{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
"رأس المــــــال"، كـــــــارل ماركس
charles de gaulle 78 غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 382
الانضمام: Jun 2008
مشاركة: #3
"رأس المــــــال"، كـــــــارل ماركس


مقدمة للمترجم

الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم. نحمده و نشكره إذ أخرجنا من ظلمات الجهل إلى نور العلم، و أمرنا بالقصد و نهانا عن الإسراف، و جعلنا سواء في الانتفاع بما أفاء علينا من الطيبات و الخيرات، و حثنا على التعاضد و التساند، و لم يميز عربياً على أعجمي إلا بالعمل الصالح و التزام حدود العدالة و إحقاق الحق و كفاح الشر و الطغيان.
و بعد .. فهذا كتاب "رأس المال" للكاتب الأشهر كارل ماركس نضعه بين أيدي خاصة المثقفين من قراء العربية الراغبين في البحث العلمي العميق و في الدرس الرصين لشتى المسائل و المذاهب الاقتصادية من مراجعها الأصلية حتى يكونوا أدنى إلى فهمها و إدراك حقيقتها. و الكتاب- على ما انعقد الإجماع من جانب الأنصار و الخصوم- أدق تحليل علمي للنظام الرأسمالي من حيث نشأته، و أهمية الدور الذي لعبه في التقدم، و المتناقضات التي ينطوي عليها و التي تمهد لاختفائه ليحل محله نظام أرقى منه (1). لهذه العوامل و غيرها أصبح رأس المال إنجيل الفلسفة الاشتراكية، و مرشد الحركات العمالية الرصينة في أنحاء العالم.

و قد ترجم الكتاب إلى مختلف اللغات و تناوله العلماء بالنقد و التحليل. و مما يلفت النظر أنه ظهرت له ترجمة روسية طيبة في سان بطرسبرغ في العام 1872 أي بعد خمس سنوات من ظهوره بالألمانية؛ و نفذت النسخ المطبوعة كلها و عدتها ثلاثة آلاف في فترة وجيزة، و ذلك في روسيا القيصرية التي يحدثنا التاريخ أنها كانت دولة استبدادية رجعية و غير ذات نظام ديمقراطي أو دستور مستنير.
كانت حياة ماركس سلسلة طويلة من الكفاح المرير (2) في سبيل ما آمن به و كرس حياته للدفاع عنه. غير أن هذه الجهود المضنية لم تثنه عن البحث و الدرس و و أخيراً صدر الجزء الأول من كتابه "رأس المال: نقد للاقتصاد السياسي" (1867) و قدمه للناس قائلاً "إن هذا المؤلف الذي أقدم الآن للجمهور المجلد الأول منه استمرار لكتابي "نقد للاقتصاد السياسي" المنشور عام 1859 (3)". و لقد تلقفه الكثيرون من الاقتصاديين و العلماء بالنقد و التحليل، و برغم ما تعرض له من تأييد و استنكار إلا أن النظرية التي صاغها المؤلف اعتبرها الجميع فتحاً جديداً و ثورة جديدة في عالم الفكر. و إليك ما جاء في مقال نشر بعدد مايو 1872 من مجلة European Messenger (4) :
"تنحصر القيمة العلمية لمثل هذا البحث في الكشف عن القوانين الخاصة التي تنظم نشأة نظام اجتماعي معلوم و وجوده و تطوره و فناءه و حلول نظام آخر أرقى منه محله. هذه في الحقيقة قيمة كتاب ماركس". و في سنة 1872 ظهرت الطبعة الثانية مصدّرة بمقدمة عرض فيها المؤلف لبعض ما قيل في الكتاب. و لكن لم يمتد به العمر ليتمتع بلذة إعداد الطبعة الثالثة إذ في 14 مارس من العام 1883 مات ذلك المفكر الجبار الذي اضطر خصومه أنفسهم أن يحنوا الرأس إجلالاً أمام عظمته (5).
