"إن فلان فلسطيني ارهابي و عليك بعدم اعطائه منحة دراسية لانه يشكل خطر عليك و على مختبرك و عائلتك ...."

الجملة المكتوبة اعلاه تم ارسالها من قبل زميلي المصري "ابن حي الهندسين و برفسور مصري" الي مشرفي في الدراسات العليا كي يتم طردي من الجامعة و تم تحويلها الى الامن في ذلك البلد لتوجه لي ضربة كادت تقضي على مستقبلي للابد. ربما يعتبر البعض ما حدث هو حادث شخصي ... لكن لا بد ان اوضح ان هذا هو نتاج ثقافة مريضة في مصر. الزميل المذكور من البرجوازيين الجدد الذين يحتقرون المصريين الفقراء و العرب لا سيما الفلسطينيين. من مفارقات القدر ان هذا الشخص يحظى "بتقديس" الجسم الاكاديمي المصري لموقع والده الاكاديمي. ان المذكور -و هو متدين جدا- مع بعض زملائه من طلاب الدراسات العليا على الادعاء ان الفلسطينيين باعوا ارضهم و ان غالبيتهم عملاء. المفارقة انه يتهمنا امام الغرب باننا ارهابيون كوننا فلسطينيين و يتهمنا بالعمالة امام بقية العرب.

المذكور كان يتمنى لو تعرض عليه "يهودية جميلة" جسدها ليتحول الى رافت الهجان. فشيوخه اباحوا له ما يشاء كعميل مزدوج لكن هذا المثقف و معه الكثير من اخواننا المصريين لا يعلمون ان دخول الموساد ليس كخروجه - ربما يستعينوا باحد اطفال غزة ليعلمهم معنى "الاسقاط الامني". فرافت الهجان و ما صنعته الدراما المصرية ليس موجود اى في مخيلة البعض. ربما كان هناك عميلا مزدوجا يسمى الهجان لكن بالتأكيد ليس بتلك الصورة التي تصور الموساد بالسذاجة!!

ما اريد توضيحه ان هناك شقاق بدا يظهر بالافق بين الفلسطينيين و المصريين لاول مرة منذ عصر الفراعنة. ففلسطين كانت دوما بوابة الامن لمصر و الشعبين من اكثر الشعوب قربا لبعض. لكن ثقافة التضليل و الكراهية بعد عصر كامب ديفيد اتت اكلها. فالكثير من اخواننا المصريين مقتنعين ان اليهود افضل من الفلسطينيين " كما سمعتها من دكتور مصري - قالها و بكل ثقة رغم تدينه!!" . و بعد احداث غزة الاخيرة و الكشف عن الاجرام الذي يتعرض له اخواننا في غزة اثناء سفرهم عبر مصر منذ سنين طويلة - بدأ الراي العام الفلسطيني يتبلور.

يا هؤلاء ... الفلسطينيون ليسوا ضعفاء كما تظنوا ... ففلسطين اصبحت شعار الثوار و المتمردين على واقعهم من مشرق الارض الى مغربها. حتى عندما يحتج النازيون او مناهضي العولمة - فانه لا بد ان يرفعوا علم فلسطين. فلسطين لا تقل عراقة عن مصر و لولا ذلك لما كانت مهد الاديان و هدف الغزاة عبر العصور بل اهم الحروب التاريخية وقعت في فلسطين.

كل التحية لمناصري فلسطين في مصر و ادعو لهم بالتوفيق رغم انني ليس متفائل كثيرا و ذلك ناتج عن خبرة سنوات طويلة من احتكاكي في الجسم الاكاديمي المصري في الغرب.