Array
أمريكا لاتعنى بإنسحابها من العراق إنسحاب كامل ونهائى ولأخر جندى ولكن إنسحاب منظم ومخطط له ولن يكون كاملا بل ستترك بعض القواعد والقوات خارج المدن وترك الباب مواربا للتدخل العسكرى إذا أقتضى الأمر.

يغيب عن أذهان الكثيرين أيضا أن أمريكا وفى خلال الست سنوات الماضية وهى عمر إحتلالها للعراق أنشأت جيش وشرطة عراقيين من الصفر ودربتهم على يديها وتلك مسألة فى غاية الخطورة لأننا هنا لانتحدث عن إختراق لبعض عناصر الجيش العراقى ولكن جيش تم إنشاءه بالكامل على يد دولة محتلة ولكم أن تطلقوا العنان لتخيلاتكم بالنسبة لحجم إختراق أمريكا وسيطرتها على هذا الجيش أما المفارقة فهى أن أمريكا لاتثق بالجيش العراقى ولذلك لم تسلحه بأسلحة أمريكية ولكن رغم إحتلالها للعراق فالجيش العراقى وخطط تسليحه كلها تعتمد على السلاح الروسى وأخرها صفقة دبابات روسية بالمئات مع إحدى دول الكتلة الشرقية سابقا! وأعتقد أن السبب فى هذا أن أمريكا متشائمة بالنسبة لمصير العراق وأنه عاجلا أو أجلا وبشكل أو بأخر سينضم العراق للمعسكر الإيرانى سواء تحالفا أو تعاطفا ومن تحت الترابيزة وبالتالى فليس من الحكمة إمداد إيران بسلاح أمريكى! وشخصيا أتوقع أنه فى حالة حدوث هذا التحالف سيحدث إنقلاب عسكرى فى العراق على الحكومة بواسطة أصابع أمريكا بالجيش ويتم إعادة تجربة بينوشيه بالعراق ويعود العراق للمربع رقم صفر!
[/quote]

التحليل غير المعلومات المؤكدة والموثقة
وبما اننا، أقصد أنت نيوترال وأنا وأعضاء النادي، نتحدث بدون معلومات فستكون تحليلاتنا للوضع العراقي خاضعة للصح والخطأ.

تحليلك ربما كان صحيحا إلا توقعاتك لن تكون كذلك من وجهة نظري، فالعراق لا ولن يكون جزء من المعسكر الايراني لأن هذا المعسكر غير موجود على أرض الواقع وانما في أذهان البعض.

هناك استقطاب ايراني لم يصل الى حد وصفه بالمعسكر كما كان الأمر في حقبة الحرب الباردة، حيث كان هناك معسكران راسمالي واشتراكي، وايران أضعف وأكرر أضعف من أن تقود معسكرا، فهي في أفضل الحالات شبيهة بالسعودية باستغلالها لعائدات النفط من أجل جر هذا الحزب أو هذه الدولة الى صفها، وسياستها بشكل عام برغماتية وليست قائمة على مبادئ، وهي على استعداد للحوار مع امريكا بل حتى مع اسرائيل في حال مثل لها هذا الحوار طوق نجاة من أزمتها الحالية الخانقة، وليذهب الآخرون الى الجحيم.

وقد سبق لايران أن ضحت بالشيعة في مناسبتين من أجل مصالحها، الأولى عندما طرد صدام أعدادا كبيرة منهم فأبقتهم يتعفنون على حدودها لحين سقوط نظامه، والثانية باصرارها على استمرار الحرب رغم معرفتها ان صدام كان يتعمد وضع أبناء الجنوب وهم في غالبيتهم من الشيعة في سواتر القتال الأمامية.

كعراقي أعرف بلادي جيدا أسخر من التحليلات التي تروج لفكرة تبعية العراق لايران او التحالف معها، واعتبرها تافهة وسخيفة. نعم، هناك نفوذ لايران وسط جماعات دينية معروفة بأصولها الايرانية لكنها بالحسابات الدقيقة لا تشكل مركز قوة أو لديها ذلك التأثير المخيف، وهو نفوذ يقترب أو يوازي النفوذ التركي وسط جماعات قومية محددة.

ملايين الشيعة من العراقيين عرب أقحاح يجدون أنفسهم جزء من المحيط العربي، وعلى كل حال فهم ليسوا كتلة جامدة بحيث يسهل تحريكها يمينا أو يسارا، وامكانية تحركها باتجاه ايران ستظل رهنا بالموقف العربي، ففي حال استمراه بهذه السلبية والبقاء على اتهاماته لهم بالعمالة لأمريكا وعدم احترام اختياراتهم بالخلاص من نظام صدام الفاشي سيجدون أنفسهم مضطرين للاحتماء بايران، لذلك يجب اعادة النظر بهذا الموقف.

وبالنسبة للسلاح الروسي لا أدري كيف أغفل الزميل نيوترال موضوع الصفقة الجاري البحث حولها والبالغة 5 مليارات دولار لتسليح الجيش العراقي بأسلحة أمريكية حديثة.

خبر صفقة السلاح الأمريكي منشور منذ أيام وسأحاول البحث عنه.

يبقى موضوع الوجود الأمريكي في العراق..

هذا الوجود سيستمر على شكل قواعد عسكرية في الشمال الذي يسيطر عليه الأكراد وهي موجودة وعاملة بالفعل بالتنسيق مع القواعد الأمريكية في تركيا، وكذلك في المناطق الجنوبية وخاصة البصرة بالتنسيق مع القواعد الأمريكية في الكويت وعموم الخليج، وبالتالي فهي قادرة أن تكون كماشة تطبق على أي محاولة انقلاب عسكري محتملة واحباطها فورا.

الأمريكيون ارتكبوا أخطاء كبيرة وفادحة في العراق لكنهم ليسوا مغفلين الى الدرجة التي يرتكبون فيها الخطأ القاتل بالتخلي عن العراق وتركه لمصيره لأنهم بذلك يتخلون عن استراتيجتهم للهيمنة على المنطقة والتحكم بمصادر الطاقة وتأديب الأنظمة المارقة أو التي تحاول المروق والخروج عن بيت الطاعة الأمريكي.

وان على العرب أن يدركوا أن هذه اللحظة حاسمة في تاريخ العراق، فأما أن يكون عراقا ديمقراطيا تعدديا حتى لو بقي في الحضن الأمريكي لسنوات قادمة أو الوقوع في الشرك الايراني.
وبعبارة صريحة لا لبس فيها ولاغموض: الوجود الامريكي بات الضمانة لعدم الوقوع في هذا الشرك.