أنا مايشد إنتباهى فى التدين المصرى هو الكواليتى وليس الكوانتيتى.

بالرغم من الإعتقاد الشائع بأن الشعب المصرى شعب متدين فأنا أعتقد أن الحقيقة غير ذلك وأن هذا التدين هو فى أحسن الأحوال تدين على ماتفرج والماكينة تجيب قماش ,وموجة التدين والتطرف الحادثة الأن سببها إكتشاف الكثيرين أن الدين نفسه يمكن أن يصبح الماكينة اللى بتجيب قماش...... الدين فى حد ذاته وفى كينونة دين أمه وبصرف النظر عن رأيك فيه ليس عملا إنتاجيا ولامشروعا إستثماريا يدر ربحا وكونه يتحول إلى ماكينة بتجيب قماش هو سبب المزايدة عليه الحادثة الأن ولو توقفت تلك الماكينة عن إنها تجيب قماش, الجميع سيعود إلى قواعده سالما ويادار مادخلك دين! والحقيقة هذا الأمر ليس شيئا خاصا بالمصريين وحدهم ولكن طبيعة بشرية موجودة فى كل مكان فحيثما وجدت ماكينة بتجيب قماش ستجذب إليها الناس وبصرف النظر عن نوع الماكينة وماركتها وموديلها.

أكبر دليل على إن التدين المصرى هو تدين على ماتفرج هو مايحدث بالمناطق السياحية بمصر كالغردقة وشرم الشيخ فالمصرى الذى يطيل لحيته ويلبس جلابية فى السعودية هو نفسه المصرى اللى شغال بارمان ودى جى فى قرية سياحية وكل ماهنالك إنه بيتأقلم مع البيئة الموجود فيها ماكينة القماش ليحصل على نصيبه منها والمصرى المعاصر الحقيقة ونتيجة للظروف التى مر بها أصبح شخصية هلامية بلا ملامح وبالتالى سهل عليه تقمص أى شخصية يتطلبها الدور .

هناك أيضا شئ مهم جدا فى ظاهرة التدين المصرى وهو أنه تدين إجبارى وليس إختيارى فبالإضافة لعملية غسيل المخ التى تتم للأطفال منذ نعومة أظافرهم فالخيارات المتاحة فى الحياة للمواطن المصرى محدودة جدا وأحيانا تكون منعدمة بحيث يكون الدين فى أحيان كثيرة هو الخيار الوحيد المتاح والمتوفر بالأسواق... أنا لن أتحدث عن غياب أى حياة سياسية أو ثقافية أو فنية أو رياضية أو علمية بمصر ولكن حتى على مستوى الحياة اليومية العادية. حتى يستطيع الإنسان إنه مجرد يقعد على قهوة يلعب له عشرتين طاولة محتاج يكون معاه تمن المشاريب ناهيك عن إنه يخرج يتفسح أو يروح يتعشى فى حتة أو ياخد أجازة ويروح يقعد على بلاج والعملية زى ماكلنا عارفين ناشفة ومقشفرة وبالتالى يصبح أى شئ مجانى له معنى وقيمة وبما إنه لايوجدminimum charge فى الجوامع والكنايس وإرتيادها متاح للجميع وبالمجان فتصبح هى الخيار الوحيد وطوق النجاة للكثيرين.
ليس من قبيل المصادفة أن تكون معاقل الجماعات الإسلامية بمصر متطابقة مع خريطة الأحياء الشعبية والعشوائيات والمناطق المحرومة ,ويحضرنى فى هذا السياق كتاب لأحد أعضاء الجماعات الإسلامية السابقين إسمه خالد البرى بعنوان" الدنيا أحلى من الجنة, سيرة أصولى مصرى" لمن أراد أن يتعرف على العالم السرى للجماعات الأصولية .