Egyptian Humanist
ملحد إنساني مصري
  
المشاركات: 84
الانضمام: Oct 2009
|
نحو إقتصاد إنساني ..
![[صورة: workers.jpg?w=512&h=316]](http://atheisthumanist.files.wordpress.com/2009/10/workers.jpg?w=512&h=316)
مصانع السيارات تستخدم ماكينات أكثر و عمالا أقل
البداية هي الكفر بوجود جنة أو حتى حياة بعد الموت ..
بعدها يجد المرء نفسه لا يملك إلا فرصة واحدة للحياة و للسعادة في تلك الحياة ..
و ربما لا يوجد سبيل لتحقيق تلك السعادة بالإمكانيات المتاحة.
على أي حال فالهدف يستحق المحاولة.
…
لكن كيف يمكن أن يشعر المرء بالرضى و من ثم السعادة ؟
و ما هي الأشياء التي إذا ما توفرت تحققت السعادة ؟
الصحة .. الحب .. المال .. الجنس .. الحرية
أعتقد أن السعادة لن تخرج عن مثل هذة الأشياء أو تنويعات منها, و بالتالي فإن المجتمع الذي يكفل الكثير من تلك الأشياء يضمن تحقيق نسب عالية من السعادة لأفراده ..
و هكذا نجحت الدول الغربية ..
و لهذا يحلم الكثير من الشباب في العالم ان يهاجر للجنة الموعودة لكن على الأرض ..
أوربا أو أمريكا.
لكن كيف نجحت تلك الدول في تحقيق مستويات معيشية مرتفعة و حياة رغدة لشعبها ؟
هل هي العلمانية التي تكفل الحرية للجميع ؟
هل هي الديموقراطية التي تدعم مشاركة الجميع في ثروات المجتمع ؟
هل هي الرأسمالية التي تضمن فرص عمل جيدة للجميع ؟
هل هي الحرية الجنسية التي يعيشونها ؟
هل هي نظم التأمين الصحي التي لديهم ؟
أم لانهم قوم لطفاء و يحبون بعضهم البعض ؟
أم بسبب كل تلك الأشياء مجتمعة ؟
للأسف في تلك الدول الأكثر نجاحا على مستوى العالم هناك عيوب أيضا :
فقر و جريمة و فساد .. لكن بنسب أقل بكثير من غيرها في بقية دول العالم.
لكن من يريد الكمال, يكفي هذا النجاح المبهر.
و إذا ما إستعصت الهجرة على الكثيرين, كيف يمكن أن نغير مجتمعاتنا لنحقق نجاحات مماثلة لنا و لأولادنا من بعدنا ؟
أعتقد أنه من البديهي و المنطقي أن نحاول تطبيق نظما شبيهة بنظمهم الناجحة في مجتمعاتنا.
يعني علمانية ديموقراطية رأسمالية ..
و إن كانوا قد حققوا نجاحا بالعلمانية فلنكن أكثر علمنة منهم, حتى فلنكن ملحدين.
و إن كانوا ديموقراطيين فلنكن اكثر دمق .. دمق .. دمق .. , يعني أكثر منهم على أي حال.
و إن كانت الراسمالية هي مفتاح الغنى و الثروة فلنكن ليبراليين أكثر منهم.
المهم ان نفوز و ننجح و نصبح سعداء و لو لفترة قصيرة قبل ان نموت و نرجع إلي العدم مرة اخرى و أخيرة.
لكن ماذا عن الحلم الديني القديم ؟ الجنة ..
ماذا عن أحلام الفلاسفة الجدد ؟ اليوتوبيا ..
ألا يمكن تحقيق يوتوبيا على الأرض حيث لا يترك أحدا لوحده كي يواجه مرضا أو فقرا أو أي خطر آخر ..
حيث يتشارك الجميع الثروات و الفرص و الحياة عموما.
أليس فلاسفة الغرب هم من تمردوا على واقع مؤلم معاش في عالمهم الجميل .. و الذي هو أقل إيلاما من واقعنا في العالم الثالث ؟
ربما كان من الأفضل لو نتعلم من تجاربهم و لا نخطأ أخطاءهم ..
