عزيزي ابراهيم
تحياتي

أعرف تماما الأهداف الحقيقية وراء الغزو الامريكي للعراق، ولدي ملفان ضخمان ورقي وألكتروني عنه مازالا يزدادان تضخما مع الأحداث.
والغزو، كأي غزو، لابد من مبررات، فعندما غزا صدام الكويت كانت الذريعة النفط الذي شفطه حكامها بحسب الدعاية الصدامية، ولما استنكر العالم هذه الفعلة الدنيئة، تحول الأمر الى استجابة لدعوة كويتين قاموا بالثورة على آل صباح. وحتى يكتمل الحفل جاءوا بكويتي خريج العراق على أنه قائد الثورة وأحاطوه بعشرة أشخاص من الـ (بدون) كأعضاء في مجلس قيادة الثورة.
وقد وجد بوش الذي بدأ فترة ولايته الأولى معتزلا السياسة الخارجة مركزا اهتمامه نحو الداخل نفسه مجبرا على الخروج لمحاربة أخبث عصابة وأقذر جماعة دينية في محيطها وبيئتها الحاضنة، وكان الهدف هو السعودية التي لا يصدر منها إلا الشر، لأن من الصعب غزوها مباشرة وفيها الحجر والبئر اياهما، فوقع الاختيار على العراق فهو آنذاك يمثل الخاصرة الضعيفة، إذ يحكمه دكتاتور مكروه داخليا ومنبوذ من جميع الجيران، حتى الجار الأردني الذي ابتزه طويلا ونهب منه كل ما خف حمله وغلا ثممنه أدار وجهه عنه.

انني أعيش ليس بعيدا عنك، وكنت مليئا بالأمل أن تجعل أمريكا من العراق يابان ثانية، ولكن سرعان ما تبددت الآمال والأحلام، حيث تكالب القريب والبعيد على العراق لإجهاض تطلعات العراقيين الى بناء تجربة ديمقراطية يستظل بها الجميع، لأنها ستشكل تهديدا جديا للأنظمة المجاورة، وهكذا تحول العراق مرتعا لمختلف أجهزة المخابرات العربية والاجنبية، وفتحت الأردن وسوريا وايران والكويت والسعودية حدودها لعصابات القاعدة والتيارات الاسلاموية المتطرفة ليجدوا الملاجئ الآمنة التي وفرها لهم أيتام العهد المقبور والطائفيون المتضررون من سقوط الصنم.
هذا دون أن ننسى الأخطاء الأمريكية الفادحة لاسيما حل الجيش وتسليم الحكم الى أحزاب اسلاموية متخلفة وعديمة الخبرة في كل شئ.

انني مازلت على قدر كبير من التفاؤل ان العراق سيجتاز هذه الغمة ويستعيد أنفاسه من جديد، خاصة مع تواتر الأنباء عن تفكيك شبكات الارهاب ومقتل رؤوسها الاجرامية وفرار من تبقى من فلولها الى الخارج.
بالأمس قرأت عن فوز موسيقار عراقي بجائزة رفيعة في لبنان ووصول رواية عراقية الى القائمة الذهبية لجائزة الرواية العربية. ان شعبا يبدع وهو يتلقى الطعنات يوميا من أشقائه، ويواجه أعتى جرائم القتل الطائفي بالاقبال على الحياة والحب والجمال لهو شعب قادر على النهوض وصنع المستحيل.
انني أتحدث عن شعب عريق كريم وليس عن زبالة تعودنا منها الهتاف لكل جزمة وحذاء.