ليس كتاب "رأس المال" بالسهل قراءة، فهو صعب في حد ذاته لأنه يعالج بحثاً نظرياً مجرداً غاية في الصعوبة. و فضلاً عن هذا فالفهم التام له يستلزم إلماماً واسعاً بالمذاهب الاقتصادية و الآراء الفلسفية السائدة في وقت كتابته، و هذه الظاهرة لا يلبث القارئ أن يلمسها واضحة بارزة في الإشارات الوافرة في المتن و الحواشي إلى المتقدمين و المعاصرين لماركس من كتّاب الاقتصاد و السياسة و الفلسفة مما يكشف لنا بجلاء عن عمق الرجل و نزاهته العلمية (6). و من الصعاب التي تواجهنا كذلك الأسلوب الذي اتبعه حيث يبدو غريباً في نظر الكثيرين من قراء اليوم، بل أن بعض معاصريه لقي منه عنتاً. و أخيراً و ليس آخراً فالمؤلف يستعمل بعض المصطلحات الفنية في معان مختلفة مما قد يدعو إلى حيرة القارئ (7).
يتحدث الكتاب عن انقسام المجتمع إلى أغنياء و فقراء و يذهب إلى أن الدولة لا تعدو كونها لجنة تنفيذية لإدارة شؤون الطبقة الحاكمة و تأييد سلطانها. و هذه آراء غير جديدة و لم يبتكرها ماركس. غير أن الجديد في فلسفة الرجل نظرته إلى تطور التاريخ الإنساني من حيث أنه سلسلة من صراع طبقات ذي صبغة اقتصادية و سياسية في نفس الوقت. هذه الفكرة عن التطور التاريخي لا تجدها مبسوطة بوضوح و تحديد في "رأس المال" و إن كانت الأساس الذي يقوم عليه، و إن كانت كذلك حجر الزاوية في الفلسفة الماركسية. و نستطيع أن ندرك جوهر هذه النظرية في تفسير التاريخ من مؤلفات ماركس الأخرى .."في الإنتاج الاجتماعي الذي يزاوله الناس تراهم يقيمون علاقات محدودة لا غنى عنها، و هي مستقلة عن إرادتهم. و علاقات الإنتاج هنا تطابق مرحلة محدودة من تطور المادية في الإنتاج، و المجموع الكلي لهذه العلاقات يؤلف البناء الاقتصادي للمجتمع و هو الأساس الحقيقي الذي تقوم عليه النظم القانونية و السياسية و التي تطابقها أشكال محدودة من الشعور الاجتماعي. فأسلوب الإنتاج في الحياة المادية يعين الصفة العامة للعمليات الاجتماعية و السياسية و الروحية في الحياة. ليس شعور الناس هو الذي يعين وجودهم. بل أن وجودهم هو الذي يعين شعورهم. و عند بلوغ مرحلة معينة من تطور قوى الإنتاج المادية في المجتمع نراها تصطدم مع علاقات الإنتاج القائمة أو علاقات الملكية بالتعبير القانوني، و بذا تتحول هذه العلاقات إلى أغلال تقيد تطور قوى الإنتاج و هنا تبدأ فترة انقلاب اجتماعي"(8).
أنكر البعض مادية ماركس هذه إلا أن موقفهم منها راجع إلى قصورهم عن إدراك معناها. فهي ليست مادية بمعنى أنها تستبعد فعل العقل بل أنها تبحث عن الحقيقة في عالم الناس و الأشياء لا في عالم التصورات و الآراء. و ليس من الصواب أن نعد العوامل الاقتصادية المؤثر الوحيد في تطور التاريخ البشري، أو نعتبر تصرفات الناس مبعثها الدوافع الاقتصادية البحتة. إن تطور قوى الإنتاج يثير مشاكل على الناس أن يجدوا لها حلاً مناسباً. حين تشير مدرسة ماركس إلى الحادث الاقتصادي فإنها تعده الأول من حيث الزمن، و لكن لا يلبث بعد ذلك أن يبدو أثر التغيرات السياسية و الاجتماعية حتى في الموقف الاقتصادي. هذه هي النظرية في وضعها الصحيح و ليست كما تتراءى لمجرد النظر السطحي (9)، و إذا ما استوعبناها كاملة و ضح إلينا ما يهدف إليه ماركس في كتابه "رأس المال" و ذلك لأنها مفتاح بقية آرائه، و ما نظريته عن القيمة الفائضة و نقده للاقتصاديين الكلاسيك إلا تطبيق لها في ميدان الفكر الاقتصادي.