ربما كانت الإشتراكية أفضل من الرأسمالية على أي حال ..
ربما كانت ديكتاتورية البروليتاريا أفضل من الديموقراطية البرجوازية ..
لكن النموذج الشمولي الإشتراكي لم ينجح في شرق أوربا و العالم ثم إنهار في النهاية.
ربما كان العيب في تلك التجارب لكن الحلم الجميل يستحق أن نحاول مرات كثيرة لكي نحققه.
لكن هل هذا الحلم جميل فعلا ؟
إن المانع ليس أن الحلم مستحيل التحقيق لان كل حلم كان كذلك قبل أن يتحقق ..
حلم الطيران ..
حلم الصعود إلي القمر ..
أحلام كثيرة بدت مستحيلة ثم تحققت, لذلك فمهما بدا الحلم بعيدا و مستحيلا فيجب أن نسعى إليه و نحاول كثيرا لكي نحققه, لكن المهم أن يستحق التعب ..
يعني من حقنا أن نحلم لكن فلنحلم بعقل, لكي إذا ما تحقق الحلم لا نعود و نندم بعد ذلك.
الحلم الشيوعي أم الحلم الليبرالي
![[صورة: capitalism.png?w=250&h=238]](http://atheisthumanist.files.wordpress.com/2009/10/capitalism.png?w=250&h=238)
1- (( من كل حسب قدرته .. و لكل حسب حاجته ))
حيث يعمل كل واحد بحسب قدرته على العمل و ينتج بقدر ما يقوى على الإنتاج ثم يحصل على كامل حاجته من موارد المجتمع بعد ذلك. و هذا يعني أن هناك من سيعمل بمهارة و فعالية و ياخذ مثل أو حتى اقل من واحد لا يعمل بتلك المهارة و الفعالية .. هذا هو الحلم الشيوعي.
طبعا ماركس كان يظن أن عيش الإنسان في مستوى مرتفع متحررا من الخوف من البطالة و الفقر سيغير تركيبه النفسي و يقتل بداخله المشاعر الأنانية لتتحول إلي مشاعر جماعية متعاطفة مع الآخرين و وقتها سيصبح العمل شيئا لذيذا يقبل عليه الناس بفرح و ابتهاج بإعتباره واجبا إجتماعيا لصالح كافة الناس. و إذا ما حدث هذا التغير في عقلية الإنسان و أخلاقه و قيمه مع الوفرة في الإنتاج سيمكن تطبيق الشيوعية التي تعتمد على تنازل الأكثر إنتاجا للأقل إنتاجا.
لكن الفكرة لا تبدو لي جميلة مع ذلك لانها تفتقر إلي العدل ..
او ربما هي تفترض وجود مجتمع ملائكي مكون من بشر في منتهى الكمال و الطيبة حيث يعملون من أجل آخرين لا يعملون بقدر طاقتهم أو ذكاءهم. فهل سنجد الجميع سعيد و متفائل بعد ذلك ؟!!
هذا الحلم يبدو لي شبيه بواقع معاش حيث أن الطبقة البرجوازية تعمل قليلا و لديها إحتياجات كثيرة بينما البروليتاريا تعمل كثيرا و لديها إحتياجات قليلة, إن المسألة نسبية, و إحتياجات الإنسان لا يمكن تحديدها بمعيار موضوعي فهي تتحدد بلسان كل واحد. حلم ماركس سيكون حقيقيا لو كانت الطبقة العاملة تعمل بفرح من أجل خير الجماعة و رفاهية الطبقة البرجوازية و كأن المشكلة هي ان الطبقة العاملة تحقد و تحسد الذين يعيشون في رفاهية.
الفكرة لا تبدو لي جيدة على أي حال.
البشر ليسوا متساويين في عالم الواقع ..
أقصد ليسوا متساويين جدا أو ليسوا متساويين إلي هذا الحد.
الأفضل هو ان يكون هناك مساواة في الحقوق و الواجبات و الفرص و لكن يجب أن يكون هناك تفاوت في الجزاء بحسب قدرات و إمكانيات كل واحد على العطاء. يعني الشيوعية تبالغ في المساواة و الليبرالية ( المتطرفة بقدر تطرف الشيوعية ) تبالغ في التفاوت بين الناس.
