ماذا لو كانت هلاوس؟
لو كانت هذه التجارب عبارة عن هلاوس وظاهرة دماغية بحتة، فهذا أيضاً بدوره يثبت بطلان الأديان، لأن هذه الأديان تدعي الصلة بالله الذي هو نفسه من خلقنا وخلق هذا الدماغ الذي لدينا، والآن يطرح السؤال نفسه: لماذا يخلق الإله الإسلامي مثلاً للبشر أدمغة تجعل البعض منهم عند الموت يظنون بأنهم قد دخلوا الجنة وقابلوه وشعروا بحب وسلام مطلق وتحدثوا مع الله وتحدثوا مع أقاربهم المتوفين؟؟، ليس ذلك فحسب، بل سمح للبعض منهم بأن يعودوا للحياة ويخبروا الآخرين عن هذه التجارب التي تتناقض جملة وتفصيلاً مع ما زعمه هذا الإله في قرآنه!! ، هو يقول في قرآنه بأن الكافر سيصلى جحيماً أبدياً وأن الإنسان مهما عمل من عمل فهو سيصبح هباء منثوراً طالما لم يأت بالإيمان لمحمد، ومع ذلك يجعل ما يقارب من 4-15% من الناس – كما أظهرت إحصائيات جرت في أمريكا وأستراليا وألمانياً * – يمرون بتجارب عميقة عند الموت ذاته تجعل معظمهم على يقين بعدها من الإيمان بالحياة بعد الموت وبأنهم ذاهبون إلى الجنة على الرغم من معتقدهم غير الإسلامي بل ويخبرون الآخرين بذلك ويبشرونهم وتُؤلف الكتب التي تحقق أعلى المبيعات وتُنتَج الأفلام وتُؤسس المواقع الإلكترونية التي تبشر بأن المعتقد أمر غير مهم وأن المهم هو عمل الخير فقط!!.
إما أن "الإله الديني" هو شخص عابث لاعب يناقض نفسه بنفسه، أو أنه لا وجود له، بل هناك إما إله محب متفهم لا علاقة له بادعاءات الأديان، أو أنه لا وجود لأي إله..
فلو كانت تجارب الاقتراب من الموت عبارة عن هلاوس فهناك احتمالات عدة يمكن أن تكون صحيحة، ولكن بالتأكيد فإن "الإله الديني" ليس أحدها.
---------------------------------
*
http://www.iands.org/nde_index/ndes/key_...ces_2.html
تجارب الاقتراب من الموت.. حقيقة أم خيال؟
بما أن تجارب الاقتراب من الموت عبارة عن قصص يسردها أصحابها، فاسمحوا لي أن أدلي بدلوي الخاص هنا، أنا لم أمر بتجربة اقتراب من الموت، ولكني مررت بتجارب خروج من الجسد والتي هى عنصر متكرر في تجارب الاقتراب من الموت، ومررت أيضاً ببعض التجارب الأخرى، وهذه التجارب بلا شك أثّرت على انطباعي وتصوري عن حقيقة وطبيعة هذه التجارب، فالمعاينة مختلفة تماماً عن السماع والقراءة.
تجارب الخروج من الجسد تركزت معي في عام 2002 لأسباب لا أعرفها!
أول تجربة خروج من الجسد:
كنت أنام القيلولة على الأريكة، في المراحل الأخيرة من نومي شعرت باهتزاز شديد في جسدي ثم انطلقت بسرعة صاروخية من قمة رأسي لأجد نفسي فجأة في مكان أشبه بقاعة كبيرة لونها أزرق غامق يتدرج إلى السواد.. فوجئت تماماً بهذا الشيء، وكنت أعي تماماً أن جسدي في الحقيقة ممدد على الأريكة في المنزل، وأنني في ذات الوقت موجود في مكان آخر لا أعرفه، الإحساس البصري والسمعي أقوى مما هو عليه في اليقظة، رحت أجري في المكان وأنا في حالة فزع، إلى أن رأيت مجموعة من الأشخاص وكأنهم من الملائكة، كان لونهم أبيض وملابسهم فضفاضة متطايرة وكان في وسطهم توجد شعلة كبيرة من النار، وسمعت صوتاً شبيهاً بالترانيم الدينية المسيحية، أصابني ذلك بالفزع أكثر فاختبأت في مكان ورحت أفكر في نفسي: كيف أتخلص من هذه الورطة؟ كيف بإمكاني أن أستيقظ؟ في النهاية استغثت بالله، ومباشرة استيقظت. – كنت حينها مسلماً-.