يستهل ماركس كتابه بالحديث عن السلع و النقود. و لعل هذا الفصل –باعترافه شخصياً- أصعب ما في الكتاب. و تنحصر النتيجة التي يصل إليها في أن قيمة السلع تتوقف على مقدار ما يبذل في إنتاج السلع من عمل، و هو يقصد بذلك عملاً إنسانياً متجانساً مجرداً. و هذا المقدار هو ما يلزم في ظل أحوال اجتماعية معلومة. فكأن هذا الأخير العامل الوحيد الذي يمكن أن يؤثر في قيمة أي سلعة. و قد هوجمت هذه الفكرة بشدة و قال الناقدون أن نفقة إنتاج السلعة تتضمن عناصر أخرى كالتضحية بالمتعة الحاضرة و كالمخاطرة إلى جانب العمل المبذول. غير أن عبقرية ماركس نبدو في ناحية أخرى. لقد أخذ عن الاقتصاديين الكلاسيك أمرين: "أولهما" أن قيمة السلعة تتوقف على ما يتكلفه إنتاجها من عمل، و "ثانيهما" ميل الأجور إلى الهبوط نحو مستوى الكفاف Subsistence Level. و هنا نجد ماركس يستخلص من هذه العنصرين نظريته أو كشفه المبتكر عن القيمة الفائضة. و خلاصة هذا الرأي أن كافة الأدوات و الوسائل التي تستخدم في الإنتاج –عدا قوة العمل- لا تخلق شيئاً، و لكن العامل وحده هو الذي ينتج أكثر مما هو ضروري لعيشه، غير أنه لا يتناول سوى القدر اللازم لبقائه و تكاثره، أما الباقي فيستولي عليه صاحب رأس المال الذي يشتري قوة العمل. هذه القيمة الفائضة مصدر الريع و الفائدة و الربح، و تحقيقها راجع إلى المزايا الاقتصادية المترتبة على التعاون و تقسيم العمل.
تلك هي المبادئ الأساسية التي يقوم عليها هذا الكتاب الذي نقدم ترجمته إلى القراء. و يلاحظ أن ماركس يستشهد بالأحوال السائدة في إنجلترا و في هذا يقول "و موضوع الدراسة في المؤلف الحالي طريقة الإنتاج الرأسمالية ثم علاقات الإنتاج و التبادل الملائمة لهذه الطريقة، و إنجلترا البلد الذي اتخذت فيه هذه العلاقات المظاهر الخاصة بها" (مقدمة الطبعة الألمانية الأولى). و فضلاً عن هذا وجد مادة وفيرة في المصادر الرسمية البالغة الأهمية كتقارير مفتشي المصانع و لجان استخدام الأطفال و التقارير عن الصحة العامة، و هذا إلى جانب الإحصائيات الدقيقة. و للكتاب مزية هامة من حيث كونه عرضاً للتطور الصناعي في تلك الدولة، كما أن الفصول الخاصة بيوم العمل و الآثار المتباينة على الانقلاب الصناعي- هذه قد يكون فيها ما يرشدنا في المحاولات التي يراد بها تحسين أحوال العمل و الطوائف العاملة، و بذا يتسنى لنا أن نتجنب مواطن الزلل.
و نحن إذ نقدم هذه الترجمة العربية نعتذر عما قد يكون بها من نقص نرجو أن يتداركه سوانا أو يوجه أنظارنا إليه فنتقبل النصح شاكرين. و نود أن نعتذر كذلك عن إغفالنا إيراد ثبت المصادر التي رجع إليها المؤلف مكتفين بذكره إياها في الحواشي. و أخيراً نرجو القارئ أن يغفر لنا بعض أخطاء الطباعة و قد صححناها في ختام كل جزء على حدة. و لا يسعنا كذلك إلا أن نعبر عن عميق شكرنا إلى حضرات الأفاضل أصحاب مكتبة النهضة المصرية لمعاونتهم القيمة في إخراج هذا الكتاب في ثوبه العربي، و هم الذين لا يضنون بالتشجيع الكامل لما فيه إذكاء الحركة الثقافية. و كذلك نثني على "مطبعة الشبكشي" صاحبها و عمالها الذين تجملوا بالصبر و بذلوا ما بوسعهم من جهد في طبع الجزء الأول طبعاً أنيقاً.
