Array
1) مع "بهجت"، أعتقد بأن زعزعة الاستقرار في السودان عليه أن يقلق مصر جداً (ليس فقط لأن السودان دولة جارة بقدر ما هو لأن النيل يشق أراضيها قبل أن يزرع الحياة في مصر). ولكن السودان لم يك يوماً مستقراً منذ استقلاله. صحيح أن على مصر أن تنظر باهتمام إلى ما يجري في "وادي النيل" ولكن محاكمة "البشير" قد تأتي بحل توافقي أكثر يشكل راحة لمصر من ناحية، وأكثر إيجابية للشعوب السودانية من ناحية أخرى. (لنفكر قليلاً بإعادة إمكانية تجربة "الصادق المهدي" في السودان). فإذا كان على المصري أن يهتم بالدرجة الأولى بشؤون مصر، فإن عليه أيضاً أن يرى أن نظام "البشير" "المأزوم" قام بارتكاب مجازر ضد الانسانية وأياديه ملوثة بالدماء السودانية البريئة في الجنوب وفي دارفور وفي الشمال أيضاً.

..................[/quote]


ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى ... عدوا له مامن صداقته بد .
رغم كل نكد الدنيا فلم أر البشير صديقا يوما ، فالمستحيل بعينه أن أقبل أي حكم ديني ، إني أخرجت الإعتبارات الأخلاقية ليس رفضا لها بل ضنا بها أن تكون أداة سياسية ، أخشى دائما عندما نقدم على حسابات سياسية أن نصاب بالإسهال العاطفي ، السياسة كانت دائما حسابات براجماتية ،و حتى من يدعي غير ذلك فإنما يفعل ذلك ضمن حملة علاقات عامة لتمرير سياسة ما ، و لنا تجربة سابقة في غزو العراق ، فقد أثبتت التجربة أن من رفض الإبتزاز باسم الحرية وحده كان صائبا ، حتى أصحاب قرار غزو العراق يسلمون الآن بالخطأ .. و أعتقد أننا أمام خطأ جديد .. حسنا لنعد للحسابات.
# ربما أدق تقييم للبشير سمعته من سياسي مخضرم قضى عمرا في السودان ، هو أن جماعة البشير أبشع جماعة وصلت للحكم في بلد عربي و أكثرها جهلآ ، بما في ذلك جماعة النميري .كذلك أوقن أن جرائم دارفور هائلة تفوق كل جرائم إسرائيل ( المستثناه من تطبيق القانون الدولي كله ) ، و أن البشير مسؤول على الأقل سياسيا عن تلك الجرائم ،و انه يتسحق القتل عن كل جريمة منها و ليس فقط المحاكمة .
# السؤال هو .. هل إصدار مذكرة توقيف الان بحق البشير هو أفضل حل لمشاكل السودان بما في ذلك مشكلة دارفور ؟.
#الإجابة .. لا .. ذلك أسوأ حل .لم ؟.
1- هذا إعمال للعدالة بشكل انتقائي تماما ..و ضد مصالح شعب كامل .. و أيضا حماقة تامة فكيف يصدر هذا القرار مع إغفال تام لجرائم إسرائيل في غزة ؟.هل هناك عربي واحد سيتجاوب مع مثل هذا القرار ؟. أليس هذا دعم للبشير قبل حتى محاكمته ؟.
2- السودان مقبل على اضطرابات و حصار و هو بالفعل يعاني المجاعة و التصحر و هي تتفاقم في ظل الأزمة العالمية ، هل محاكمة رجل مثل البشير تستحق هذا الثمن ؟..
3- الجنوب مقبل على تقرير المصير ،و في ظل متتابعات المذكرة و العقوبات المنتظرة ، فالإنفصال سيكون حتميا .
4- السودان معرض بشدة للحروب الأهلية و الإنقسام ،و بالتالي سيمر بفترة سوداء طويلة تنتهي بتقسيمه إلى دويلات عديدة بنفس التشرذم الإفريقي في مناطق كثيرة .
5- سيكون السودان كما الصومال أرضا خصبة للإرهاب و الأمراض المتوطنة و تجارة البشر و ... ، كما هو الحال في باقي الدول الفاشلة failure state.
#الحل الوحيد الممكن هو عملية مساومة كبيرة لإحداث تغيرات أساسية في النظام السوداني ،وهذا غير ممكن مع سريان مذكرة التوقيف .

