Arrayتماماً وكما كان متوقعاً، فقد تعالت صيحات الإعجاب من قبل جمهور المأزومين والمحتقنين والمولعين بالنفاق طرباً لحذاء "الزيدي المنتظر" الذي عبّر عن مكنون صدورهم المفعمة باليأس والخيبات، وهذه ليست المرة الأولى التي يطرب فيها الأعراب لكل ناعق ودعيّ ومغامر، حتى لو كان الثمن من سمعتهم ومستقبل ذويهم، ألم يصفق هؤلاء من قبل لصدام حسين حين كان يخوض حروباً عبثية دفع ثمنها العراقيون من دمائهم وقوت أبنائهم، وهم أنفسهم الذين صفقوا للعقيد الليبي وهو يبدد ثروات بلاده بسفه جرياً وراء نزوات نووية تارة، وأخرى ثورية، وعنترية دائماً، وهم أيضاً الذين صفقوا لعبد الناصر حينما زج بخيرة أبناء مصر في حروب اليمن والجزائر وواق الواق، حتى حاقت بمصر أبشع هزيمة في تاريخها الحديث، واحتلت إسرائيل ثلث مساحتها، ومع كل ذلك لم نتعلم من خطايانا وكوارثنا، بل اكتفينا بلعبة التبريرات السمجة التي صارت سمة رئيسية في ثقافتنا ومنطقنا ولغتنا اليومية.
تخيلت لأول وهلة أن صدام حسين هو الذي كان يقف مكان نوري المالكي إلى جانب جورج بوش، وسألت نفسي: ترى هل كان يجرؤ الزيدي أو غيره أن يفعلها؟، أخذني هذا السؤال إلى منعطفات جديدة، فهل كان يجرؤ أي صحافي في أي بلد عربي آخر أن يفعلها مع حاكم بلاده؟، ولن أجيب، فيمكن للجميع أن يتوقعوا ماذا كان يمكن أن يحدث لهذا الصحافي ولعشيرته بأسرها، وهناك عدة سوابق في وقائع أهون شأناً لازالت حاضرة في أذهان الجميع خاصة في عراق صدام. [/quote]

أخي العزيز أورفاي:

تحياتي لك...

نبيل شرف الدين صديق وأخ عزيز أحبه وأحترمه جداً وأتصل به بالتلفون وله مكانة خاصة جداً في قلبي. يجب التأكيد على هذا أولاً.

ثانياً، أرى أنه صاب جام غضبه على الشعب الغاضب ويستنكر عليهم غضبهم مع أنه كان أحرى به أن يعيش معاناة هذا الشعب ويتضامن معهم في غضبهم وهو يعرف معرفة جيدة أسبابه وسبب هذا الانفجار البركاني كما ظهر في صفعة الحذاء على جبين بوش. نعم هذا الجمهور الغاضب نقدر أن نقوله عنه كيت وكيت فيما يتعلق بصدام حسين ولكنه أخيراً غضب غضبة تضع ملامحها وبصماتها على جبين التاريخ، الأب الروحي للجنس البشري. نبيل يتحدث عن سمعة العرب وتفسيري لهذا أنه خجلان منهم وأقول له أن لا تخجل يا عزيزي نبيل بل من المقبول دائماً للطبيعة نفسها، أمنا جميعاً، أن تنفجر انفجارها العظيم في البيج بانج والثورات البركانية المختلفة ومنها "تولد" الحياة وتتجدد. لأننا نخشى ما يقوله الناس علينا من الناحية الحضارية نستنكر الغضب وما استنكرته الطبيعة نفسها في ذلك اليوم المشهود والذي حدث فيه هذا الانفجار العظيم "البيج بانج" ومخاض الطبيعة الذي يحدث تقريباً كل ثانية من لحظات وجودنا البشري. لا يجب يا جماعة الخير أن ننتظر من فتاة تعرضت للاغتصاب أن تبتسم طوال الوقت وعندك وطن بأكمله تعرض للاغتصاب من بوش على الطريقة التكساوية ونظام أهل تكساس بأسلوب الدون كيخوته والبلطجة ونريده حياً أم ميتا وسائر هذه الممارسات المعهودة عن من يزعمون أنهم أحفاد الكاوبوي وهم قطط مسمنة متخمة مدللة لا تعرف سوى القصور وترفها وبذخها كما في حالة بوش. نعم نتعشم للعرب أن يفعلوا مثل ذلك مع العقيد القذافي وغيره وغيره مع من يبددوون ثرواتهم ولكن هذا لا يعني أننا ننكر عليهم الغضب إزاء أوطانهم المغتصبة وحينما يذهب بوش وبكل بجاحة ويقول لهم في هذا اللقاء الصحفي إن غزو العراق كان مؤلماً ولكنه كان ضروري لضمان أمن أميركا. قال هذا بالحرف الواحد. قاله في العراق ويقوله هنا في أميركا مراراً وتكراراً. أريد لمسيحي من أبناء الحزب اليميني المحافظ من عبيد بوش أن يشرح لي كيف ضمننا أمان أميركا بغزو العراق؟ اغتصاب بلد حتى ما نحافظ على أمان بلد أخرى؟ أي عقل هذا؟ يقولون بالانكليزية: to rob Peter to pay Paul أي نسطو على بطرس حتى ما نسدد ديوننا لبولس. لا أعتقد أن نبيل صاحبي يوافق على أخلاقيات كهذه.