و إنا لنتوجه إلى العلي القدير بالحمد و الثناء أن أعاننا على ترجمة هذا السفر الذي يعد من أمهات المؤلفات الاقتصادية في الغرب، و نضرع إليه سبحانه و تعالى أن يهدينا سواء السبيل و أن يوفقنا إلى المساهمة بمجهودنا المتواضع في تزويد المكتبة العربية بنفائس زميلتها الغربية و نحن في هذه المرحلة من النهضة العلمية المباركة بالشرق العربي.



راشد البراوي
كلية التجارة- جامعة فؤاد الأول
القاهرة في أول يناير سنة 1947
[line][ne]
(1) يرى الماركسيون على اختلاف طوائفهم و شيعهم أن الاشتراكية نظام المستقبل. و قد ظهرت أخيراً نظرية للكاتب James Burnham تنكر هذا الاحتمال و تذهب إلى أن "المنظمين" هم الطبقة الحاكمة في المجتمع الذي يقوم على أنقاض الرأسمالية و الذي يرتكز في الوقت ذاته على ملكية الدولة لأدوات الإنتاج (راجع كتاب "The Managerial Revolution" للكاتب المذكور).
(2) راجع الفصول التي عقدناها عن حياته في كتابنا "النظام الاشتراكي" (طبعة 1946).
(3) مقدمة المؤلف للطبعة الألمانية الأولى.
(4) وردت هذه الفقرة في مقدمة المؤلف للطبعة الألمانية الثانية.
(5) مقدمة فريدرك إنجلز للطبعة الألمانية الثالثة.
(6) كان ماركس "ذا ضمير حي في عمله فلا يذكر قضايا أو أرقاماً إلا إذا أثبت صحتها من المصادر الأصلية و حواشي مؤلفاته مليئة بأسماء مؤلفين مجهولين لأنه – على حد رأيه- يقر العدل التاريخي و يعطي كل إنسان حقه" (راجع كتابنا: "النظام الاشتراكي" ص 85-86).
(7) و من أمثال ذلك عبارات manufacture, manufacurer, value, use-value, exchange-value الخ (المقدمة التي كتبها Eden & Cedar Paul في ترجمتهما للكتاب طبعة Everymans`s Library ج1 ص 24-26).
(8) "A Contribution to the Critique of Political Economy", Preface (Selected works,Vol I, P 356).
(9) راجع المقدمة بقلم G. D. H. Cole (طبعة Everymans`s Library ج1 ص 13 و ما بعدها)، الفصول التي عقدها كول أيضاً عن هذا الموضوع في كتابه "What Marx Really Meant?" و انظر كذلك في الفصل الحادي من كتابنا "النظام الاشتراكي" ص 103 و ما بعدها. و راجع أيضاً الجزء الأول من "مختارات من مؤلفات ماركس" ص 381-382، 391-392.

01-19-2009, 08:05 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
"رأس المــــــال"، كـــــــارل ماركس - بواسطة charles de gaulle 78 - 01-19-2009, 08:05 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  إذا كنت قد قرأت كتاباً "دسماً" في الأنثروبولوجي..من فضلك ضعه هنا Narina 10 4,980 12-27-2010, 04:45 PM
آخر رد: Narina
  رأس المال _ كارل ماركس / نسخة جديدة مميزة - 834 صفحة بحجم 12 ميجا ali alik 0 1,220 05-19-2010, 01:39 AM
آخر رد: ali alik
  الأجور والأسعار والأرباح لكارل ماركس مجدي نصر 0 675 03-25-2010, 12:30 PM
آخر رد: مجدي نصر
  هل أجد كتاب :"دفاعاً عن المادية والتاريخ" لصادق جلال العظم ؟ كوكب الأرض 7 3,337 05-31-2009, 01:01 PM
آخر رد: بسام الخوري
  "حيرة مسلمة" ألفة يوسف يجعله عامر 28 9,298 05-27-2009, 12:27 AM
آخر رد: عصفور الصعيد

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS