نتنياهو قال ان الأمم المتحدة في قرار التقسيم قد اعترفت بالدولة اليهودية والدولة العربية وأنا أقول باسم فتح اننا نعترف بقرار الأمم المتحدة
محمد دحلان: كل الحكومات هي مخزن من الاكاذيب
ناحوم برنيع
03/10/2009
في يوم الثلاثاء في هذا الاسبوع احتفل محمد دحلان بعيد ميلاده الثامن والاربعين. هو احتفل به في المنفى في رام الله بعيدا عن غزة منزله ومعقله السياسي. 'انا مشتاق' وصديقه ومساعده سفيان ابو زايدة الذي يعيش هو الاخر في الشتات في رام الله يضيف قائلا: 'انت لا تعرف ماذا يعني بالنسبة لنا نحن الغزاويين العيش بعيداً عن البحر. في الليالي احلم احيانا بأني موجود بين الجبال فأنهض فزعا'.
بإمكانك ان تذهب للبحر في تل ابيب قلت لأبو زايدة.
'هذا ليس نفس الشيء' قال ابو زايدة. فكرت بيني وبين نفسي انه محق فالبحر هو نفس البحر.
رغم الحنين الى البيت، دحلان هو شخص سعيد. في مؤتمر فتح في بيت لحم انتخب للجنة المركزية للتنظيم. هذه كانت عودته: رغم الانتقادات الشديدة التي وجهت اليه بسبب فقدان غزة ورغم الكفاح المرير الذي خاضه خصومه ضده فقد عاد الى قلب السياسة الفلسطينية بصورة كبيرة.
قضى عاما في مونتينيغو احدى ولايات يوغسلافيا سابقا واجتاز عمليات جراحية في الفخذين وقام باعمال تجارية واجرى الاتصالات واقام العلاقات . في بعض الاحيان عندما كان الحنين يشتد في نفسه كان دحلان يتوجه لغمس قدميه في البحر الادرياتيكي. خلال زيارة لبلغراد عاصمة صربيا اصطدم بشمعون شيبس مدير عام ديوان رئيس الوزراء في عهد رابين. في السنوات الخيرة كان دحلان وشيبس على صلة بمارتن شلاف صاحب المراهنات النمساوي ومالك كازينو اريحا. انت من ثلة الكازينو قلت لدحلان. عيونه برقت: 'انت عكروت'.
دحلان احتفظ بحيويته الصارخة واسلوبه المباشر الذي حوله الى محبب على قلب الاسرائيليين والامريكيين. في اجتماعات اللجنة المركزية لفتح تحدث احيانا مع زميله حسين الشيخ بالعبرية هكذا فقط من اجل الاثارة او حتى لا يفهم الاخرون. هو يعرف كيف يضحك بصورة مفتوحة مدوية ويعرف كيف يرفع صوته وكيف يقوم باللمسات.
قبل ثلاثة او اربعة عشر عاما قابلته لأول مرة. خرجت من مقابلة مع عرفات في فيلا الصقت بمكتبه على شاطىء البحر في غزة. في تلك الفترة كان اسم دحلان يهمس همسا من الفم الى الاذن هو كان القائد المحبوب المقتدر للشاباك الفلسطيني. اسطورة على رأس اسطورة.
بجانب بوابة الفيلا جلست مجموعة من الشبان الفتيان الصغار في مقتبل العمر. افترضت انهم حراس عرفات. عفوا، سألتهم، ربما تعرفون اين يمكنني ان اجد محمد دحلان؟
قلت الاسم باحترام كبير. وعندئذ نهض احد الشبان وقال: 'انا دحلان'. الآخرون لاحظوا المفاجأة على وجهي فقهقهوا ضاحكين. كنت واثقا انه ينتحل شخصية دحلان. ومنذ ذلك الحين مر دحلان بفترات صعود ومنحدرات. عملية السلام وحدها بقيت في نظره في نفس النقطة الاولية التي كانت فيها في منتصف التسعينيات بالاضافة الى التفاؤل. أمس الاول عندما قابلت دحلان وابو زايدة في مكتبيهما في رام الله كان صائب عريقات ممثل السلطة الفلسطينية في واشنطن. دحلان تحدث عن ذلك بازدراء.
