متى يكون عدم الدليل دليل العدم
اذاً، وصلنا الان للخاتمة التي يجب ان نجيب فيها على السؤال السابق.
يقول علماء نظرية المعرفة: ان غياب الادلة على وجود شيء ما، يعد مثاراً لترجيح عدم وجوده اذا كنا نتوقع ان لو وجد هذا الشيء لرأينا مزيداً من الادلة على وجوده. (1)
ماذا يعني هذا؟
يعني لما نتكلم عن وجود مخلوقات فضائية في مجرة اندروميدا، او عن وجود كون ثان مواز لكوننا. فان وجود مثل هذه الاشياء لايؤدي بالضرورة الى وجود عواقب نستطيع ان نراقبها او نكتشفها، لان اثارها ابعد من نطاق ما نستطيع ان نكشفه. ولهذا فنحن "لا ادريين" بشأن وجودها من عدمه.
لكن اذا تحدثنا مثلاً عن وجود قمر ثان يدور حول الارض وحجمه بحجم القمر الحالي، فاننا بهذه الحالة نقول: لو كان هذا القمر موجوداً فعلاً لكنا رأينا ادلة على وجوده. فهنا عدم الدليل هو دليل العدم لان المفروض وجوده يحتم وجود عواقب له نستطيع ان نكشف عن وجودها. وكما قلت في الجزء الماضي فان البرهان هو في الحقيقة قياس اسثتنائي كما في مثال الطبيب وليس مصادرة او فرض مخف مبني على مغالطة.
اقتراح جديد لصياغة الموقف الالحادي الافتراضي
اذاً بناءاً على المناقشة السابقة سنعيد صياغة البرهان بعدم الدليل بهذه الطريقة:
ان ادعاء وجود اله هو من الادعاءات الكبيرة التي لو فرض وجودها لتحتم ان نرى مزيداً من الادلة على صدقها. ولما لم نكن نجد أي دليل على صدق الادعاء فان وجود هذا الاله مشكوك به الى درجة كبيرة.
طبعاً الاعتراض على هذه الصياغة تكون عبر مهاجمة الفرض: وجود الاله هو ادعاء كبير. فيمكن ان يقول المعترض انه لو وجد الاله او لم يوجد لما تغير حولنا ما يمكن ان نقيسه او نلاحظ فيه فروقاً. كما اننا لا نعرف كيف سيكون شكل العالم لو لم يوجد فيه اله لاننا لا نعلم شيئا عن هذا الاله.
وكل ما استطيع ان ارد به على هذا الاعتراض هو ان هذا الاله لن يكون من نمط الالهة الدينية التي تحكي كتبها عن اله يتدخل بكل صغيرة وكبيرة وشاردة وواردة.
شكراً على قراءة الموضوع.
++++++++++++
(1) محاضرة رقم 8 لـ Van Inwagen معضلة اختفاء الاله
http://books.google.co.uk/books?id=nxAP02FlE1MC&pg=PA173#PPT1,M1