شخصيا مندهش لهذا الطرح الذي يحمل المسؤولية الجماعية لطرف واحد بدون اي اعتبار للظروف التي شارك بخلقها الطرف الثاني بنشاط. إن غالبية الطائفة السنية ليست منغمسة في اي اعمال مسلحة بشخصيتها الطائفية، بمعنى ان يكون هناك بعثي سني يحمل السلاح لايعني ذلك تحميل الطائفة للمسؤولية، إذ ان عمله ليس له خلفية (طائفية)، خصوصا وان هناك العديد من البعثيين الشيعة ايضا والذين تمكنوا من حل مشاكلهم المعاشية بالانضواء في الميليشيات الشيعية والحصول على مخرج لازمتهم. على العكس تعرقل الاحزاب الشيعية (بصفتها الطائفية) ايجاد مخرج للبعثيين السنة وتجبرهم على الانضواء في الصراع المسلح كحل وحيد. ولكن، لماذا يجب تحميل " السنة كطائفة " تبعات هذا الفعل السياسي؟ بالذات لانها فرصة لاتعوض لاجترار المكاسب ورفع راية النواحة بالمظلومية. وبالمناسبة، فإن الاكراد عانوا من حكم صدام اكثر بكثير من معاناة الشيعة (كطائفة) ومع ذلك لم يصل مطالب الاكراد الى مطالب احزاب الشيعة الطائفية في إجتثاث البعث وكسب الارباح على حساب عسكرة المجتمع.

ان الاحزاب الشيعية هي التي رفعت لواء " اجتثاث البعث" من اجل الانتقام من عدو سياسي ومن اجل منع التنظيم الوحيد من التنافس معها في معركة الاستيلاء على مفاصل الدولة. والاحزاب الطائفية كانت تتوجه ضد البعث ليس كفكر، بمعنى ليس من اجل تحريم فكر البعث، فكر الاقصاء والتمييز والاضطهاد العرقي، وانما تحريم البعث كتنظيم سياسي (منافس) تحت مظلة تعابير المظلومية العامة. غير ان الاحزاب الطائفية الشيعية ( بتضامن صامت مع الاحزاب السنية الطائفية) قد حلت اليوم محل حزب البعث في رفع راية انتهاك الحريات على اساس الجنس والمذهب والانتماء السياسي وإقامة الوصاية والاخضاع من خلال ميليشات ونفوذ السلطة والتحكم بالعمل والموارد والتدريس. ولهذا السبب بالذات لم تكن معارضة البعث من خلال تحريم (فكر) التمييز والاضطهاد وانتهاك الحقوق، وانما فقط الاصرار على اجتثاث البعث بدون توضيح مضمون فكري، بالذات لان مضمون البعث والاحزاب الطائفية، في الجوهر واحد.

واذا كنا موضوعيين، فالارهاب لم يبدء من لدن الوهابية وانما من لدن ميليشات الشيعة عندما بدأت ملاحقة قادة البعث وضباط الجيش واصطيادهم واحدا اثر الاخر، وتصفية اساتذة الجامعات البعثيين من اجل افساح المجال لتعيين مندوبيهم. ومنذ ذلك الوقت انتشرت اشاعات واسعة عن حصول ايران على سيديات اسماء اعضاء الحزب وضباط الجيش واثارت فزعا، اجبرت العديدين على الهجرة الى الرمادي. بعد ذلك فقط بدأ نشاط الارهاب الوهابي الذي طرح نفسه حامي السنة مستغلا الخوف..

وكما ترى، فميليشات الشيعة تتحمل مسؤولية كبيرة في خلق الظروف الراهنة، وليست بهذه البراءة التي تصورها