مرحبا بإبن بلدي زكي العلي (عراقي بابلي)
لطالما استمتعت بقراءة ردودك التي تتسم بالعمق و السبك الجيد مع الاخلاص في الطرح. و وجدتك تعبر عن الكثير مما يجول في خاطري , فالذين عايشوا الطغيان و تجرعوا مرورته حتى الثمالة , و كانت نياط قلوبهم تتقطع لرؤية ما يفعله صديم بالعراق الغالي , هم و هم فقط يحسون بمشاعر الامتنان لما فعله بوش عام 2003 .
يا سيدي .. إن أسعد ثلاثة أيام في حياتي هي : يوم سقوط النظام البائد , و يوم إلقاء القبض على الجريدي , و يوم إعدامه (شنقا) , و هذا الشعور لا يمكن أن يفهمه إلا من كان ( عراقيا صميما إكتوى بصدام ) لذلك تنهال علينا تهم العمالة و الخيانة و النذالة .. رغم أنني و الله على ما أقول شهيد لا مصلحة لي إلا مع العراق , و لا ولاء و لا حب في قلبي إلا للعراق.
يا سيدي إن الأجيال العراقية الجديدة و منهم أولادي و أولادك يستغربون طروحاتنا فكيف بمن كان ليس عراقيا أصلا.
إلا أنني أتمنى أن يكون لدي بعضا من تفاؤلك بمستقبل العراق, فالحقيقة أنني محبط جدا مما أشاهده على الساحة العراقية من معطيات لا تبشر بخير , فالشعب العراقي بكل طوائفه قد خيب جميع آمالي , و فند كل ما كنت أعتقده عن مهد الحضارات و العلوم و الشعر و الفكر. أينما نظرت على خارطة العراق أجد اليأس و القنوط , ففي بغداد و حدها يوجد مليون إنسان على أقل تقدير لا يمكن التعامل معهم إلا بالعصا , و هم قوم (مقتدة) و منتظر , و هناك شريحة واسعة في الجنوب تداهن الامتداد الايراني لأن زعماءه هم من الآيات و الحجج. و هناك زومبيات البعث اللعين و أذرعه السرطانية تعمل بإصرار تحت عنوان حزب العودة ( لا قدر الله ) في شمال بغداد, و الاكراد تحكمه أحزاب قومية لا تقل شوفينية عن حزب البعث المقبور و إلى الأبد إن شاء الله , و حكومة المالكي ضعيفة بل هي الطرف الأضعف في المعادلة , و مكبلة بدستور حرص واضعوه أن يكون قيدا على كل محاولة للاصلاح و الحد من صلاحيات ذوي الاغراض الفئوية الضيقة على حساب العراق.
الا ليت شعري .. أين موارد التفاؤل في هذه الصورة ؟؟
تحياتي لك و أكرر إعجابي بردودك


عراقي آشوري