إن منطق الحلم بالمساواة في الثروة يذكرني بمنطق آخر :
(( لكي لا يشتهي الرجال النساء علينا أن نخبئ النساء في المنازل او نغطيهم باغطية سوداء كثيفة تخفي حتى آدميتهم. أي أن نغير الواقع بدلا من أن نرشد الشهوة .. ))
الأفضل هو الترشيد و ليس الإلغاء .. فشهوة الرجال للنساء لا يمكن ان تكون شيئا سيئا لانها الدافع للجنس و الزواج على أي حال. الشهوة جميلة و تعطي حافزا للنشاط و الحركة, الفكرة هي أن من آداب التعامل مع النساء هو عدم البحلقة بطريقة تنم عن سوء أدب. لكن من حق المرأة أن تفرح بجمالها و أنوثتها و ان تكون مغرية و على من يريدها ان يتودد لها و ليس ان يطالب بسجنها و كبت شهوتها و تغطية جمالها.
يعني لو غطينا الشجر و الورود لانها جميلة فما الذي سيتبقى و يدفعنا للبقاء أحياء يوما آخر ؟
نفس المنطق على التفاوت الإجتماعي ..
لا يمكن أن نبرر الشعور بالحسد على غني يركب سيارة فارهة و نقول أن هذا ظلم إجتماعي ..
و لا يمكن أن نطالب الغني بان يخفي غناه عن أعين الناس لكي لا يحسدوه و يحقدوا عليه ..
و كأن غنى الغني هو مبرر مشروع و منطقي لحقد الناس و حسدهم و ليس سوء أدبهم.
و كأن القضاء على تركز الثروة هو الحل و ليس النهوض بأخلاق الناس لكي تتسامح مع التفاوت الإقتصادي بينهم.
إن غنى الإنسان مثل جمال المرأة, الناس ستحقد على الغني لانه غني و ستحقد على المرأة لانها جميلة, لكن الغنى و الجمال هي من نعم الحياة علينا و لا يجوز أن نخبئها او نخفيها بل أن نفرح بها و نفخر.
لا أحد مطالب بإخفاء تفوقه و مصدر قوته لكي لا يثير حقد المعدمين. بل على المعدمين ان يتوقفوا عن الحسد و الحقد و يحسنوا من أدبهم و أخلاقهم و يبدأوا في العمل الجاد لتحسين واقعهم.
لكن المعدم قد يكون لا يجد عملا .. و هذا هو العيب الإجتماعي و المشكلة الحقيقية و ليس وجود الغني في المجتمع بل في تفاوت الفرص من اجل الترقي في الحياة.
المجتمع المثالي يساوي في الفرص و يفاوت في الثروات ..
المجتمع المثالي يعطي أساسيات الحياة و يترك الكماليات لمن يسعى و يجتهد.
يعني الحياة من حق الجميع و الرفاهية من حق الأغنياء فقط, و الحسد ممنوع و الزعل مرفوع.
و هذا يتضمن سكن و تأمين صحي و تعليم يتساوى فيه كل الأطفال بالإضافة للطعام و المياة و الكهرباء و الإتصالات.
الإحتياجات الأساسية للحياة للجميع و هذا يشمل العدالة و الامن المجانيين أيضا.
أما الكماليات و الرفاهيات فهي لمن يراكم الثروة بمجهوده و عرقه ..
حتى لكي لا نقتل حوافز النمو و الحركة ..
فرؤية الفقير للغني يتمتع بامواله ستحفزه على العمل و الإبداع لكي يصبح هو الآخر غنيا.
لكن القضاء على التفاوت في الثروة سيقضي على الحافز للإنتاج ..
أما محاولة تطبيق مجتمع ملائكي من دون ملائكة فهو امر صعب و غير واقعي فضلا عن انه غير جميل لان بشريتنا جميلة و هي ما نفخر به على سائر الكائنات الحية.
