الهولى كراسة ( كتاب سلنتوحة المقدس )
انا عايز أقولك انك انسان مميز جدا - ولازم تحس بكده لانك الانسان الاول فى تاريخ الانسانية اللى يقرا قصة حياتى , انا لا بحب اتكلم عن حياتى السابقة او جروحى وما المنى سابقاً , ممكن اتكلم عن انجازاتى - بس لاسف مفيش عندى انجازات ممكن احكى فيها كتير فقررت انى لا اتكلم عن حياتى السابقة تماما .
لكن فى احداث حصلت فى تاريخ طفولتى غيرت شكل حياتى , وكلمة طفولة اعنى بيها فترة التعليم الابتدائى او الالزامى واللى كان من فترة 6 سنين الى 10 سنوات - بعد ذلك انت لم تعد طفل , وهقولك انا اقصد ايه بالكلام ده لما رحت مدرسة اعدادى حكومة .. هتعرف انى بقيت رجل قوى .
المهم ان بالضبط فى سنة ثانية ابتدائى وفى يوم ابن كلب لن انساه , سألتنى الابله : يا بهاء انت معملتش الواجب ليه ؟
قولتها ببط صبى فى السادسة : انا كنت تعبان
قالتلى : طيب انت اكلت ولا كنت تعبان ؟
قولتها : لا اكلت طبعا
قالتلى : طيب معملتش ليه الواجب بعد ما أكلت
قولتها : بصراحة يا ابله , بابا طلق ماما امبارح وانا كنت تعبان من العيط
هذا المشهد يعكس حقيقة النصائب اللى عملتها بعد كده , هو انى كنت صريح زيادة عن اللزوم وكنت ارمى الكلمة ولا القى لها بالا ..
واتذكر يومها انى وضعت الفصل كله فى حالة صدمة شعورية بما فيهم الابله نفسها , وما كان منها الا ان قالتلى : يا بهاء اللى بيكذب بيروح النار , عيب تقول كده عن ماما وبابا .. ادخل ومتعملهاش تانى !
وما كان من بنت الوسخة الغبية الا ان سألت امى عندما رأتها , وتسببت انى اتفقعت علقة من امى يوميها - وكأنى انا اللى طلقتها ...
عشت فى البيت ده مأسى ومأسى من مثل هذه النوعية , ان تعاقب لشئ انت لم تفعله او كان ليك علاقة بيه او حتى ببراءة اطفال غلطت وعملته .. زى فى مرة خدت بكرة خيط وحدفتها من الشباك , مسكتنى ضربتنى ضرب يوميها !
والنصيبة الاكبر ان امى كانت مؤمنة اننا فراخ وانها الفرخة الكبيرة , ولذلك فكرة اننا نخرج بره البيت دى مرفوضة تماما .. وكانت تحبسنا فى البيت ومنتظرة مننا ان مفيش حاجة تتكسر او مثلا النجفة هتفضل فى مكانها - لان فى اغلب الاحوال كنا بنكسر اللمض بتاعتها ونخبييها ونقول انها كانت كده .... بس كنت بضرب برضه !
كنت نسرق منها العصايين ونحدفها فى الشارع , تروح تشترى عصيان غيرها وكأنها سبحان الله يا اخى بيوزعوها فى الشارع ..
لكن اقولك على شئ مش هتصدقه , على الرغم ان امى كانت بتضربنى كتير - بس كان ولا يهمنى بعدها اضحك وافرح انى جرب حاجة جديدة ... ممكن اقولك انى عندى شغف لتجربة ولطعم كل شئ ! حسيت بالموضوع ده لما بدأت اسرق واشترى نفس الاكل - حسيت ان طعمه جميل وجديد ..
موضوع السرقة ده هقولك عليه بعدين , اصل ان قصتى بنت وسخة طويلة - عشان تعرف الفاتورة اللى قدامك دى , لازم تربع كده وتنسى مواعيد الشغل بتاعتك وطفى دماغى وتستنى معاى شوية ..
اصل الحكاية طويلة , هقولك ايه ولا ايه بس
بس عارف بعد كل علقة وكل الضرب اللى كنت بأكله فى البيت ده , كنت احس ان قلبى مكسور - وان فكرة ان الناس دى مش اهلى كانت مسيطرة على دماغى طول الوقت .
تمنيت كثيرا لو انى اصحى الصبح ولا اجد احدا منهم هنا - الاقى كلهم ماتوا .. بس كانت عينى تتدمع لما افكر فى الموضوع , وكنت احس انهم طيبين وانى بحبهم كلهم .