'16 عاما ونحن نعكف على عملية السلام' قال . 'هذه المفاوضات الاطول في التاريخ بدأتم مع عرفات فاكتشفتم انه ليس شريكا. جاء ابو مازن فتركتموه من دون ريش. فما الذي ستفعلونه مع الآتي في الدور؟'.
الوضع الامني قد تحسن، قلت لدحلان.
دحلان رفع صوته. 'لعنة الله على الامن' قال. 'لقد سئمت سماع هذا الشريط المسجل الذي يتحدث عن أمنكم'.
لديكم اعتراف
دحلان يعرف ان الاسرائيليين ايضا قد سئموا: سئموا سماع حديث الفلسطينيين وشكاواهم من الشريط الاسرائيلي. نحن نشتكي على بعضنا بعضاً مثل متخاصمين في السوق ومثل محامين مثيرين للملل. لقد قيل كل شيء ومن الجانبين. ليس هناك اي شيء يبعث على الاهتمام والتأثر. ما الذي تريد استخلاصه من هذه المقابلة؟. وما الذي تسعى اليه؟
ديوانه هو غرفة كبيرة بلا نوافذ في مكتب محروس شمالي رام الله. يبدو ان هذا المكتب الفلسطيني الوحيد في العالم الذي لا توجد على جدرانه صور لا لعرفات ولا لعباس ولا للمسجد الاقصى. هناك فقط اعلام فتح الصفراء. لماذا لا توجد صور؟. 'هكذا' رد عليّ دحلان من دون رغبة. 'ليست هناك صور فلا حاجة لها'. هو يتولى الان ملف الاعلام في فتح. '15 عاما، خسرنا الحرب الاعلامية وخسرنا الشارع الفلسطيني وخسرنا في الشارع الاسرائيلي وفي الرأي العام العربي. حماس لم تفعل شيئا الا انها انتصرت في مجال الاعلام والدعاية'.
ما الذي تقصده؟ سألت دحلان.
دحلان وجه نظره نحو التلفاز المتدلي من السقف. في الجزيرة ظهر ناطق باسم حماس مرتديا الكوفية الحمراء التي تغطي وجهه. وقبالة مجموعة من مكبرات الصوت قام باعطاء تفاصيل حول اتفاق تبادل شريط غلعاد شليط.
انظر: شريط فيديو واحد يخرج عشرين فلسطينية من السجن. انا اشعر بالرضا كمواطن فلسطيني ولكن فلتفكر في ابو مازن ما الذي يستطيع ان يخرجه هذا المسكين؟ ما الذي يحصل عليه منكم بعد 5 سنوات من الامن من دون عملية؟
ورغم ذلك قلت، جودة الحياة في الضفة قد تحسنت. الاقتصاد فعال والجيش الاسرائيلي ازال حواجز. دحلان لم يتأثر كثيرا. 'بدلا ً من عملية السلام لدينا الآن عملية تحسين شروط الحياة' قال.
وما السيىء في ذلك؟
'الحرب بين الشعبين لا تدور حول ازالة الحواجز. هي حرب حول حقوق الشعب الفلسطيني والامر هو ان نحصل على استقلالنا. ان تحدثنا عن تحسين شروط الحياة فأقول لك ان وضعنا في عام 1987 كان افضل بكثير وبصورة لا تقبل المقارنة. ورغم ذلك اندلعت الانتفاضة الاولى. لقد سئمنا من الاحتلال اولم تشعروا انتم بالسأم من هذا الاحتلال؟ الم تصابوا بالملل منا؟، انا لن أبكي على الماضي. كلنا اخطأنا: نحن وأنتم وحماس. ايادي الجميع اكتوت بالنار. انا اتحدث عما يحدث الآن. ان لم يكن هناك اتفاق خلال عامين فسنجد الطالبان هنا. التحالف بين باراك ونتنياهو لا يبعث التفاؤل في نفوسنا. هناك قرار للجنة المركزية لفتح ان لم توافق اسرائيل على تنفيذ قرارات الامم المتحدة والاعتراف بالانسحاب حتى خطوط حزيران ( يونيو ) 67 وايقاف الاستيطان فلن نتوجه للمفاوضات.
