الاخ الفاضل ابراهيم

بالنسبة للحدود فى الاسلام فقد يرى البعض قسوتها وكيف لا وهى قطع رقبة واطراف او رجم او جلد، فكيف يكون هذا مراد الله ان يتعذب ابنائه ولكننا ننظر الى الجانى ولا ننظر الى المجنى عليه ولا ننظر الى شروط تطبيق الحد وضوابطه.

وعلى سبيل المثال سننظر الى حد قطع يد السارق فهو له شروط ان يكون السارق بالغ وعاقل ولا حد فى الاصول والفروع (الاباء والابناء) ولا العبيد ويجب ان يبلغ النصاب (كان فى الماضى ربع دينار فهو بما يزيد عن سعر وجبة تطعم الجائع وذلك يعنى انه لا يطبق على من يسرق ليأكل) وكذلك لا يطبق على من يسرق شريكه فى المال حتى لو بغرض السرقة ولا بد ان يكون مال محترم فلا يطبق على سرقة الخمور وغيرها والاهم ان تثبت السرقة بشهادة شاهدين عدل او ان يقر على نفسه مرتين بانه سرق وأهم الشروط هو ان يطالب صاحب المال المسروق بالقصاص ويوصل الامر للحاكم وإذا وصل للحاكم فقد وجب ولا رجعة فيه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب )

وعلى المقابل نجد تشجيع الله على العفو
{الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }آل عمران134

{وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }الشورى40

وننظر الى الجانب الاخر وهو الشخص المسروق ماله الا يمكن ان يكون المال من اجل الستر فى الدنيا ويحمينى من ذل الحاجة او لعلاجى وعلاج ابنائى او لدراسة اولادى او لشراء ملابس لاولادى او لجراحة تتوقف عليها حياة انسان و..و...ألف احتياج وضروة وأهمية

كذلك وجود حد مثل قطع اليد سيجعل السارق يفكر فى مصدر رزق حلال الف مرة قبل ان يسرق وإن سرق سيتحرى ان لا يراه أحد ...وإن ضبطه صاحب المال والمواطنون فسيتوسل لهم حتى ترق قلوبهم وعندها سيحفظ لهم الجميل ويزيد وفاءا لهم ويسهل اندماجه فى وسطهم لأنهم سيسترونه ويرحموه من ان يكون معاق طوال حياته.

وكم منا سيعفو من اجل رضا الله وسنجد من يقول سأعفو حتى يعفو الله عنى ومن يقول عفوت عنك عسى ربى ان لا يجعل اولادى فى هذا الموقف ومن يقول عفوت عنك قربانا لله ...وستجد كثير وكثير من المواقف الانسانية تحدث وقتها.. فالمفترض فى المسلم انه يعلم من القرآن والاحاديث ان العفو والاحسان والخير والبر وفعل الصالحات له اجره عند الله ومن لا يرحم لا يٌرحم ومن ستر مسلما ستره الله فى الدنيا والاخرة ومن عفا عفا الله عنه، هل تعرف يا صديقى ان الإسلام يأمر بالستر قبل الوصول إلى الحاكم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجلٍ يشهد على الزنا (لو سترته بثوبك كان خيرًا لك) لو ستر الشاهد الزانى كان افضل عند الله من أن يشهد عليه.

وهنا يا صديقى الامر لا يتعلق بالتطهير من الذنب ولكن بصيانة المجتمع من شيوع الفاحشة او السرقة فيه أما التطهر من الذنب والحصول على المغفرة لا يحتاج اكثر من نية صادقة للتوبة وقول سامحنى يا رب وأغفر لى وبعض من البكاء الصادق والندم الصادق وكفارات مقدور عليها ونوافل وعبادات بإخلاص وفعل الخيرات اما تطبيق الحد فهو ليس السبيل الوحيد للتطهر من الذنب ولكن لسقوط الذنب على الفاعل حتى وإن لم يتب لوقتها والله اعلم.