يمكن فى تلك السن الصغيرة وصلت الى مرحلة ان اكره شخص ولا ارغب فى وجوده , لكن فى نفس الوقت احبه واتمنى له كل الخير حتى يبعد عن سكتى . تجرعت كأس المرارة يوماً فى بيت جاهل احس انى جيته غلط , وكأس الفرحة فان هؤلاء الناس هم اهلى وانى اشاركهم كل شئ ...
لكن كيف اسامح مع فعلوه فى كل سنوات صغرى ؟
سنوات اتعمد الا أتذكرها , عندما كنت ضعيفاً ساذجاً - اسال امى , فلا تستحى ان تكذب على او تفبرك الحقيقة حتى تتناسب مع مفاهميها الفراخية لتربية الفراخ . نسيت أقولك يا سيدى القارئ ان ابوى تعامل معانا على اساس أنه صحى الصبح لقى انه عنده 5 فراخ نائمين عنده , وانه مسئول عنده ! وكذلك امى فانها بفوضوية لم ارى مثلها , وبعقلية ممزوجة بكونها مدرسة رياضيات وتجالس الفلاحين والفلاحات والجهلة وازبل طبقات المجتمع فانها كانت ترانا فراخاً ايضا
بس ما علينا , كنت فى مدرسة ابتدائية خاصة - وكان الناس من حوالى من طبقة المجتمع المتوسطة . ولان الفاتورة امى كانت تحب التوفير زى عينها , يمكنك ان تتخيل منظر ملابسى وهدومى او حتى الشنطة اللى انت كنت بروح بيها المدرسة , وممكن اسمحلك تتخيل نوعية الاكل اللى كنت بروح بيها المدرسة , وتخيل ايضا منظرى وانا بأكل الاكل ده ... هتعرف اد ايه انا كنت بعانى !
وزى اى طفل كنت بعترض , بس امى بقى تشبه الحكومة As far as you concern - and by the way that'
s how i learned how the government run their business !
وكانت امى عندها سياسة المخدر , يعنى لما تلاقى الضرب عليها زائد وانا عمال اتكلم - تروح تشترى اللى انا عايزه , يا ماما صحابى بيجيبوا عصير جهينة ؟ انا عايز واحد ...
أول يوم ولا هتعبرنى , هتقولى ده مضر لصحتك كله الوان صناعية
ثانى يوم ولا كأنى بتكلم , اقعد ساكت جهينة ايه وقرف ايه , جتك القرف لما تعمل الواجب وتخلصه وتسمع الكلام ابقى اجيبلك جهينة
ثالث يوم هتروح تشترى عشان تخلص من الصداع
وخلاص انا مش هطلب تانى , وتبقى كده امى وفرت فلوس وكفرت دين امى عشان احرم أطلب حاجة تانى .. لانى لو طلبت هتفكرنى بالحاجات اللى انا كان مفروض اعملها ونسيت او كبرت , فلقيتها صفقة مش محمودة العواقب .
فسمعت فى المدرسة ان العيال بيأخذوا مصروف , وبيشتروا بيه حاجات حلوة ...
فحاولت فى مرة اشترى حاجة حلوة بالمصروف بتاعى , فأشتريت باكو شبيسى بالربع جنيه اول ما نزلت من البيت ونسيت ان دى فلوس الترامى ... وهنا خدت الصدمة الاولى ان امى بتتدينى فلوس بالضبط على قد المواصلات والكارثة انها كانت رايح فقط - يعنى نص المواصلات !
وكانت هذه الغلطة هى اللى خالتنى اقابل شخص اسمه " ذل " , قابلت المعلم لما ركبت الترام وجه الكمثرى وقالى : تذكرتك ؟
قولته : معاى اشتراك , وشورت على المحافظة
قالى : افتح المحافظة , عايز اشوف الاشتراك
ففتحت المحافظة وطبعا مكنش فى اشتراك , وتسبب الموضوع فى ان الراكبين ضحكوا - وضحك الكمثرى وفات الموضوع ..
لكن مفاتش معاى , تقتدر تقول ان الموقف الصغير ده واللى فاكر تفاصيله بالضبط حتى اليوم خلانى اتذكر دائما : انى لو عايز أنصب , يأعملها صح يا بلاش
طبعا شح أيد امى , خلانى افكر فى الحل اللى بيفكر فيها كل الأطفال وهو :
خد بيدك ما يرفض اهلك ان يعطوه لك
وامتدت يدى على كل ما له قيمة , ويمكن ان ابيعه او استفيد بيه ...
واطلق خيالك لما حدث , فقد اصبحت حرامى متخصص فى سرقة اهلى واصدقائى وانا فى الرابعة الابتدائية
وهكذا أصبحت حرامى (f)
|