2- (( دعه يعمل دعه يمر : laissez faire laissez passer ))
دعه يعمل بمعنى أعطه الحرية لكي يعمل
لكن أليس من الأفضل : ساعده أن يعمل .. ساعده أن يمر
إن الرأسمالية تحاول تهيئة الظروف لكي يعمل الناس و لكنها لا تضمن شيئا.
هذا جيد و لكنه لا يكفي ..
في الواقع هي لا تهتم بعمل الناس لأن أساسها هو الربح و لذلك لو كان الربح سيأتي من خلال بطالة الناس و تشغيل الماكينات بدلا منهم على سبيل المثال فالأمر جيد ..
و لهذا تعتبر الرأسمالية جامدة و غير إنسانية ..
و لهذا قد تستفحل البطالة في أي بلد رأسمالي ..
و لهذا فتدخل الدولة من أجل إنشاء مشاريع تستخدم العمالة الكثيفة هو أمر حيوي و أساسي.
لكن تدخل الدولة الشامل قد يحول البطالة إلي عمالة زائدة كما في البلاد الإشتراكية ..
لا فارق بين بطالة و عمالة زائدة .. على الأقل البطالة واضحة و العمالة الزائدة هي بطالة مقنعة.
أتصور ان الحل الأمثل يكون على ثلاث محاور :
أ) إقتصاد سوق حر متنامي بحيث يزيد الطلب على العمالة بشكل دائم
ب) إستثمار الدولة في مشاريع مربحة و لكن كثيفة العمالة
ت) الإستثمار في برامج للقضاء على البطالة و الفقر و الأمية
يعني إقتصاد سوق حر و لكن بتدخل الدولة من خلال مشاريع كثيفة العمالة و برامج مكافحة البطالة.
و مع ذلك لا شيء مضمون لكن على أي حال لا يمكن أن نترك الأمور للسوق لكي تقرر لنا من يصلح للعمل و من لا يصلح, يجب أن نعطي الفرصة للجميع لكي يعمل و ينتج و يفيد نفسه و مجتمعه بدلا من أن تتحول البطالة إلي قنبلة موقوتة قد تنفجر إجتماعيا في أي لحظة ..
بالطبع هذا غير أن البطالة و الفقر هما أكبر دافعين للجريمة و الرأسمالة لا تقدم أي حلول لهما سوى النمو الإقتصادي المطرد الذي يستوعب المزيد من العمالة ..
ربما يكون هذا جيد و لكنه لا يكفي.
3- (( إن ماركس يهدف من إشتراكيته العلمية إلي الغاء الإستغلال الذي يمارسه الراسماليون على العمال و سائر طبقات المجتمع و هذا الإلغاء يعني إلغاء الطبقات في المجتمع و تحويله إلي طبقة واحدة من العاملين يشتركون في ملكية وسائل الإنتاج فيه عن طريق دولة تمثل مصالح كل العاملين في المجتمع ))
لا أفهم لماذا يسمي الشيوعيون علاقات العمل إستغلال ..
هي علاقة تبادل منفعة حيث يساعد الناس بعضهم البعض.
أنا لا أقول ان الفكر الشيوعي خالي من المعنى فهو قد نشأ أساسا بسبب الإجحاف في معاملة الرأسماليين للطبقة العاملة و لكن هذا كان في بدايات الرأسمالية حيث كانت نظاما جديدا لا يزال يجرب بنفس الطريقة كانت الدولة الشيوعية تجرب سياسات مجحفة في حق العمال لكي تحقق نسب نمو إقتصادي مرتفعة كما في الإتحاد السوفيتي القديم.
يعني إلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج من أجل إلغاء الطبقات الإجتماعية و إلغاء إستغلال الناس لبعضهم البعض هو امر غير مطلوب و غير واقعي, الأفضل من الإلغاء هو إحداث توازن بين حقوق و واجبات كل طبقة إجتماعية ..
يعني نمنع جور الراسمأليين على العمال و لا ننحاز للعمال ضد رجال الاعمال ايضا ..
لا نفعل هذا و لا نتورط في ذاك ..
بعض الإعتدال و الوسطية.
و لهذا قد يكون الطريق الثالث هو أفضل الحلول للتعامل مع المشاكل الإقتصادية.
