حزب الله نظم مظاهرة «وفاء» ضخمة لسورية في بيروت ركزت على رفض القرار 1559 وحماية المقاومة

بيروت: سناء الجاك
شهدت بيروت امس اضخم مظاهرة في تاريخ لبنان بحيث تفاوتت التقديرات حول عدد المشاركين فيها بين مئات الآلاف والمليون ونصف مليون شخص. الا ان الجامع بين هؤلاء المتظاهرين الذين وفدوا من المناطق اللبنانية كافة الى ساحة رياض الصلح في وسط العاصمة كان رفعهم العلم اللبناني وحده استجابة لصاحب الدعوة الى التظاهر امين عام «حزب الله» الشيخ حسن نصر الله باسم الاحزاب والقيادات والقوى السياسية المؤيدة لسورية، وللهدف من الدعوة وهو الوفاء لسورية ورفض القرار 1559 وحماية المقاومة ومعرفة الحقيقة في قضية اغتيال رفيق الحريري. وظهر واضحاً عمل لجان الانضباط التي قامت بنزع الاعلام الحزبية من ايدي حامليها واستبدالها بالاعلام اللبنانية.
هذا ولم تتسع الشوارع المحيطة بوسط بيروت للحشود التي توافدت فالتعبئة بدأت في الصباح الباكر، حيث جابت سيارات مع مكبرات للصوت معظم المناطق تطلق نداءها للتجمع في ساحة رياض الصلح في بيروت، مع تسجيل لكلمات من خطب نصر الله. وعند الثانية عشرة ظهراً كان مكان التجمع يغص بالمتظاهرين.
ثلاث ملاحظات كانت بادية للعيان لا تحتاج الى رصد دقيق، الاولى حرص عناصر الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي على عملية الفصل بين ساحة الشهداء (حيث مركز اعتصام المعارضة) عن محيطها منعاً لأي احتكاك مع المعتصمين فيها قرب مدفن الرئيس الراحل رفيق الحريري، وقد استدعى الامر مطالبة كل عابر بالعودة من حيث اتى ما لم يحمل وثيقة تبرر دخوله.
اما الملاحظة الثانية فكانت تولي عناصر انضباط من «حزب الله» العملية الأمنية والتنظيمية للحشود حول ساحة رياض الصلح. وقد سجلت هذه العناصر اسماء الصحافيين والمصورين الذين حضروا لتغطية الحدث، كما تولت بقدر المستطاع فصل النساء عن الرجال مخصصة لكل منهما احد مواقف السيارات المحيطة بالساحة.
والملاحظة الثالثة كانت الهتافات الموجهة ضد الولايات المتحدة والزعيم المعارض النائب وليد جنبلاط، والمؤيدة للشيخ حسن نصر الله بنسبة كبيرة، اضافة الى هتافات بحياة الرئيس السوري بشار الاسد.
الشعارات المرفوعة، وقد كتب عدد كبير منها باللغة الانجليزية، تمحورت حول الوجود السوري في لبنان ومنها «كل الشكر والوفاء والتقدير لسورية قيادة وشعباً» بتوقيع «الشعب اللبناني ـ الاكثرية الساحقة». ورفعت صور الاسد مع عبارة «حافظ نهج الاسد: بشار» اضافة الى صور الرئيس اللبناني اميل لحود مع الاعلام اللبنانية. كذلك رفعت شعارات اخرى منها «كل لبنان مع حق العودة للشعب الفلسطيني» و«لا للتدخل الاجنبي في لبنان». و«لا للقرار 1559» و«نقول لاميركا نريد الحقيقة».
بانتظار وصول الشخصيات الرسمية والحزبية المشاركة في المظاهرة، كان يتصاعد صوت ليحمس الجماهير على الهتاف: «ارفع رأسك يا لبنان، شعبك صامد بالميدان الجيش السوري دمه سال، حتى شبح التقسيم زال»، و«بيروت حرة... حرة... اميركا اطلعي برة».
أما عن الانتقادات التي وجهت لوليد جنبلاط فقد قال المتظاهر حسين ابو زيد من ضاحية بيروت ان «ما يعلنه عن علاقته بالسيد حسن نصر الله واحترامه لـ«حزب الله» وامينه العام، فهو واجهة. واذا صدقتم ما يقوله فهذا يعني انكم لا تفهمون ما يجري».
اما رضا المقبل من البقاع فقال: «نحن لسنا ناكرين للجميل، نحن اولاد اصل ولا يصح ان نودع السوريين بالشتائم».
سهى شقير من بعلبك قالت: «سورية لا دخل لها بجريمة الحريري. اميركا هي المسؤولة، تدخلت في العراق وتريد التدخل في ايران ولبنان».
وعن سبب مشاركتها في التظاهرة قالت ام احمد، 65 عاماً، من الشياح (ضاحية بيروت الجنوبية): «نتظاهر استجابة لدعوة الامين العام للحزب من اجل الحقيقة. ونريد ان يتولى القضاء اللبناني كشف هذه الحقيقة، لان لا ثقة لنا بالاجانب المتواطئين على لبنان وسورية بقضائهم. ونحن قبل اي شيء ضد القرار 1559 الذي يهدف الى سحب سلاح المقاومة».
مظاهر الحشود في تنظيمها مستنسخة بعض الشيء عن مظاهرات ساحة الشهداء. فقد حضر وفد من المحامين بالروب الاسود للمشاركة، كذلك حضر وفد من الاطباء والممرضين بالروب الابيض. لكن الطاغي كان جمهور «حزب الله» بنسائه ولباسهن الاسود مع علم لبنان.
اطراف التجمعات حملت مشهداً مغايراً بعض الشيء لكثافة وسطها، اذ كانت الهتافات العنيفة بعض الشيء من اختصاص مؤيدي النائب عاصم قانصوه، عضو القيادة القطرية لحزب البعث الاشتراكي العربي، الذين هتفوا «بالروح بالدم نفديك ابو جاسم» [SIZE=5]وكذلك هتف مؤيدو الوزير سليمان فرنجية «انت البطرك يا سليمان».
:nocomment:
حضور حركة «امل» بدا ضائعاً في جمهور «حزب الله». ولم تغب حلقات الدبكة عن الحشود مع هتافات تدعو الولايات المتحدة الى عدم التدخل وتشتم رئيسها جورج بوش بالانجليزية على طريقة الافلام الاميركية.
ولان ساحة رياض الصلح لم تتسع للحشود فقد وصل مدها الى موقع الانفجار الذي قضى فيه الرئيس الحريري قرب فندق الفينيسيا. مفاجأة المظاهرة كانت حضور الامين العام لحزب الله الشيخ حسن نصر الله واعتلاؤه منصة خاصة في احد الابنية المواجهة لمكان التجمع، بعيداً عن المنصة الاصلية التي تناوب عليها الخطباء. وما ان اطل حتى علا هدير المتظاهرين بالهتاف والترحيب.
هذا واستمر تدفق المتظاهرين حتى قرابة الساعة الخامسة مساء. وقد عمد بعضهم الى الاقتراب من ساحة الشهداء لاستراق النظر الى «رفاقهم» المعتصمين في الخيم، لكن قوات الجيش كانت تسارع الى ابعادهم، ليبقي مشهد الساحة هادئاً مع اجراءات مشددة، منها منع المعتصمين مغادرة الخيم او تبادل الكلام مع متظاهري الساحة المقابلة.