صديقي الحرّ:

لبنان كانت دائما وأبداً تتربع القمة في عالم الفكر. ستجد أن الكثيرون ممن هاجروا إلى مصر من لبنان لأقلامهم تأثير ضخم. يكفي أن نعرف أن الصحافة المصرية وجريدة الأهرام لم تتأسس من واحد مصري! بشارة تكلا وجورجي أفندي زيدان وكل هؤلاء الناس وفدوا علينا من الشام ولولاهم لكنا محلك صفر في مصر.

ولا ألومك أن 70 في المائة من الميزانية راحت على جيوب اللبنانيين. لو أنا مطرحك لفعلت الشيء نفسه وأكثر.. ببساطة: من الآن في مصر من أرباب الفكر يستحق أنك تشتري كتبه وتشعر أنك تقتني كنز فكري ثمين؟! يا رجل انظر لكتب رياض الريس للنشر وانظر لطريقة التجليد والتغليف والطباعة وكأن الكتاب يقول لك: اقرأني الآن! أريد أن أدخل عقلك وبسرعة! وبالحق نطقت في أن معظم الثقافة الآن في مصر في عالم الكتب تنحصر في { عن الصحة والجمال والجغرافيا والآثار و الاحلام والنحو و اسرار الماسونية والقوى الخفية والطبخ و فتح الباري وشهادة الفنانة او المومس الفلانية على العصر }.

الناس تريد كتب الفضائح وأسرار الفنانة الفلانية والكتب الدينية.. مصر أسوأ بلد في العالم العربي من حيث التدين السلبي القاتم. ليته كان تدين بوعيّ ولكن حالة هستيريا دينية طغت. كل من أفلست فنياً تلجأ للتدين. كل من يريد عيش مريح أكثر يلجأ للتدين والبروباجاندا الدينية. لم تصدقني زوجتي حينما قلت لها إن صديقي الذي اتصل بي من نجران وهو مسلم يعتز بإسلامه ويريد التعمق فيه ولكنه شخصية مريحة جداً وتدينه عمليّ وأفقه رحب جداً والتعامل معه ومع أمثاله مريح جداً ولا تشعر أنك تخاطب المريخ أو تحتاج لأن تعتذر لما لديك من أفكار إلخ.