Array
عزيزي العلماني:

نعم أنت فلسطيني ولكن هل تقدر أن تقول بقلب واثق عبارة
I am from Palestine?

هل توجد دولة بهذا الإسم؟ هي موجودة بالنسبة لي وبالنسبة لك لأننا نؤمن بها ولكن في الأعراف الدولية هل توجد؟ لو قلت للأميركي السطحي العادي هي سيستوعب ما تقول؟

والفلسطيني العادي يا أخ العلماني بطبعه لا يميل إلى "المعاداة للسامية" ويكفي أن أقول لك إنهم عاشوا أحلى أيامهم إلى جوار العرب في الوقت الذي كانت كل أوروبا فيه تعاني من المعاداة للسامية. مذابح الهولوكوست لم تحدث على أراضي غزة ولكن في قلب ألمانيا ومن أحشاء أوروبا "المتحضرة" خرجت. كون واحد عربي يعبر عن تأذيه من معاملته من الدرجة العاشرة وأنه ذيل لا ذنب لا يعني أن هذا العربي عنده مشكلة "المعاداة للسامية" يا أخ العلماني. ونعم الفلسطيني لن يشوه قضيته ولكنه لا يجب أن يُلام إذا لم يتقن أدبيات الخطاب الدبلوماسي العالمي وخاصة الـ politically correct وأراد التنفيس عن نفسه بأي كيفية أراد.
[/quote]

1) يا ابراهيم يا صاحبي لا تعاند كثيراً، فالموضوع ليس جدلياً محضاً. وما تحاول أن تفرضه تكرر معي عشرات - إن لم يكن مئات - المرات. والسيناريو "الستاندرد" هو كالآتي:
هو: من أين تأتي (ما هي جنسيتك؟)؟
أنا: أنا فلسطيني.
عادة، يكتفي الأوروبي بهذا، فهو يرى ويسمع يومياً في الصحف والمجلات والتليفيزيون والراديو الكثير عن الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية. ولكن، حدث وسألني أكثر من واحد منهم: تقصد إسرائيلي؟
كنت أجيب بوضوح: لا، لست يهودياً. أنا فلسطيني من سكان الأرض المقدسة المقيمين فيها قبل تأسيس دولة إسرائيل. ثم أضيف إذا كنت على يقين بأن محاوري مسيحي (وهذا في الغالب): هل تعلم بأن "المسيح" أيضاً كان فلسطينياً؟ ثم ندخل في جدل تاريخي، ويضطر لسماعي لو كان معبأ بدعاية صهيونية لأنني أعرف عن تاريخ هذه الأرض أكثر بكثير منه و"من اللي خلفوه".

بالنسبة لي الأمر مهم جدا بأن أؤكد أمامه بالذات أنني فلسطيني. وإن أتى لي بخريطة سوف أضع يدي على اسرائيل وأقول له بأنها فلسطين ثم أشرح لماذا. طبعاً، بأدب واحترام ولكن لن أقف ساكتاً ولن أنكر أصلي وفصلي لمجرد أنه لا يعرف. إن كان لا يعرف فأنا أعرف وليعرف مني. على العموم، أنا لن أخسر شيئاً، بينما هو سوف يفكر بعض الشيء، ولربما حاول القراءة، عندها سوف أعطيه كتاباً عن فلسطين والفلسطينيين هدية (أهدي بشكل عام هؤلاء كتاب "الياس صنبر" Les Palestiniens طبعة "غاليمار" الفرنسية)

مصيبة لو تركنا الفرصة تمر دون أن نؤكد "فلسطينيتنا" لأننا نريد أن نجامل فلان أو علان، فكل مناسبة مثل هذه هي مناسبة جيدة كي نفتح عيناً مغمضة على قضيتنا. والأوروبي أمس (في الخمسينيات والستينيات) كان يزيد على الأمريكي تعصباً لإسرائيل. أما اليوم فالوضع تغيّر، وصار للفلسطينيين في أرجاء أوروبا جميعها أنصاراً أكثر مما للإسرائيليين، وهذا لم يأت عن طريق "الغمغمة" أو "نكران الذات"، وإنما من خلال الجهر والتوضيح والدخول في جدل طويل عريض بل وارتفاع أصوات أحيانا.

2) أنا لا أتسامح مع كل من يريد أن يربطني "بالنازية والنازيين" أو يربط "القضية الفلسطينية" بهم. ولا عذر لأي فلسطيني الميل "للمجرمين ضد الإنسانية" هو الذي تأذى من "الإجرام الدولي" أكثر من غيره.
كان جوابنا، وما زال، لكل من يريد اتهامنا "بمعاداة السامية" بأننا أنفسنا "ساميون"، لذلك فلا يمكن لنا أن نعادي السامية. وكنا، عندما كانت منظمة التحرير هي من يعطي اللحن والنغمة للقضية الفلسطينية، نميز جيداً بين "الصهاينة" وبين "اليهود" ونحرص في خطابنا على التمسك بحقوقنا والتنديد بالصهيونية كحركة "عنصرية" (صنفت الصهيونية كحركة عنصرية حوالي 15 سنة من قبل الأمم المتحدة). فبأي وجه نندد بالعنصرية ثم نأتي ونتعلق "بقطيع من الضباع النازيين العنصريين الحقيرين"؟ كيف يستقيم هذا؟
لا تحدثني بربك يا "ابراهيم" عن البوليتكالي كوركت" في هذا المضمار. فهناك ألف وسيلة ووسيلة عند كل فلسطيني للتذمر والتأفف وإعلان السخط والغضب دون أن يلطخ "شرفه وشرف قضيته ونبلها وعدالتها " بالانتصار لأسماء "شريرة حقيرة ملعونة مجرمة" مثل "هتلر وهملر وغوبلز" ومن لف لفهم. وعلى الفلسطيني أن يعلم جد العلم بأنه يسيء إلى نفسه وإلى قضيته ولا ينفعها بتاتاً عندما يقف أمام "حيوان عنصري مجرم حقير" مثل "أدولف هتلر" كي يحترمه أو يبجله أو يعظمه أو يعجب به.

واسلم لي
العلماني