ليس دفاعا عن دبي.. ولكن

أنور عبدالرحمن

على امتداد الأيام القليلة الماضية شنت بعض أجهزة الاعلام الغربية، ومن يعتبرون أنفسهم خبراء الاقتصاد فيها، حملة ضارية ظالمة على حكومة دبي حاولت تشويه صورتها وسمعتها.

الذين يشنون هذه الحملة ينتهكون كل المعايير والاعتبارات الأخلاقية والمهنية، وبعض الذين شنوا هذه الهجمات على دبي أباحوا لأنفسهم توجيه الاتهامات واصدار الأحكام بلا منطق ولا مبرر معقول. الذين شنوا هذه الحملة على دبي تعمدوا تجاهل الواقع والمنطق والحقيقة وتعاموا عنها.

الذي نفهمه من الناحية المهنية انه بعد أي مأساة أو كارثة أو أزمة، فإن مهمة الصحافة هي محاولة البحث عن الحقيقة بشكل منطقي وبناء على المعلومات الموثوقة والتحليل السليم.

بالطبع، فقد كثير من الأفراد ثرواتهم مع هذه الأزمة، ولكن فيما يتعلق بخسائر المؤسسات وخصوصا البنوك الغربية التي قامت بتمويل شركات في دبي، فقد كانت عمليات هذه البنوك عمليات مصرفية عادية مثل أي التزامات اخرى تقوم بها البنوك تجاه عملائها. والنقطة المهمة هنا انه لم يحدث ان قدمت حكومة دبي أو دولة الامارات أي التزام بضمان هذه التعاملات أو الصفقات.

وقد كانت المؤسسات المالية في الغرب على علم تام بهذا، واندفعت لتقديم القروض أو شاركت في الاستثمارات في مشروعات دبي، لسبب واحد هو تحقيق الربح السريع، ومن دون ان تتنبه إلى انه كما انها تتوقع الربح، فإنه يجب ان تكون مستعدة لتحمل المخاطر.

والذين يشنون هذه الحملات الضارية على دبي اليوم هم أنفسهم الذين كانوا قبل فترة وجيزة يكيلون المديح لتجربة دبي ويعتبرونها تجربة رائدة يجب ان تقلدها كل دول المنطقة.

على امتداد السنوات القليلة الماضية، قرأنا التحقيق وراء التحقيق، والمقال وراء المقال، وكلها تعتبر دبي نموذجا للرؤية الصائبة وللانجاز المبهر. لم يحدث ان توقف الكثيرون ليتساءلوا عن جدوى أو حكمة كل هذه المشاريع العقارية الهائلة في دبي. الذي حدث ان الكل اندفع لشراء أي شيء وكل شيء جريا وراء المال السهل والربح السريع. بصريح العبارة، هذا الذي فعلوه لم يكن سوى تعبير عن الجشع والطمع والرغبة في السلب والنهب، وعلى نطاق واسع. وبعد كل هذا، أصبح هدفهم الآن هو تشويه صورة وسمعة دبي.

والحقيقة انني طوال الايام الماضية قضيت وقتا طويلا اقرأ ما يكتب واسمع واشاهد ما يقال بحثا عن سبب منطقي معقول واحد يبرر هذه الحملة، ولم أجد.

والبنوك البريطانية مثلا التي اندفعت لتقديم القروض لدبي على هذا النطاق الواسع، كان عليها ان تتذكر ان في بلدهم، هناك حاجة ملحة ماسة إلى بناء أربعة ملايين وحدة سكنية. وفي اوكسفورد شاير وحدها، هناك حاجة ملحة عاجلة إلى بناء 100 ألف منزل. ورغم هذا، فإن هذه البنوك فضلت ان تقدم القروض والاموال للمؤسسات والمشاريع في دبي تقديرا منها أن الأرباح سوف تكون هائلة.

لماذا لم تدرك هذه البنوك الكبيرة ان دبي لا يمكن ان تتحمل هذا النمو العملاق بعدد سكانها المحدود؟ الآن، بعد ما جرى، عليهم هم ان يتحملوا النتائج وليس حكومة دبي.

الذي حدث في الولايات المتحدة كان نتيجة لأخطاء رجال البنوك. والذي يحدث في دبي هو أيضا نتاج لسوء حسابات وتصرف رجال البنوك الذين قادهم جشعهم إلى البحث عن الأرباح الكبيرة السريعة.

أما فيما يتعلق بحكومة دبي، فلقد فعلت الكثير من أجل تنمية الامارة والنهوض بها، من الفنادق إلى الشواطئ والمنتجعات إلى المراكز التجارية ومشاريع الجذب السياحي. وعلى الرغم من النجاحات والاخفاقات، فسوف تظل هذه المشاريع رصيدا قائما، وستظل دبي نقطة جذب.

وعلينا ان نعترف في الوقت نفسه، بأنه في الوقت الذي استثمرت فيه دبي بكثافة في هذه المجالات وهذه النوعية من المشاريع، فقد كان أمرا مستهجنا انها لم تفكر في الاستثمار في القطاعين الكبيرين، الصناعة والزراعة. ولكن في النهاية، ليست هناك تجربة اقتصادية مكتملة وناجحة مائة في المائة.

وفي النهاية، على الاعلام الغربي ان يتذكر ان دولا مثل بريطانيا والولايات المتحدة غارقة في الديون اكثر من دبي بمئات المرات. لماذا إذن، نرى رجال الإعلام الغربي وقد اصبحوا ذئابا في الهجوم على دبي وانتقادها، وفي الوقت نفسه نراهم صامتين "صمت الحملان" حين يتعلق الأمر بأوضاع بلادهم؟

أنور عبدالرحمن
أخبار الخليج

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	غزة الجبارين التي أسقطت اسرائيل وأعوانها أخلاقيا ...	نسمه عطرة	23	3,749	02-19-2009, 03:24 PM آخر رد: Romeo
	الديكتاتورية العادلة	Firas	1	887	01-28-2009, 11:34 PM آخر رد: Firas
	تسقط الحرية .. الديكتاتورية هي الحل	المقاتل7	14	2,053	10-18-2005, 07:17 AM آخر رد: Truth