انتم تطلبون الكثير؟ قلت لدحلان.
دحلان ابدى ابتسامة لا تخلو من المرارة. 'اجل، نحن طماعون كبار. نتنياهو قال بان الامم المتحدة في قرار التقسيم في 1947 قد اعترفت بالدولة اليهودية والدولة العربية. انا اقول لك الان باسم فتح اننا نعترف بقرار الامم المتحدة. انتم تريدون اعترافا باسرائيل كدولة يهودية؟ لديكم هذا الاعتراف. انا ارى العالم العربي سائرا باتجاه السلام مع اسرائيل على اساس المبادرة العربية. الشرق الاوسط مقسم الآن الى معسكرين، معسكر معني بالسلام وآخر اقل اهتماما به. على نتنياهو وحكومته ان يقرروا الى اي معسكر يريدون الانتماء'.
ما الذي تظنه بالرئيس اوباما؟
'خطابه في القاهرة كان قويا جدا، كان واضحا انه يريد حل الصراع. انا الان اشعر انه يسير نحو ادارة الصراع بدلا من حله. انا اشعر بخيبة الامل. ان تعلق الامر بادارة الصراعات فانا استطيع ادارتها بصورة افضل من اوباما'.
ما هو رأيك حول التهديد الايراني؟ ان كانوا يهددونا بالقنبلة النووية فهم يهددونكم ايضا. القنبلة لا تقف عند الحواجز.
دحلان ضحك. 'ان ضربنا معا فهذا الامر على ما يرام بالنسبة لي'
لو ان امريكا، قلت له، وعدت نتنياهو بحل المشكلة الايرانية لوافق على تنازلات كبيرة في قضيتكم.
دحلان تنهد. 'كل الحكومات هي مخزن من الاكاذيب' قال. 'في ايام صدام حسين اجريت المفاوضات الامنية مع اسرائيل. الاسرائيليون كانوا يقولون كيف نتنازل عن الضفة فنحن نخشى من اجتياح الدبابات العراقية. ليس هناك الان دبابات عراقية ولكنكم لم تتزحزحوا سنتيمترا واحدا'.
فلترَ كم هو من الصعب على الحكومات الاسرائيلية اخلاء المستوطنين، قلت له: كان بإمكانكم ان تخففوا عن نتنياهو لو انكم ازلتم اخلاء مطلب المستوطنات عن جدول الاعمال. من يرغب يمكنه ان يواصل العيش تحت السيادة الفلسطينية ومن لا يريد فليرحل.
'ان رغب المستوطنون في البقاء في الدولة الفلسطينية تحت القانون الفلسطيني فأهلا وسهلا' قال دحلان.
هو سجل الفكرة على ورقة بيضاء من اجل اجراء استيضاح اضافي.
فتح التي اعتبرت حتى مؤتمرها جثة سياسية بلا حراك تمر الآن بعملية اعادة للبناء. في شهر كانون الثاني ( يناير ) ستجري الانتخابات. الانتخابات لن تكون وبالتأكيد ليس في كانون الثاني ( يناير ) كما يقول دحلان، 'ولكن علينا ان نكون جاهزين وان نعمل في الميدان فقد تعلمنا دروسنا'.
خلال ذلك يقوم دحلان بترميم صورته الشعبية.
تحدثنا عن العكاريت والعقارب وعن الدور الذي تلعبه في السياسة الفلسطينية. انت عكروت كبير، قلت لدحلان بل انه سوبر ـ عكروت. دحلان قبل هذا المديح. 'لو لم اكن عكروتا لمتّ قبل مدة طويلة'. 'هذا العالم بحاجة للعكاريت'.
يديعوت 2/10/2009