عزيزي حميد الدين:

النازيون الجدد وباء ما بعده وباء؛ وألمانيا على أقل تقدير لم تتخلص بعد من النازية في عشية وضحاها؛ ولكن ربما كان وجودهم إنذاراً لنا جميعاً أننا لا نهاجر إلى بلادهم الأوروبية ونرتع فيها ونعاملهم على أنهم الضيوف ونحن أصحاب المكان. كثيراً ما يتصرف المهاجرون بهذه العقلية وهذا يغرس الخوف من المهاجر عموماً. البديل هو الاندماج في المجتمع وبنيان جسور صادقة. كثرة المنقبات والمحجبات بأوروبا وأميركا ليست ظاهرة صحية. تزرع الخوف والرهبة تجاه المسلمين وأعتقد المسلم لا يريد ذلك بدون شك. صار الإسلام الآن يختزل في الشكليات والحجاب ومتر القماش وصارت هذه هي الصورة التي يريد المسلم المهاجر أن يغرسها في عقل الأميركي مثلاً. على سجيتي قد يرتفع صوتي هنا وهناك ولكن في تعاملاتي مع الأميركان أحاول ان أكون شخصية مختلفة وأعرف أن الصوت المرتفع قد يخيفهم ويجعلهم يظنون أننا نتعارك ولذلك لي مع أبناء جلدتي شخصية ومع الأمريكان شخصية أخرى أكثر تحفظاً. هذا أقل ما يمكن عمله في سبيل التأقلم.


صرخة هذا النازي على مروة وهو يهجم عليها "يا إرهابية" تدل أنه لوقت طويل جداً مشحون بكل هذا الخوف ومن ثم الغضب وفجأة انفجر. نريد أن نستبق الأحداث قبل أن يحدث مثل هذ النوع من الانفجار. كوكب الأرض صغير جداً ويجب أن نتعلم جميعاً كيف نتعايش فوقه في انسجام أخوي. هب أن مروة تنازلت عن حقها في البداية لهذا "النازي" وأصرت أن تظهر جانب التسامح والتنازل.. أما كان هذا أجدر بها من أن تأخذه للمحكمة وتجرجره في المحاكم وكل هذا عن من له الحق في أن يستخدم الأرجوحة أولاً؟ إصرارها وعنادها على "حقوقها" قام بتفجير الغضب عند هذا الشخص الألماني. ولا تقدر أن تقول إنك ستمنع شعب بأكمله من الانفجار. الغضب يتكون في الداخل بالتدريج ويتزايد مع الوقت وفجأة يحدث انفجار. الحكمة هي في تلافي مثل هذا النوع من الانفجار وفي هذا درس لجميع المهاجرين في تعاطيهم مع أبناء البلاد التي يهاجرون إليها. اذهب الآن إلى دترويت.. أؤكد لك أنك لو أعطيتني مليون دولار لما رضيت أن أعيش فيها وخاصة ديربورن. تشعر وكأنك في إيران الثانية وترى النقابات والمناظر الكئيبة. هل هذه هي الصورة التي يريدون توصيلها لأهل البلد؟! التعايش نوع من أنواع الـ communicationوهو إرسال واستقبال. هل هذا ما نريد إرساله لأهل البلد الأصليين في أذهانهم؟