الزميل العزيز بني آدم
لم شارك في شريطك السابق كونك وضعت النتيجة والهدف من الطرح سلفا في العنوان (ولو تمحل المتمحلون)
فآليت ان لا ( اتمحل ) كما غيري من الاخوة والزملاء لان اكثر النقاشات في المنتدى اصبحت مجلبة للعداوة والبغضاء متانسين ان اراءنا مهما بلغت فلن تؤثر على الواقع او تزيد في المؤمنين مؤمنا او في الملحدين ملحدا او في الطنابير نغمات ، الا ان تتولد لدى الشخص المهتم دوافع ذاتية تغير من قناعاته .

المهم ما اريد ان اشير له قبل ان يأخذنا الاستطراد ان موضوع النشوء والتطور او الارتقاء قد يخاله البعض (وانت منهم) انه نتاج العصر الحديث وهذا خطأ فادح بالنسبة للباحث مع ان اقدم اقوال بدايات النشوء والتطور وصل الينا عن طريق البابليين وملحمة جلجامش وابي قور الاغريقي واتباع جينس الكلبي
وعلى ذلك سار في الاتجاه نفسه انكسيمندرس وارسطو وفيثاغورث واشار الى الموضوع اخوان الصفا في رسائلهم الذي خاضوا في موضوع الخلية الاولى كأصل هيولي واحد خلقت منه الصور المختلفة منها وجعلها رب العالمين عز وجل اجناسا وانواعا متباينة .
وصدقني لو راجت نصوصهم وقارنت بينها وبين ما جاء به دارون لعلمت ضحالة دارون وضعفه امام الجرأة التي كانوا يتمتعون بها في قوة ومتانة الطرح ، طبعا لا يحضرني في هذه العجالة ان اورد لك النصوص (شاهد القول ) لكنها موجودة .
لا بل اكثر من ذلك اخوان الصفا تحدثوا على ما اذكر عن بعض الفضائل الانسانية التي تظهر في بعض الحيوانات كالفرس والقرد والفيل والكلب وخاضوا في تمييز هذه الحيوانات وحسها بمقدار الحاجة وفصلوا في الرتب بين النبات والحيوان والانسان
المقصود يا عزيزي ان التشابه الذي تطرقت اليه لم يكن خافيا على الاقدمين قبل دارون
ليس هذا فحسب
ابن خلدون ايضا خاض في الامر تحت عنوان عالم التكوين وابتداء الانواع (راجع المقدمة الجزء الاول ولا ادري اي صفحة الان صراحة)
ايضا العلامة الشيرازي صاحب الاسفار الاربعة اشار الى بحوث المادة وانحلال العناصر البسيطة وبحث الكيفية الفاعلة والمنفعلة بل وبحث في اقتراب افق الحيوان من الانسان وقبول بعضها للتأديب والتعليم ، بنسب طبعا وصولا الى محاكاة الحيوان للانسان في بعض شؤونه .

الى غير ذلك من العلماء الذين خاضوا في الموضوع ولا تحضرني اقوالهم مثل الرازي والفارابي والكرماني الذي اطنب في بيان ترتيب الموجودات ووجه الشبه بينها

مع العلم بان جل ما اطلعت عليه من اقوال لهؤلاء العلماء لم يقولوا بان الانسان كان اصله جمادا ثم نباتا ثم حيوانا ثم انسانا (يعني لم يقولوا بالتطور على طريقة دارون )
ولم يفهم احد من المتقدمين المعنى التطوري على ما شرحه العلامة الخازني بقوله : اننا اذا قلنا ان الانسان بلغ حد الكمال وكان يوما عجلا فصار حمارا فغدا حصانا فاضحى بعده قردا فليس معنى ذلك انه كان يوما عجلا فصار حمارا فاضحى بعده قردا حتى صار في النهاية انسانا .

يعني مع معرفتهم في اوجه الشبه بين بعض الحيوانات والانسان لم يذهبوا مذهب دارون وبالتالي لا يمكنك ان تنفي علم هذه الفروقات عن الغير وتحصرها بمن يقول بالتطور الداروني والا اصبح الادعاء على طريقة ذلك الشاعر العاملي الذي قال ساخرا من فتق اصابه : الدهر مذ كان دهرا ظالما عات ي ...اما الدليل عليه فبيضاتي
يعني لا يمكن ان يستدل على عتي الدهر وظلمه من بيضات العاملي فلا يمكن ان يستدل على التطور عند دارون من رأيه وما بني عليه فقط

اما بالنسبة الى مثلك في الارانب فانا اربأ بك كونك عاقل ان تكرر مثل ذلك المثل
لانه على نفس القاعدة قد يأتيك من يقول لك وما بال بكارة النساء تفض منذ فجر الوجود وبدون استثناءات ومع ذلك لم نجد مولودات بلا بكارة في كل العالم .
فاذا كان للاستعمال دخالة في التطور فبكارة النساء اولى من عقول الارانب بالتطور لعموم فضها وشياع نفس طريقة الاستعمال والاشتغال ، او حتى بالنسبة ل قضبان الرجال (المختتنة) ايضا التي تقطع غرلتها منذ الاف السنين ، وقس على ذلك