لكن من المهم أيضا أن يكون الناس لديهم الفرصة للنمو و الترقي في الحياة, يعني الحراك الإجتماعي-الإقتصادي يجب أن يكون متاحا لجميع طوائف الشعب. بحيث لا يكون الفارق بين الرأسمالي و العامل شنيع لدرجة ان تحول الأخير إلي رأسمالي يحتاج إلي معجزة ..
و لهذا يكون من الأفضل لو تساوى الجميع في الصحة و التعليم و الامن و العدالة و الإحتياجات الأساسية و تفاوتوا فيما عدا ذلك, فنحن بشر رغم كل شيء. صحيح أن الناس تتفاوت في ملكات الإبداع و في الذكاء و القدرة على التحمل و العمل و لكنهم أيضا لديهم الكثير من الأشياء التي يتفقون فيها و يتساوون فيها ..
شيء من التساوي و شيء من التفاوت ..
شيء من العدالة و شيء من الحرية لكي تتوازن الأمور.
فطالما ان العدالة تعني الإشتراكية و الحرية تعني الرأسمالية إذن فلنصنع خليط من هذا و ذاك ..
الأفضل هو لا شيوعية و لا ليبرالية بل دولة إنسانية تنتمي إلي جميع طبقات المجتمع ..
الليبرالية أيضا معيوبة لأنها تدع الحرية لعلاقات العمل إلي النهاية بحيث أن الأمور قد تخرج عن السيطرة كثيرا و تتورط الدولة في الإنحياز لصالح أحد طرفي المعادلة, الرأسماليين و العمال. مع أنه لا إستغناء عن طبقة الرأسماليين أو الإداريين في أي منشأة إقتصادية و لا إستغناء عن قوة العمل بها أيضا.
الأفضل هو أن ننظم العلاقات الإقتصادية بحيث لا تتحول إلي إستغلال طبقي مثل الذي جعل ماركس يكفر بالنظام الطبقي من أساسه. إذا ما أردنا ألا يتجه أي واحد من الناس إلي التطرف في أي إتجاه علينا نحن ألا نكون متطرفين في عكس هذا الإتجاه.
4- الشيوعية تدعو إلي الملكية العامة لكل وسائل الإنتاج
بمعنى أن يملك الجميع كل شيء و لا يملك أي واحد أي شيء.
فالفرد من اجل الجميع و الجميع من اجل الجميع ..
و هو نظام يقتل فردانية الفرد و يحوله إلي ترس في آلة ضخمة تعمل من أجل المجموع. طبعا العمل من أجل خير الجماعة هو عمل إنساني و نبيل و لكن هذا لا يعني ان ينسى الإنسان نفسه و يتحول إلي ترس. فالعمل من اجل المجتمع يجب ان يكون تطوعيا و إراديا لكي نترك للناس فرصة إخراج مكنوناتهم الحقيقية و طاقتهم على الحب.
ثم إن الملكية العامة لكل وسائل الإنتاج تحول الدولة إلي جهاز بيروقراطي روتيني ضخم يشرف على كل شيء حتى أتفه التوافه, و هذا الجهاز سيستهلك جزءا ضخما من دخل البلاد بالإضافة إلي أنه سيعقد عملية الإنتاج نفسها.
يعتبر هذا عيب من العيوب النظرية في الماركسية و ليس خطأ في التطبيق ..
فالماركسية كانت في تصورها لمجتمع من الملائكة كانت تظن أن العامل في المؤسسة الرأسمالية لا يشعر بأي إنتماء للآلات التي يعمل عليها لأنه لا يملكها و بالتالي فهو في المؤسسة الإشتراكية سيشعر بإنتماء لانه مفروض أنه يمتلكها هو و زملاؤه عن طريق حكومة الشعب التي تمثله.
و هذا خطأ كبير فالإنتماء يأتي من المسئولية عن الشيء و ليس عن إدعاء الملكية, و في كل تطبيقات الشيوعية كان الناس لا يشعرون بانهم ملاك وسائل الإنتاج لانهم شعروا أن جهاز الدولة البيروقراطي الهائل هو الذي يملك و هو جهاز إنعزل عنهم فلم يعودوا يحسون أنه يمثلهم.
