كيف أقام النبي سليمان محادثة مع النمل أو الهدهد أو أيّ من الطيور؟ وكيف سُخر له الجنّ ؟ وكيف قام الجن بجلب الأشياء من اليمن إلى سليمان ؟
لا يستطيع المتدين الجواب عن "الكيفية" فهي تقنية خارقة عجائبية إعجازية خُصّ بها سليمان -كما يقول الكتاب- ولا شكّ أن في كل كتاب ديني جانب عجائبي وخارق يؤمر أتباعه أن يُسلموا به ، لأنه حسب التوجيه : تدخل للعقل في غير ميدانه ، طالما سلمنا -كمؤمنين- بوقوع الحوادث والحالات كما أشار إليها الكتاب .. بعض الاتجاهات الحداثية أو القراءات العصرية للقران ترى في مثل هذا القصص لونًا من ألوان الأسطورة يرمي إلى التعليم ، تماما كما يُفسر ما يرد في الكتب الأخرى من أن الربّ يهب كثيرًا من الحيوانات خواصًّا أخلاقية مميزة حتى تصبح نموذجًا للبشر .
أتفق مع "فستق" في شجب استخدام منتجات العلوم لتبرير أيّ من الرؤى الدينية أو لإثبات صحة معتقد ما *، من قبيل أن لكلّ ميدانه ، وكذا لا يُحاكم الدين بمنظور العلم ، بل يُدرس ، والدرسُ شيء والمخاصمة شيء آخر .




__________________________

* تعصب أهل الدين .. وغرور أهل العلم هما منشأ الخلاف الظاهر بين الدين والعلم .
وليس بصحيح أن يوجد بينهما خلاف حقيقي لا في الحال ولا في الاستقبال ما دام موضوع العلم هو معرفة الحقائق المؤسسة على الاستقراء .
فمهما كثرت معارف الإنسان التي تملأ كل فكره-بعد كل اكتشاف يتحققه العلم- يبحث عن اكتشاف آخر ، وفي نهاية كل مسألة يحلها تظهر مسألة جديدة تطالبه بحلها . الآن وغدا يشتغل عقل الإنسان بالعلم ، أي بمعرفة الحوادث الثابتة ، ولا يمنعه ذلك من التفكر في المجهول الذي يحيط بها من كل طرف . هذا المجهول الذي كان ويكون بعد الذي لا قرار له ولا حد لا في الزمان ولا في المكان هو دائرة اختصاص الدين . [قاسم أمين في "كلمات"].