Array
لعل المشكلة الحقيقية يا عزيزي طريف تمكن في اختزال الشيعة بايران، بحيث يصبح كل شيعي هو موالي لايران حتما (كما صرح مرة الخديوي حسني مبارك) ..

مثل هذا التعميم يكشف عن منظور طائفي مبطن في التعامل مع الآخر، بحيث يصبح اي تعبير ديني أو اجتماعي عن (الأنا الشيعية) هو مظمر من مظاهر المؤامرة الصفوية الفارسية المجسوية الرافضية ! .. بل تصبح الممارسات الدينية والنشاط الدعوي الشيعي (مخطط لخلخلة المجتمعات السنية !!) كما قال القرضاوي ..

عندما نجد أن القضية تتجاوز حدود المشاريع الايرانية السياسية لتدخل في نطاق الحريات العامة والنظرة للآخر المختلف، وعندما يطفو على السطح خطاب مثقل بالطائفية ومشبع بالتعميم الاختزالي .. يحق لنا عندها أن نشعر بالقلق (كما تعجت عندما وجدت راشد الغنوشي صاحب اهم عمل تأصلي للحريات العامة في الاسلام يقول بخفة ان التبشير الشيعي خطر صفوي ايراني ومخطط جهنمي لزعزعة استقرار المجتمعات السنية !! هذكا بلمح البرق تختفي كل مفردات حقوق الانسان والأخوة الايمانية وسط لوثة الطائفية ).
[/quote]

في الحقيقة ان هذا الاسلوب (الاختزال) هو اسلوب قوى تنتمي كلا الطرفين، وهو اسلوب عليه اتفاق ضمني ، على مايبدو. ان الحركات الاصولية السنية والشيعية على السواء يتعرضون لكل من يمس برامجهم وكأنه يمس " الطائفة"، وحاولين اختزال الطائفة في ذاتهم، ولاغيين الحدود بين الطائفة وحركتهم.

ان القول ان ايران ، متمثلة بنظام الولي الفقيه، لها برنامج " تمدد" سياسي، مستخدمة في ذلك المذهب، هو امر صحيح، وهو امر للاسف يضع " الطائفة" في موضع الاتهام، بفضل سلوك ايران ذاته.

والقوى السنية تجعل صراعها التاريخي ضد التشييع متطابق مع صراعها ضد التمدد الايراني الذي لايتوانى عن إلغاء الحدود بين مصالحه ومايمثله وبين الطائفة الشيعية العالمية، تماما على طريقة الصهيونية في إدعائها لتمثيل اليهود، بحيث ان المؤسسة السلفية والوهابية والاصولية بكل ترحاب تقبل بهذه الصورة التي تساعد اهدافها وتطابق مع اساليبها ايضا في إدعاء تمثيل السنة واختزالهم بها.

التعامل نفسه يقوم به الاصوليين الشيعة ايضا، فعند ارتكاب جريمة او تصريح من قبل وهابي او اصولي، يصبح المُدان هو " السنة" على العموم، تماما كما فعل الزميل مقتدى الصدر عندما جرد قطعانه لذبح السنة على الهوية لمجرد ان قطعان الوهابية ذبحوا الشيعة على الهوية...

حزب الله يستخدم ذات السياسية من اجل اخفاء انه يقوم ببرنامج ايراني في لبنان، وبالتالي فهو برنامج ليس " شيعي" كما انه ليس لبناني، وخوف البقية منه والشك في اهدافه امر طبيعي، والوقوف ضده لايعني ذلك انهم ضد الشيعة كطائفة، وانما ضد مشروع سياسي لحركة شيعية تخدم اهداف محددة لاعلاقة لها لا بالدين ولا بالمذهب . في حين يسارع حزب لاتهام كل من يقف ضد بأنه يقف ضد الشيعة. بهذا الشكل يضرب عدة عصافير بحجر واحد. من جهة يصادر " الطائفة لصالحه"، ومن جهة اخرى يعطي الانطباع انه يدافع عن مصالح الطائفة وانه ممثلها الوحيد ومن يقف ضده فهو يقف ضد الطائفة، ومن جهة اخرى يجعل مواقفه هي مواقف الله.

ذات التكتيك حاولت استخدامه الاحزاب الشيعية في العراق وتستخدمه الاحزاب السنية ايضا. لذلك، فالمذنب واحد : الاحزاب والحركات الطائفية التي تحاول الاستيلاء على تمثيل طائفتها وجعل نفسها موزاي للطائفة. لايختلف في هذا الامر الشيعي الاصولي عن مثيله السني. كلهم سواء