الأخ الحكيم الرائي .

الزملاء الكرام .

ليس من النادر في مصر أن يكون هناك قريبون من سلطة القرار و لكنهم لا يفكرون بعقلية سياسية ، بل ليس من النادر ألا يدرك سياسيون مصريون و عرب قواعد اللعبة التي يمارسونها بالفعل ، في أكثر من لقاء استمعت للسيدة جيهان ، كما قرأت كتابها سيدة من مصر ، و وجدتها تتحدث بشكل لا يختلف عن أرملة موظف بدرجة مدير عام أو مدير مكتب إقليمي !، هذه الملاحظة تنطبق على رجال شاركوا في حكم مصر أو كانوا قريبين جدا من ذلك ، مثل شمس بدران و حسين الشافعي و حسن التهامي و عبد اللطيف البغدادي و صوفي أبو طالب و لعلك قرأت هلاوس رجل يدعى محمود جامع أصدر كتابا عن صداقته بالسادات ، ثم راح أخيرا يثرثر عن بطولات وهمية ، و اختتم ذلك بالخوض في أعراض عبد الناصر و صديقه السادات ، هذه الشخصية ليست نادرة ،ولو طرحت موضوعا عن حالات مشابهة لما صدقني احد ..... ، كثيرون جدا بالفعل شهود مشفشوش حاجة .
المصريون و العرب أيضا مغرمون إلى حد الهوس بنظرية المؤامرة و الإيمان بالجان ، فكما أن كل ما لا يستطيعون تفسيره في حياتهم يعزونه للجان ، فكل مالا يفهمونه أو لا يرضونه في السياسة لابد أن يكون نتيجة مؤامرة ما ، و مؤامرات العالم على المصريين لا تنتهي آخرها تآمرهم المشين على فاروق حسني ملك الثقافة في العالم !.و أتذكر أني كنت أستمع لأحد الشخصيات الهامة جدا ،و فوجئت به يقول ان مناحم بيجن و موشيه دايان و جولدا مائير ( و قتها في نهاية السبعينات ) ليسوا هم من نرى في الحقيقة ، فكلهم ميت منذ زمن طويل ،ومن نراهم مجرد ممثلين يقومون بأدوارهم لرفع الروح المعنوية في الشعب اليهودي ، فقلت لصديق جالس بجواري لعلنا أيضا متنا و الجالس هنا ممثلون حتى لا ينهار الشعب المصري ( القصة حقيقية جدا ،و المتحدث لن يخطر ببالك لسمعته الطيبة كرجل متزن ) .
لماذا هذا كله ؟.
لقد استوقفني من الحديث ما ذكرته السيدة جيهان عن مؤامرة اغتيال السادات التي أشركت فيها الثنائي الخالد الذي يتملك أم دين تلافيف مخ الجميع ( إسرائيل و تابعتها أمريكا !) ، و سأتوقف هنا لأذكر .
1- سمعت ذلك سابقا من أكثر من مقرب للسادات مثال ذلك صوفي أبو طالب و طلعت السادات و الآن جيهان .
2- هذه هي المرة الأولى التي أسمع الإتهام من جيهان السادات .
3- أفهم أن تحيط الشكوك بجريمة تمت في الخفاء و لا يعرف فاعلها ،و لكن اغتيال السادات تم على مرأى من العالم ،و تم القبض على الفاعلين و لدينا اعترافتهم كاملة في محاكمات علنية ، بل انهم يتباهون بجرمهم و أحدهم هو خالد الإسلامبولي كتب شعرا يفخر بجريمته .
4- حتى أصدقاء و حلفاء القتلة لم يشككوا فيهم ، بل مجدوهم و سموا الشوارع بأسمائهم في طهران .
5- الدافع معروف و الجريمة علنية و المحاكمة علنية و الإدانة قاطعة ، ففيم الظن .
6- لو كانت جيهان تشك حقيقة في أمريكا و انها هي التي قتلت السادات فلم ذهبت للعمل و الحياة هناك لسنوات طويلة متصلة ،و لم تحيطها امريكا بكل هذا الود .
7- لا أفهم عقلية المؤامرة تلك التي تفترض أن تقتل أمريكا أصدقائها و مواطنيها و تحمي أعدائها ، أمريكا قتلت السادات و فجرت سفارتها في الخارج و دمرت مبنى التجارة في نيويورك ،و لكنها هي التي تحمي أسامة بن لادن و لا تقتله !.
8- هناك من يضفي على إسرائيل قوة هائلة ليست لها ولا حتى لله ذاته ، لقد حاربنا آلهتهم العباقرة هؤلاء و تحاورنا معهم ، هم بالقطع على مستوى الأداء الأوروبي و لكن ليس فوق ذلك ، أما في المعارك الحربية فهم دون كثير من العرب .
9- هناك واهمون يعتقدون ان الموساد يخترق مصر ،و هذا غير حقيقي فمصر من أصعب الدول العربية اختراقا ، الموساد يخترق لبنان و الفلسطينيين و سوريا و حتى اليمن و المغرب و العراق و .....، أكثر كثيرا من مصر ، فالشيخ عشماوي ينتظر رقبة من يفكر في التعاون مع هؤلاء ، فكيف نتصور أن يتعاون معهم أمثال خالد الإسلامبولي وهو يراهم كفرة لا أقل .
10- ما أثار دهشتي هو اقحام اسم هيلموت شميت في الأمر ،و أن جيهان صرحت له بشكها في أمريكا و إسرائيل و أنه لم ينف ذلك ، بل نرك الحقيقة للمستقبل ، و شميت سياسي عاقل جدا ،و لن يقبل مثل تلك المخاوف البلهاء ، يبقى أن صداقة جيهان بكارتر وزوجته تفوق كثيرا صداقتها بشميت ، فلم لم تسأل كارتر مثلآ!.
11- ما تفسيري إذا لتلك الإتهامات ؟.. أعتقد أن تلك حيلة لا شعورية لتبرئة السادات مما لحق به زورا من تبعيته لأمريكا ،و أنه أغتيل بيد جنود من المصريين أنفسهم ، بما يحمله ذلك من حط من مكانته الوطنية ولو في أعين البعض ، لهذا فمن الطبيعي ان تنقل الجريمة لتكون بيد من يراهم عموم الشعب المصري أعداء .