكتشف في القرآن تسامحا وانتج شخصيات تؤمن بالتسامح واللاعنف مثل جودت السعيد وعبد المتعال الصعيدي وحسن الترابي وطه جابر علواني .. وقل ذات الأمر بالنسبة لأي ديانة في العالم ..

التجربة البشرية بحلوها ومرها هي التي تنتج الدين لا العكس ..
[/quote]

مساء الفل يا شهاب..

مع أني ضد الحروب الصليبية ولكن ما الذي أنتجها يا أستاذنا شهاب؟ ألم تنتجها بلطجة المسلمين وسطوهم على الحجاج القادمين إلى فلسطين؟ لو قرأت أي مرجع أوروبي وبدأت من حيث بدأت الحروب الصليبية لوجدت أن الباديء هنا كان المسلمين.. أنا أهلي مسلمين يا شهاب وليس ببساطة أقول هذا الكلام. ولكن الحق ينقال ولو على الرقاب.

وأنا لا أعني المسيحية الصدامية بطابعها الأيديولوجي السياسي ولكن أقصد في حالتها الخام على مستوى الإيمان الشخصي. وأنت سيد العارفين يا أستاذنا أن المسيحية في جوهرها الحقيقي ليست أيديولوجية أو حتى ديانة ولكن هي ضرب من ضروب الروحانية. الإسلام في المقابل هو أيديولوجية وفتح مكة شاهد قوي على ذلك "وإذا جاء نصر ا لله والفتح..." وصار الدين فاتح طائح برقاب العالمين طوعاً أو كرها... هل في المسيحية بكل ما فيها من عيوب يا عزيزي شهاب نغمة "كرهاً" هذه والتي تميز الروح الإسلامي؟

وهل العقل البشري وحده من أنتج أسامة بن لادن؟ أي عقل؟ العقل الآخذ بالسور المدنية؟ المشكلة يا شهاب أن أكثر المسلمين لا يعرفوا أي شيء في الإسلام وما إن يتوغل الواحد فيهم في الإسلام حتى ترى العجب العجاب وما تخشاه... كثيراً ما أسعد بلقاء المسلم لأنه شرقي وابن بلدي ولكن ما إن أعرف أنه تدين أخشى وأرتعب من سريان هذا السم المسمى إسلام في أوصاله والذي سيجعله مؤمن بالولاء والبراء ويثأر لله ورسوله....

الشخصيات المتسامحة البارزة التي ذكرت هي أصلاً يا شهاب ذات طبيعة طيبة بصرف النظر عن الدين الذي نقلوه عن أجدادهم كابراً عن كابر.. أب عن جد. أيضا ضع في البال أمر هام وهو أن الدين بالنسبة لهؤلاء هو جزء من الـ هـُـوية وبالتالي هو يسعى لإعادة تعريفه وإعادة صياغته ولا عجب أنهم من جراء ذلك يلاقون النبذ والقتل والبتر لأنهم شواذ عن الإسلام الحقيقي. تعرف يا شهاب.. لو أن الإسلام وقف على مرحلة مكة ولم ينتقل للحقبة المدينية ومرحلة الأدلجة لما هالني من الأمر شيء.. أنا معجب بمحمد صاحب غار حراء في إخلاصه وطاعته وأمانته. ولكن الأمر يا شهاب لم يقف عند غار حراء. ومعظم المسلمين المتبحرين يعرفون ذلك. هذه النخبة اللامعة مثل جودت السعيد والترابي وطه جابر علواني تكتفي بمرحلة الإسلام المكي وكأن القصة كلها تتمحور حول حدث غار حراء ولم يتقدم بمحمد التاريخ لما هو أكثر من ذلك. لم يولد بن لادن من فراغ يا شهاب.. وسيظل يولد من جديد ويجدد شباب الإسلام ويجدد لنا تعريفات "الصحوة الإسلامية" والتي تكتسح العالم بأسره الآن وبكل أسف..


كل سنة وأنت طيب.