لا يختلف اثنان على ان الغباء السياسي رافق العرب منذ تجاربهم السياسية الاولى بعد الاستقلالات الصورية وجلاء الجيوش الاجنبية في اربعينات وستينات القرن المنصرم
لكن ان يصبح للغباء العربي مؤسسات اعلامية وثقافية وسياسية تعنى بمراقبة واستمرار حسن سير ارتفاع منسوب الغباء عند العقل الجمعي ، فهذه لم نشهدها الا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ودفع الانظمة العربية الى اعلان الصلح والتطبيع مع الكيان الصهيوني بشروط الصهيونية نفسها

وصناعة الغباء في العالم ليست بمهمة جديدة فهي قديمة قدم التاريخ وعادة ما يمارسها الحكام على الرأي العام ، ولا يشترط بصانع الغباء ان يكون غبيا بل على العكس
لكن الفارق بين عالمنا العربي والعالم الآخر هو ان غباء العالم العربي مستديم وان كان متحركا وغباء الاخر مرحلي سرعان ما ينكشف لان الثقافة عند الاخر (والاخر هنا هو غير العربي ) ليست مرتهنة للمؤسسات السلطوية وان كان بعضها يعاني من سياسة الكم والتضييق او الاستخدام
(والمكارثية نموذجا) فضلا عن ان القرار السياسي الاستراتيجي عند الاخرين لا يصنعه ويفرضه فرد كما في العالم العربي (او يصنّع لهم)، بل تصنعه مؤسسات تلزم حتى الرئيس الحاكم وادارته به

وبالرجوع الى عنوان موضوعنا نرى تناقضا غريبا
وهي ان مؤسسات العرب السياسية والاعلامية تشترك في الغباء مع الشارع المنوي استغباءه ما يكشف دورها كمروجة للغباء وليست صانعة له وهذا ما نراه واقعا عندما يشترك النظام ومؤسساته وجمهوره في تصديق الفكرة والترويج لها .

ايلاف نموذجا
يبدأ الغباء عند ايلاف بالاستطلاعات التي تطرحها بطريقة يراهن فيها على قابلية الاستغباء عند المتلقي العربي بدأ من طرح سؤال الاستطلاع بشكل (مشوش) لا تستطيع معه ان تجيب بنعم او لا
من قبيل (هل تعتقد ان الانتخابات في ايران لم تزور) بدلا من السؤال الطبيعي (هل تعتقد ان الانتخابات في ايران مزورة)
ثم تبدا عند ايلاف حفلة الغباء الكبرى المستندة الى المواد التي وزعت على قادة عرب (الاعتدال)
سنركز على الموضوع الايراني باعتباره لا يزال على صفحات ايلاف كمادة (استغبائية) للتعامل مع الشارع العربي وعقله مع العلم اننا لا نشك بذكاء بعض كتاب ايلاف او قلة اطلاعهم السياسي والثقافي ،الا ان الغالبية فيهم تمارس دور البغل الذي يحمل قضايا غيره مقابل علفه من البرسيم (الاخضر )
نبدأ من ولاية الفقيه التي ستسقط في ايران مطلع شهر تموز 2009 والاستعداد لحصد نتائج هذا الحدث العظيم والتأكيد على صوابية ومصداقية نهج انظمة الاعتدال العربي وثقابة نظرها (اين منه نظر زرقاء اليمامة ) والاستعداد لطوي مرحلة الهلال الشيعي الصفوي والخطر النووي الفارسي الذي يريد بصديق العرب (اسرائيل) شرا ، هذا الصديق الذي يصر على عدم الاعتراف بالحق الفلسطيني غير انه صادق (اي ولو) في المشاركة بصنع السلام بشكل يصون كيانه ويضمن توسيع مستوطناته .
قمة الكوميديا السوداء عند ايلاف (وغيرها طبعا من اعلام بني مرة) عندما يصورون كيف سيلجأ احمدي نجاد ومعه السيد علي خامنئي الى احد سفارات الدول الاسلامية في طهران طلبا للجوء السياسي ، وكيف ان النظام الايراني يعاني من عوارض السقوط وكيف بدت عليه علامات الموت السريري وما هي الا ايام او ساعات وسيحتفل (العالم الحر) بسقوط الخمينية ونجاح الثورة الخضراء وزعيمها (ليش حسين فاليسا الموسوي) ، تماما كما كانوا ينظرون لنحاج ثورة الارز ورمزها النسوي (نايلة دو موناكو معوض) ورمزها الروحي البطريرك صفير بعد ان تحول الى (عبد الناصر ) خائف على عروبة لبنان ليوم وليلة فقط .
ثم نقرأ عن الدبلوماسية الخلاقة للقادة الملهمين في محور (الاعتدال العربي ) والدعوة الى بيع وشراء المواقف وفق المستلزمات الصهيونية على اساس (خلصنا) لا عودة لاحمدي نجاد او نظام (الملالي) وها هو باراك حسين اوباما جاء قاهرة المعز فاتحا تاليا لكتاب الله وبيده عهدة اين منها عهدة عمر ابن الخطاب

تبوشنا
تأوبمنا
ولو عشنا تننتهنا وتهودنا
وكما هي العادة يعوم كتاب ايلاف على التصاريح التحريرية للاعلام الغربي وكلام (المصادر) الذ يبدا ولا ينتهي (راجع مقالات نبيل شرف الدين ، افادت المصادر ، قالت المصادر ، اكدت المصادر ، نوهت المصادر، علمنا من المصادر ، استنتجت المصادر ، خلصت المصادر ، اشارت المصادر ، ....الى اخره المصادر ) والنتيجة للمصادر ان انتصار الانتفاضة (المخملية) في ايران ما هي الا فسحة ضوء وامل ورجاء وبداية لتجديد الزمن العربي الرديء ومطالبة محور (الممانعة) العربي بالانبطاح المجاني لان السلام مع بني صهيون سيحفظ للعرب دوام الامان والعلف

هناك سمة عامة مشتركة لدى كتاب ايلاف لا يشذون عنها وان حاولت الادارة تخفبف الضغط (الغبائي) بمقال (علاجي) شبه شهري لنسرين عز الدين كي لا يموت العقل العربي المتلقي (بالتسمم الثقافي ) لاحمد ابو مطر وشاكر النابلسي
من هذه السمات المشتركة استعمالهم لنفس المصطلحات (نظام الملالي ، محور الاعتدال ، محور الممانعة ، التشيع الصفوي ، الخطر الفارسي ، ولاية الفقيه الايرانية ، الى اخره)
دون ان ننسى استنساخ التجربة الجاهلية الدائمة في مقالات الضيوف الدائمين المختارة كداود الشريان والجار الله والراشد التي ينظرون فيها لجنة مقرن بن عبد العزيز ونعيم نايف بن عبد العزيز ورغد بندر بن سلطان والديمقراطية الفريدة التي لا تعرف الانتخابات ولا الاحزاب ولا النقابات ولا مؤسسات المجتمع المدني هناك حيث تقطع الرؤوس بتهمة الاتجار بالفياغرا وتتهم الانثى بالخلوة الغير شرعية اذا شاهدت مذيع الاخبار دون وجود محرم

وللحديث عن الديمقراطية في كتابات ايلاف ضحك بلا حرج
اذا يبلغ مستوى التنور والتفاني والاخلاص عند شاكر النابلسي وانكار الذات الديمقراطية عنده حدا يدعو فيه ان تكون الادارة الامريكية هي صاحبة الكلمة الاولى والاخيرة في رسم سياسات كل الدول العربية حتى لو كان مصيرنا كمصير (ذبابة اوباما)

وللحديث شجون