حضنت يدي اناملها...فسرى خرير الذوبان في عروقي جدولا من رعشة...دخلت قصور عينيها.فأغرقني السواد الجميل بلذة مهيبة...عجزت عن إدراك كل هذا الاحساس...كان يجتاحني فلا يترك للفهم مني مدخلا...
فكان السؤال...
قلت: هل انت هنا امامي؟أم أنني أهذي حلما بما لا يكون؟
قالت: هذياني بك جنون الحقيقة...واقع مروي بعسل الخاطر و رحيق الأفكار...هذيانك بي حقيقة الجنون...عاشق أنت,متمرد على قوالب الفهم...و كل عاشق...مجنون.
قلت: جنوني كان سرا,أخفيته عن العالم...لكن معك,لا فائدة ترجى من تكتمي.فعيناي تصرخان...إذ تشرق فيهما شمس أخرى اشتعلت من نظرتك...اناملي تتحدث عني...حينما تزهر بساتينا معلقة...رويت بحنان لمسك.
قالت: لم اكن أفعل ذلك,لو لم تفتح أبواب قلبك و تهدم أسواره...إعلانا لميلاد جديد.
قلت: هم يقولون عن كل بزوغ جديد,انه وهم جديد,قيد ذهبي و سجن اختياري...مقتول فيه العقل في مدفن من أحاسيس؟
قالت: تلك قلوب علاها الجليد,غاب من أفقها النسيم.الاختيار لا يثمر قيدا...الحرية لا تلد سجنا.الحب ليس وهما إلا لمن يتوهم الحب عوض أن يعيشه.عبث هو الكون,نعم,لكن لولا الظلمة...لن يكون للنور احتمال...لولا الصدفة...لن يتم للجمال اكتمال.
قلت: من أين نبع الحب,إذا؟
قالت: من الانسان,و إليه يعود.من أرض الانسان,من جسمه العليل و حياته القصيرة...من ضعفه,من رغبته في الإنعتاق,من عشق الخلود و تقديس الحياة...من يأسه و أمله,من جروحه و وروده...من ذاته.الحب ليس عطية من الإله...ليس تكرما أنانيا منه...ليس عصفورا مشوها من عصافير الجنة...لم يأتنا يوما,من السماء.الحب قدرة فينا...إحتمال جميل بأمل جميل...إختيار لخلق جنة صغيرة...بالأرض على الأرض...نعيم يعاش هنا قبل أن يطوينا العدم...بصمة يخلدها الفناء و تغنيها نجوم الأزل.
قلت: و بعد ان نرحل...ماذا يبقى منه؟
قالت: لن يبقى منه شيء...سيكفينا أننا عشناه و أثمرناه.نحن للعدم,أكيد,لكن يكفينا اننا مع يقيننا بمصيرنا...إستطعنا ذات فجر...أن نتحداه.


:97: