صديقي The Holy Man
تحية طيبة
أعتقد أن المقصود هو: (السلالم التركية)، وبأي حال فمصطلح (سلم) هو مصطلح مترجم عن اللاتيني (Scale) فالموسيقيا الشرقية تعتمد مصطلح (مقام) والمقام قد يكون أكثر اتساعاً من مصطلح السلم، حيث يمكن له أن يمتد لأكثر من 8 علامات.
من حيث المبدأ والأساس، فالمقامات الشرقية متشابهة في منطقة الشرق الأوسط: (البلاد العربية، تركيا، إيران) يضاف إليها اليونان وبعض دول أوروبا الشرقية حيث ما زال ربع الصوت مستعملاً حتى الآن في هذه الدول.
الموسيقا التركية هي فرع من أصل يعرف ب(الموسيقا البيزنطية)، وهذا اللون موجود عند الأكراد مثلاً والأرمن أيضاً وبشكل أقل عند اليونان وهو موجود بشدة في عالمنا العربي وفي سوريا تحديداً بشكل ممل سأشرحه فيما بعد في هذا الرد. يمكن التمييز بين نوعين من الفروق بين الموسيقا العربية والتركية، الأول يتعلق بطبيعة المسافات الموسيقية بين علامتين متتاليتين وهو فرق له علاقة بال Tone؛ والفرق الثاني يتعلق بأسلوب التنفيذ الموسيقي.
الفرق الصوتي: في الموسيقا الشرقية نجد أن البعد الموسيقي الكامل (دو - ره) مقسم إلى 9 أجزاء، يسمى كل جزء منها "كوما". هذه الكوما هي سبب المشكلة، ففي المقامات التركية يعتمدون أبعاداً تختلف من مقام إلى آخر. فإذا أخذنا علامة ربع الصوت السيكاه (مي نصف بيمول) كمثال، نجد أنها في مقام بيات دوكاه (بيات ره) التركي أكثر انخفاضاً منها ذاتها في مقام راست دو وسيكاه مي. العلامة هي ذاتها وتسمى سيكاه، لكنها في البيات ذات تون منخفض قليلاً ومرتفع قليلاً في الراست والسيكاه.
وقس على ذلك، حتى في المقامات التي لا تتضمن ربع صوت، تجد أن بعض علامات مقام النهوند يتم أيضاً إنقاص بعض مسافاتها وزيادتها بمقدار كوما، ويعلل المختصون هذا بأن شخصية المقام تتطلب ذلك.
فرق الأسلوب: يزيد العازف أو المغني من "كركبة" هذه التقسيمات بعدم الثبات ... وذلك باستعمال الفيبراتو (هز وترجيف الصوت) عند الوقوف على ي علامة موسيقية. وهذا يعطي للموسيقا البيزنطية شخصية منفردة تميزها عن غيرها.
التوضيح الضروري الآن هو حول تلك المقامات في الموسيقا العربية تحديداً.
ما زالت الموسيقا العربية تعترف بالتقسيم 9 كوما، وحتى اليوم هناك كثير من عازفي آلة القانون يحرص أن يقتني آلة قانون تتضمن 9 عربات ... ولكن ... بلا فائدة!
لأن التقسيم العربي جاء وسطاً بين البيزنطي والغربي، فالعم "باخ" سدد ضربة قاضية لتلك الكومات بأن قسم البعد الكامل إلى 8 أجزاء فقط وبذلك تجد أن علامة مي بيمول هي ذاتها علامة ره دييز في السلم الغربي. أما التقسيم العربي فقد انتقل من مصر إلى بقية الدول العربية بأن يتم اعتماد ربع الصوت في مقام البيات هو ربع صوت موحد لكل المقامات الشرقية فتجد أن مي نصف بيمول مثلاً هي ذاتها في البيات والراست والسيكاه وهي على بعد 4.5 كوما من علامة "ره" التي تسبقها.
إلا أن هذا الفارق وحده ليس كافياً لتمييز الموسيقا العربية عن التركية، فأسلوب التعامل مع المقام(عزفاً أو غناء) له دور كبير في تمييز هذه الموسيقا. فأي عازف تركي لا يستعمل الفيبراتو الخاص بالموسيقا التركية ستسمع منه إلى موسيقا أخرى لا يمكن نسبها إلى التركية.
إذا أردت يا صديقي أن تستمع لهذه الموسيقا في بلادنا اليوم فما عليك إلا التوجه إلى أي كنيسة أرثوذكسية. أيام الصغر، كان أسلوب الترتيل البيزنطي بالإضافة إلى رائحة البخور تجعل مني مسطولاً عالـ 24 ...
بخصوص اعتبار الموسيقا العربية ابناً غير شرعي للموسيقا التركية، سأرد بمشاركة خاصة مع بعض التفصيل إذا ما بتزعل.

مودة