Array

2) بعكس "بهجت" فأنا لا أرى أي فرق بين البعث السوري اليوم مثلاً ونظام مبارك في مصر إلا في سقف "بعض الحريات" العامة الذي يرتفع وينخفض حسب الظروف ورغبة رئيس الجمهورية. فبشار الأسد مثل مبارك لم يصل إلى الحكم على ظهر دبابة ولكنه ورث السلطة عن أبيه في ظروف حرجة وثبت نفسه فيها من خلال "آليات انتخابية" شبيهة بآليات "ثورة يوليو". مبارك كذلك، ورث السلطة عن السادات المقتول في حادثة المنصة ثم ثبت نفسه فيها من خلال "شرعية يوليو" الشبيهة جداً بشرعية "ثورة الأسد التصحيحية" (آليات انتخابية مفبركة واستفتاءات تعيد انتاج نفس النظام).
انفتاح مصر النسبي مقارنة بسوريا لا يعني بتاتاً أن النظامين مختلفين في جوهرهما، فهذا الانفتاح ليس إلا وجهاً خارجياً تحدده ثقة النظام بنفسه وقدرته على السيطرة على أمنه وسلامته. لذلك رأينا مثلاً في أول عهد بشار الاسد (2001) شيئاً من الانفتاح قد يضارع الانفتاح النسبي المصري ويقاربه جداً (أطلقوا عليه وقتها اسم "ربيع دمشق")إلى أن أحس النظام ببعض الخلل الأمني فقام بإغلاق معظم "منافذ الحريات" التي فتحها، ومع هذا فنظام الأسد الإبن أقل وطأة وقمعاً من نظام الأسد الأب، وهو يستطيع أن يكون أخاً شقيقاً لنظام مبارك في مصر على المدى البعيد قليلاً.

.......................
واسلموا لي
العلماني
[/quote]
يا صديقي .
أشعر أني كمن ذهب لمشاهدة مبارة كرة في بلدة مجاورة فعلق هناك لأن المبارة تحولت لمعركة ، هل هو أيضا شعور فيروز في ميس الريم ؟، حقيقة لست مولعا بالسياسة ولا أراها سوى من منظور الشاهد حسن النوايا ، فمشكلة العرب كما أوقن ثقافية ، و ما الباقي سوى أعراض .
لست مفتتنا بمحاسن نظام مبارك ،و لست أيضا مهتما كثيرا بنظام بعث الأسد ، ففي السوريين الكفاية ، لهذا لن أبلي الان بلاءا يذكر ، فقط لا أراك مصيبا عندما تعتقد أن النظام البعثي و المصري ينتميان لنفس الدرجة من الطغيان .
الأنظمة البعثية و الإسلامية أنظمة شمولية حتى لو أحسن إدارتها ، وهذا لم يحدث أيضا ،و لكن هناك أنظمة عربية في طريقها لتعددية حقيقية ، و إن تعثرت في الطريق قليلا أو كثيرا ، يمكن لمصر و تونس مثلآ التحول لنموذج ديمقراطي مقبول دون إحداث هزات دستورية و سياسية كبيرة ،و هذا مستحيل في نظام شمولي دون إنقلاب دستوري وزلزال سياسي . يا صديقي كل أنظمة العالم تتشابه و لكنها تختلف في درجة التسامح و القبول و التعددية ، إختلاف الدرجة ليس تفصيلا بل هو كل شيء ، لو تابعت كل ما يكتب ضد مبارك و نظامه ستجده يصدر في القاهرة ، كما أن كل ما يكتب ضد ساركوزي يصدر في فرنسا ،و لكنك لن تجد حرفا ينقله نقاد الأسد عن صحيفة دمشقية ، هذا أيضا ليس قليلآ ، حرية الصحافة ليست تفصيلآ .. يا صديقي المظاهرات التي تندلع في القاهرة يهتفون فيها ضد مبارك ،و لكن تلك التي تنظم في دمشق يهتفون فيها للأسد ، فهل تعتقد حقا أنهم هناك مولعون بطب العيون ، بينما في القاهرة يكرهون قيادة الطائرات ؟ ، هذه أيضا ليست أشياء بسيطة .
لا أعتقد أني سأكون سعيدا عندما أضيف حرفا آخر في إنصاف نظام لا أحبه كثيرا ، كذلك فلست أراني معارضا صلبا يقاوم حكام دمشق ، هذا موقف يضحكني في الآخرين عندما يعارضون أنظمة غيرهم بينما تنسكب مجاري انظمتهم على رؤوسهم ، كل ما أتمناه من حكام دمشق هو ما يفرضه الضمير حتى على السوريين ، أن يرفقوا بلبنان و أن يطلقوا يده ، و ألا يفرضوا إرادتهم على الفلسطينيين .. من يريد أن يعلمني المقاومة و الممانعة أعلنه بصرامة تامة .. " أني سحبت كل كلامي ،و أني أطالب نظام دمشق أن يحرقوا أعداء المقاومة مع حسن نصرالله ،و أن يلعنوا أقزام السلطة مع خامنئي !! "
يعني معايا سهلة جدا .
مشكلتنا ثقافية ..و حلها ثقافي أيضا .