بالإضافة إلي أن إلغاء كل صور الملكية الفردية لوسائل الإنتاج يكبت النوازع الفردية في الإنتاج و الإبتكار و الخلق لأن تلك قيم فردانية أساسا و ليست قيم جماعية. و هكذا فإن الملكية العامة لوسائل الإنتاج جعلت إقتصاديات الدول الإشتراكية متقادمة و عاجزة عن ملاحقة إقتصاديات الدول الراسمالية الأكثر تطورا.
لكن أسوأ ما في مسألة الملكية العامة لوسائل الإنتاج تلك هي القوة المفرطة التي تعطى للدولة, قوة باطشة في الواقع .. قوة ليست في مواجهة الدول الأخرى بل قوة في مواجهة الأفراد المساكين المدينين بكل شيء للدولة اللامتناهية القوة و السلطة. الدولة في تلك الحالة تكون مسئولة عن كل شيء من أول إطعام و تسكين كل الناس و حتى غسل دماغهم بوسائل إعلامها المملوكة للدولة. و هنا الفرد يكون ضئيلا أشد الضآلة في مجتمع خاضع تماما للدولة المتجبرة الشمولية.
إن الملكية العامة لوسائل الإنتاج هي الشمولية بعينها و هي التي تمسح شخصية الفرد و تجعله خاضع تماما للدولة و تقتل فيه الحافز و النشاط و الطموح و الرغبة في الإبتكار و التفوق. و يكفي أن النظم الإشتراكية التي صنعت سفنا سافرت للقمر و غزت الفضاء فشلت في تصنيع سيارات جيدة او غسالات أوتوماتيكية.
كل هذا لا يعني أن الدولة لا يجب ان تملك أي شيء فالملكية الجماعية لازالت مهمة, و لكن الملكية العامة لكل شيء و لكل وسائل الإنتاج هو ما يجعل الدول ذلك الجهاز البيروقراطي الأخطبوطي الذي يسيطر على كل شيء و يجعل الفرد مجرد ترس بسيط فيه.
الأفضل هو ان يكون هناك سوق و آليات سوق حرة لكن ليس حرية كاملة, يعني سوق مقلمة الأظافر لا تبطش بالناس و لا تخضع لتقلبات فجة تطيح في المجتمع فقر و بطالة ..
يعني يكون للدولة حصة في السوق و كانها رجل أعمال جبار يستطيع ان يرفع أو يخفض سعر الأسهم كما يريد بحيث يكون للدولة قوة و كيانا إقتصاديا تستطيع به أن تتحكم في السوق و توجهه الوجهة الصحيحة ..
فالقضاء على آليات السوق و العرض و الطلب هو خطأ ..
كما ان القضاء التام على الملكية العامة لوسائل الإنتاج هو خطأ كبير ..
مرة أخرى فالأفضل أن يكون هناك وسطية و توازن :
ملكية عامة لبعض وسائل الإنتاج x سوق حرة و لكن موجهة ..
لكن طرد الدولة من اي تدخل في الإقتصاد يجعل الدولة ضعيفة لا حول لها و لا قوة لإنقاذ البسطاء و محدودي الدخل.
و هذا هو المرفوض شكلا و موضوعا لأن النمو الإقتصادي لا يجب ان يطحن الفقراء و محدودي الدخل ..
فلنتنازل عن نمو إقتصادي سريع مقابل أن لا يتعب الناس كثيرا لدفع تكاليف النمو ..
فالمرء لا يجب أن ينسى أن مهمة الإقتصاد هو خدمة البشرية و ليس زيادة ربح الشركات أو تحقيق نمو إقتصادي لا يتم توزيعه بعدالة على المجتمع ..
الأفضل هو الطريق الثالث ..
أو رأسمالية بضمانات ضد الفقر و البطالة ..
أو إشتراكية ديموقراطية ..
المهم أي درجة ما بين يسار الوسط و الوسط و يمين الوسط …
أما اليسار و اليمين فهم يريدون ملائكة او ماكينات.
و نحن بشر بكل فخر ..
بشر قبل أي شيء.
|
|
10-24-2009, 04:12 PM |
|