الزملاء الأفاضل .
شاهدت مقاطع من الفضيحة القطرية التي أدارها المذيع فيصل القاسم ، و أيضا شاهدت مقاطع من لقاء قناة الأزهري مع الكاتب المعادي للإرهاب الأستاذ عبد الرحمن علي ، و تابعت بعض الحوارات على هذا الشريط و على شريط مشابه ،و سأوجز هنا بعض الإنطباعات السريعة .
1- بداية أحب هنا أن أنوه بأن للشيخ محمد سيد طنطاوي موقف رائع لن أنساه ، موقف أراه دينا في عنقي و عنق كل تنويري حتى النهاية ، لقد تصدر الشيخ الجليل وهو مفتي الديار جنازة الشهيد فرج فوده ، ذلك رغم موقف فرج من مؤسسة الأزهر و رغم الحرج الذي سببه مقال فرج اللاذع ضد شيخ الأزهر وقتها الشيخ جاد الحق علي جاد الحق ، لقد انصاع الشيخ طنطاوي لضميره الحي و أنصف رجلآ علمانيا يشككون في عقيدته ، و سأنصاع لضميري الحي الآن لأنصف رجلآ يتصدر مؤسسة دينية لا تروقني كغيرها من المؤسسات الدينية ، إني لا ديني و لكني لا أفهم كيف لمصري أن يقوم بتجريح الشيخ طنطاوي خاصة لو كان إنسانا تنويريا متحضرا ، إن مقابل الشيخ طنطاوي لن يكون كارل ماركس بل ابن باز و ابن عثيمين و ابن التكفيري و ..... ،و العاقل من يختار بين بدائل متاحة و ليس من يفاضل في خياله بين عوالم انترنتية .
2- سرني للغاية أن يتشابه منطق عبد الرحمن علي - و هو الخبير المحنك في الجماعات الأصولية و الإرهابية - مع المنطق الذي عالجت به هذه القضية من البداية ، بل لقد استخدم مثلآ ضربته لو كانت الفتاة المنقبة ابنتي ،و كم كان مدهشا أن يقول والدها الحقيقي ما قلته بشكل يكاد يتطايق حرفيا ، وهذا يؤكد ما أقوله دائما أنه لا يكفي أبدا أن يردد الإنسان المقولات العلمانية ليخدم قضايا العلمانية ، فالحس السياسي و الموائمات العملية لا تقل أهمية ، و الطريق إلى خدمة الأصولية مفروش دائما بالشعارات المعادية لها !.
3- أعيد تأكيد ما قلته منذ البداية أن القضية ليست دينية بل سياسية ،و الهجوم المفضوح على شيخ الأزهر إنما المقصود به خدمة المصالح الإخوانية و الفكر الأصولي الوهابي و حلفاؤه من الجماعات الإسلامية ، و أيضا الهجوم على مصر الدولة و المجتمع لصالح جبهة إيران سوريا قطر و ليس فقط النظام ، فالقناة قطرية و الأداة سورية .
4- أسعدني أن هناك تيار من الفكر الديني المستنير بدأ يتجمع للدفاع عن النموذج الأزهري الأكثر تسامحا ،و أن الوهابية و عملائها لا يملكون وحدهم الساحة الدينية ، دفاعي عن الأزهر و شيخه ليس لأني أراهما قلعة التنوير ، فالمؤسسات الدينية كلها في نظري رجعية ، و لكن في الشر خيار ،و لا يعقل أن يدعم العلماني التشدد الديني و الإرهاب نكاية في مؤسسات الدولة ، هذا خلل في التقدير السياسي لا يسقط فيه سوى الهواة .
5- منذ البداية أحمل تقديرا و احتراما لعبد الرحمن علي بسبب فهمه و متابعته اللصيقة للحركة الإرهابية الوهابية ، و لكن تقديري له بسبب موقفه الشجاع في مواجهة إعلام الشيخ حمد و خدمه في الجزيرة لا حدود له .
6- رغم نفور شخصي من خالد الجندي أدهشني موقفه من عبد الرحمن علي و أدهشني تعليقاته المعادية للفكر الديني المتطرف ، و هذا يدفعني لإعادة النظر فيه ، إننا لا نتوقع من رجل الدين أن يكون علمانيا ،و لكننا نقدره عندما ينشر الفكر الديني المعتدل ، هذا هو مقياسي لرجل الدين ،وهنا أرفع القبعة احتراما لرجال من عينة محمد الطيب و زقزقوق و محمد طنطاوي و كل هذه الكوكبة اللامعة من رجال الدين المصريين و العرب المحترمين .
7- النقاب ليس زيا عاديا و لكنه رمز للتيار الأصولي المنغلق و عنوان عليه و أداة له ، و لا شيء يبعث التعجب مثل أن نسمع من يقول أن النقاب من الدين أو أنه فضيلة أو أنه حرية شخصية ، هذه كله قول باطل يراد به باطل أفدح ، و غبار سياسي يخاطب من هو يستخفه الغبار ، و سأتوقف عند القول بأنه حرية شخصية ، فالسلطة تنظم الحريات العامة بما لا يتعارض مع مصالح المجتمع ، و القيم تتفاضل و عندما يتعارض إرتداء زي ما مع النظام العام أو كفاءة العمل أو سلامة افتصال بين أفراد المجتمع أو أمن المواطنين ، فالتمسك بتلك الحريات المدمرة نوع من الإساءة للحرية ذاتها .
8- سأستمع ( للصبح ) لكل من يريد ان ينتقد الشخ طنطاوي و لكن ليس في معرض موقفه من قضية عادلة كحظر النقاب ،و ليس (تلكيكا) لموقفه من حفيدة له يشرفها أن يوجهها شيخها الفاضل ، فهذا خلط معيب للمواقف ، ومن يتحدث عن أفكار سيد طنطاوي الظلامية المتعصبة منذ 30 سنة أتمنى أن يذكر تلك الأفكار و أن يوثقها .