طريف للغاية، أن نطلب من نظام ومبدأ غائب عن الدنيا منذ زمن بعيد أن يحل أزمة تسبب بها نظام ومبدأ مغاير ومنافس، بل ومعاد بشدة للمبدأ الأول.

تسببت الرأسمالية الديمقراطية العالمانية بالمشكلة الاقتصادية العالمية المتفاقمة يوميا، ويطلب من نظام الإسلام أن يجد حلا وهو ليس بعد في المجتمع والدولة، فلو قلنا أنه قد مكّن من الأمر ولم يجد حلا لهان الفرض.

الأصل أن نبحث لم سبب النظام العالمي الحالي أزمة القروض وانهيار الأسواق وافلاس الشركات، وتشرد الملايين من رعايا الدول المسيطرة المتنفذة في بلادهم، وهل سبب الأزمة هو فساد النظام الرأسمالي بذاته، بغض النظر عن صحة كل من نظام الإسلام والاشتراكية بفروعها من عدمه، أم هو فساد في التطبيق. فإن كان الفساد في أس النظام وليس في فرعه الاقتصادي، فلعله يكون صوابا أن تبدأ البشرية في البحث عن بديل، سواء من المسطور في الكتب أم بإعمال العقل لإيجاد مبدئ بديل.

حين الطلب من نظام الاقتصاد الإسلامي أن يتدخل للحل، أو لطرح ما لديه من أفكار، يتم تناسي أن هذا النظام مستند بقوة إلى العقيدة الإسلامية بل منبثق عنها، وأنه يعمل بالتضافر مع ستة أنظمة أخرى لرعاية المجتمع والدولة والأفراد والقيام على شؤونهم، وأن الأنظمة السبعة جميعا لا نفع منهم ما لم يكن مركزا لدى المجتمع الذي يريد تطبيقها أن هذه الأنظمة تطبق لأنها أمر الخالق المدبر وليس لأمر آخر.

لذا فأقول وأمري لله، هذا الفرض الطالب حلا هو فرض مغلوط لعدم واقعيته، ولعدم جديته، ولا يوجد حل منعزل عن النظام ككل، وإلا فابحث عن الحل في الرأسمالية التي سببت المشكلة دون رقع اشتراكية أو إسلامية.