أخي العزيز كميل:

مرحباً وكما يقولون "القلوب عند بعضها". اليوم تحدثت مع زوجتي عنك وقلت لها إني كنت معجب بمساحة التلاقي القلبي والإيماني بيننا ودون أن أتوقع! أكتب بعفوية ودون دراية أن هناك ناس رائعين مثلك قد يقرأون أو يتابعون خواطري المسكينة. أشكرك لمتابعتك وأشكرك لاهتمامك وتشجيعك.

الحقيقة يا أخي العزيز أني كما قال صديقنا العلماني واصفاً لي بأني الباحث دوماً وأبداً عن الحقيقة. هذا معناه أني أبحث دائما وأحاول أن أكتشف وأراجع الحسابات في كل شيء. قد يكون هناك صراع بين ما يلاحظه عقلي وبين ما يطمئن إليه قلبي وهذا ربما سبب ما يسميه البعض هنا بـ حالة الشيزوفرونيا. وهكذا كان أبو العلاء المعري مثلا والذي لم يكن ملحداً ولكنه كان شكاك وشاك في كل شيء. هذا حالي تقريباً. في الوقت ذاته أنا مؤمن بالله وأناجيه كما ناجاه طاغور وناجاه النبي محمد بن عبد الله في غار حراء وناجاه دواد في مزاميره ويناجيه الهندوسي بطريقته ويناجيه بشر من كل شكل ولون. مررت بمراحل متقلبة وكنت أظن أن المسيحي وحده فقط هو من يستحوز على الله ويعرفه ويصل إلى فردوسه ولكن مع دراسات وصداقات مع فطاحل أباء الجزويت والرهبنة الكاثوليكية وميخائيل نعيمه خجلت من نفسي ولا زلت. أسمع أنشودة بصوت الراهبة ماري كيروز وهي تنشد لله قصائد رابعة العدوية مثل يا سروري فأجدني أنشد نشيد رابعة العدوية مع الأخت ماري كيروز وعندما تنشد هي نشيد طاغور "يا سيد حياتي" أجد نفسي أنشد ذاك النشيد وبحماس وربما بدموع. على فكرة عندي السي دي لو تحب تسمعه وبكل سرور يمكن أن أرفعه لو تريد ولكن لا أريد أن أفرض ذوقي الموسيقي على أحد ولكن أحببت أن أذكر هذا بشكل عابر للتدليل على ما أقوله. سمعت كذلك عن طائفة الإسماعيلية وما فيهم من جمال وسمعت من سيدة ما تعمل في مجال الإغاثة الإنسانية عن سمو أخلاق هؤلاء القوم في بلدة كـ طاجكستان وما جاورها فأبتسم وأعرف أني نملة صغيرة بالمقارنة لكل هذه القلوب الكبيرة. تفاعلت مع إخوة خليجيين فأعجبني ما رأيت منهم من تسامح قلب وكبر نفس ونضج وابتعاد عن التعصب. ما يؤلمني هو تناحر الناس حول الله وعلى الله وكأنهم يريدون اقتسام قطعة حلوى وتجزئتها وتفتيتها فتضيع الحقيقة من بينهم. أذكر قراءاتي في كتابات المطران جورج خضر ونظرته هو وكوستي بندلي صديقه للإسلام وأجدني أحاول أن أتعلم منهما كذلك أخلاق التسامح ومساعدة أخي المسلم على أن يصل لطريق الاكتمال والكمال بما لديه من نور.


هذه كلمات مبعثرة كتبتها وخذ راحتك تتكلم معي وتسألني في أي شيء. ما أتمناه أن يكون كلامنا هدفه بناء الإيمان وبناء بعضنا البعض لأن العبرة بالإيمان. كنت أراسل شابة سعودية ميولها تصوفية وكنت أقرأ رسائلها على أحر من الجمر مرة ومرات لأنها كانت امرأة مؤمنة والإيمان يملأ كل كيانها. الإيمان طاقة جبارة. الإيمان يبث الحياة. بدون الإيمان نحن أموات. أريد أن نتحدث عن الإيمان والترحال مع الله. كفانا كلام في الفروقات والتعاطي مع الأمور بمنظار ديني أفضل من دينك ولكن ليتحدث كل دين عن ذاته كما هو ويؤخذ كما هو كـ ظاهرة أو ما يسمونه في علم الدين المقارن بالقراءة الفينومينولوجية للدين.

وخذ راحتك تناقشني وتسأل وأنا خدامك.