مخطئ من يظن أن حركة فتح كانت في يوم من الأيام مع إجراء انتخابات نزيهة أو محترمة، أو أنها حرصت على مدار تاريخها الطويل على تأسيس نظام فلسطيني منضبط بمواثيق وقوانين ودستور أو حتى بمواعيد محترمة. إن حركة فتح للأسف الشديد لعبت دوراً كبيراً في تمييع القانون الفلسطيني وحوَّلته إلى قانون حسب الطلب، وعبثت به مراراً وتكراراً لصالح فئة قليلة منتفعة، وضيَّعت بعبثها هذا الكثير من حقوق الشعب الفلسطيني.

فهذه منظمة التحرير الفلسطينية مثالٌ؛ ماذا فعلت بها حركة فتح؟ وكيف تعاملت مع مؤسساتها ولوائحها الداخلية وقوانينها الانتخابية؟ لقد تحوَّلت هذه المنظمة من حاضنة للشعب الفلسطيني وحامية لمشروعه الوطني، إلى منظمة هرمة خربة متهالكة منبوذة، لا تعبر عن الحد الأدنى لطموح الشعب الفلسطيني، ولا تضطلع بشيء من مسؤولياتها في الوطن والخارج، كل ذلك بفضل قوانين فتح الفوضوية العبثية.

لقد دمرت حركة فتح للأسف مؤسسات منظمة التحرير وحوَّلتها إلى مؤسسات لا جدوى منها ولا طائل من ورائها، بلا شرعية ولا فاعلية، تجتمع على حسب المزاج الشخصي لسادة تتابعوا على لي عنقها والتحكم في زمامها، كان آخرهم السيد محمود عباس، لتنطق حسب الأمر القادم من مطبخ المقاطعة، حيث لا تُستشار في وضع عيار ولا يؤخذ رأيها في سن قرار، وما فضيحة غولدستون عنا ببعيدة، فأعضاء اللجنة التنفيذية المجهولون و أعضاء المجلس المركزي الأحياء منهم والميتون أصبحوا مع شديد الحزن ديكورات لمشهد ممل ومقرف ومهين.

لعل أسوأ ما قدمته حركة فتح عبر مراحلها المختلفة في الأردن ولبنان وسلطة الحكم الذاتي ما نشرته من "الفوضى القانونية" و "التلاعب بالدستور" و"استحداث طرق التفافية على الديمقراطية"، وعدم "احترام إرادة الشعب" و"تبسيط وتجميل التنسيق مع المحتل الغاصب والتعاون مع الجيش الإسرائيلي".

فقانون فتح المعروف أن الانتخابات لا تخضع إلا للمزاج الشخصي والمصالح الضيقة، ومحاولة إقصاء الخصوم، لا تُحترم إلا حينما توافق نتائجها الهوى، فحتى انتخاباتها الداخلية الأخيرة فيما يسمى بمؤتمر بيت لحم والذي يتشدق به "الملسنون" ما أفرزت إلا مهزلة من العيار الثقيل.

لقد سجلت فتح سابقة تاريخية فهي أول حركة تدعي التحرر تجري انتخاباتها تحت ظلال الاحتلال وبحماية الاحتلال وبتنسيق مع الاحتلال وبمباركته، أضف إلى ذلك أضحوكة نتائج مؤتمرهم ذاك؛ فالصين الشعبية ذات المليار نسمة حينما تُجري انتخاباتها تظهر نتائجها في نفس الليلة، أما حركة فتح "العظمى" فحينما ينتخب 2000 شخص فقط، يستمر فرز الأصوات وإعلان النتائج أسبوعاً كاملاً، ثم بعد ذلك يعيِّرونا بالانتخابات وبالقوانين وبالديمقراطية.

إن إصرار حركة فتح على إجراء الانتخابات في ظل حالة الانقسام الفلسطيني، وفوضى القانون في الضفة الغربية، وأثناء الحصار الخانق وبعد عدوان وحشي مستمر على قطاع غزة، يثبت بما لا يدع مجالاً لشك أن سلطة عباس لا يهمهما الدستور ولا القانون كما تدعي، لأنها وحدها من ينتهك الدستور، وهي التي لا تريد العودة للشعب، لأنهم هم أنفسهم أول من خذلوا الإرادة الشعبية في 2006، وإنما يهدفون لأبعاد حماس عن المنظومة السياسية الرسمية للشعب الفلسطيني، بقوة تزوير الإرادة الشعبية الحقيقية لتستمر في فوضويتها القانونية.

لتعلم حركة فتح علم اليقين، أن زمن تفردها بالقرار الفلسطيني انتهى ومضى إلى غير رجعة، وأن زمن فوضويتها القانونية انحسر وانحصر فقط في المقاطعة حيث تتمتع بحماية الاحتلال. ولو تم إجراء انتخابات حرة ونزيهة ألف مرة ومرة، فلن تحظى بثقة الشعب الفلسطيني، فشعبنا الفلسطيني له حسابات خاصة لا تفهمها قيادة المقاطعة المرتبطة بالرؤية والحسابات الصهيوأمريكية.

إن لعبة الانتخابات التي فجرها أبو مازن الجديدة ساذجة ومكشوفة، ولا تنطلي على شعب واجه الاحتلال الإسرائيلي واستطاع الصمود في حرب قاسية كفرقان غزة.

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	مخاطر الإسلام السياسي على حركة التحرر العربي ..الاسلام بشقيه بخدمة الغرب الامبريالي	زحل بن شمسين	3	1,097	06-16-2013, 07:55 AM آخر رد: زحل بن شمسين
	( تحرير المراة ) حركة مشبوهة ونهج تغريبى - قلم الكاتب / طارق فايز العجاوى	طارق فايز العجاوى	1	878	05-02-2012, 05:50 PM آخر رد: زحل بن شمسين
	السلطة الفلسطينية وهبلها!	السلام الروحي	27	6,608	01-09-2012, 07:53 PM آخر رد: السلام الروحي
	صناعة الأعداء .. كيف ساعدت إسرائيل في إيجاد حركة حماس	observer	27	7,239	11-29-2011, 11:59 AM آخر رد: observer
	ماذا يعني إعلان الدولة الفلسطينية واسئلة أخرى ؟	عبادة الشايب	25	8,173	05-15-2011, 07:48 PM آخر رد: غسان الغسان