ظللت لأيام أفكر بما حصل معي واعتبرتها تجربة روحية فريدة لا أعلم لماذا حصلت معي.
تكررت التجارب مرة أخرى، في أحدها وجدت نفسي أنطلق بسرعة هائلة بين المجرات والنجوم، ظننت حينها أنني سأموت، ولكنني لحسن الحظ استيقظت.
تكررت معي حالات خروج من الجسد بحيث أجد نفسي في الغرفة التي أنا نائم فيها، ما الذي كنت أراه؟؟ كنت أرى غرفتي ولكنها مختلفة، أتجول في المنزل فأجده مختلفاً عن الحقيقة، أنظر إلى سريري فلا أجد جسدي عليه، في الحقيقة كثيراً ما لعبت دور "المحقق" في تجارب الخروج من الجسد، كنت في كل مرة أحاول أن أتأكد هل ما أراه حقيقي أم لا، وكل هذه التجارب كانت نتيجتها سلبية، فما كنت أراه هو اختلاط للمعلومات في الدماغ تماماً كما يحصل في الأحلام.
ولكن جماعة "الروحانيين" والمؤمنين بتجارب الخروج من الجسد لهم تفسير لهذا الأمر، فحين يخرج الجسد الأثيري فإنه قد يخرج إلى البعد المادي، وهو العالم الحقيقي المادي الذي نعرفه، وحينها تكون المشاهدات مطابقة للواقع، وقد يخرج الجسد الأثيري إلى بعد آخر هو بعد يصنعه العقل الباطن وهو الذي نكون فيه أثناء الحلم، وهذا البعد يختلط فيه الواقع بالخيال، فتفسير هؤلاء لتجاربي التي وجدتها منافية للواقع هو أن خروجي لم يكن تجاه البعد المادي.
تجارب أخرى تثبت كيف أن الدماغ حين يكون في حالته غير الطبيعية فإنه يؤدي إلى تفسيرات خاطئة تخدع صاحب الدماغ نفسه:
من أشهر هذه التجارب هى تجربة شلل النوم وهى تجربة يمر بها الكثيرون ومنهم أنا، فالدماغ حين يدخل مرحلة "حركة العين السريعة" والتي تحصل فيها الأحلام، يقوم الدماغ بتعطيل إمكانية تحريك العضلات وذلك لكي لا يتحرك الجسد تحركات مطابقة للتحركات التي يفعلها الشخص أثناء الحلم. يأتي النوم إلى نهايته ويستيقظ الشخص ولكن مع مشكلة صغيرة: تعطيل التحكم بالعضلات ما يزال فاعلاً، والنتيجة هى ما يسمى بـ "شلل النوم"، حيث تكون واعياً تماماً بأنك استيقظت ولكنك لا تستطيع الحراك ولا حتى فتح عينيك، وكثيراً ما تتصاحب هذه الحالة مع ضيق التنفس، وهنا يأتي الخداع الذي يقوم به الدماغ: حيث يقوم بتفسير العجز عن الحركة والضيق في التنفس بوجود مارد جاثم على صدرك، وهذا التفسير حصل للكثير ممن مر بهذه التجربة ومنهم أنا، ويصاحب هذا التفسير شعور بالرعب الشديد، وقد يصاحبه عمليات خداع ذاتي أخرى، فمثلاً في مرة من المرات التي جاءني فيها شلل النوم كان المارد لا يكتفي بالجثوم على صدري بل كان ممسكا بكفي بشكل مؤلم، وحين استعدت القدرة على الحركة وقمت وجدت أن "يد المارد" ليست سوى جزء من غطاء السرير كان ملتفاً حول كفي! أي أن دماغي لأنه رسم سيناريو المارد الجاثم على صدري، قام بتفسير المعلومات الأخرى وفقاً لهذا السيناريو، فقام بتفسير الغطاء الملتف حول يدي على أنه يد المارد وعلى أنه يسبب لي ألماً في يدي.
إن الخداع المصاحب لحالة "شلل النوم" معروف منذ القدم ونجد الاعتقاد بالشبح الذي يسببه حاضراً في العديد من الثقافات، نجد ذلك متمثلاً في هذه اللوحة التي رسمها الرسام البريطاني هنري فوسيلي في عام 1781 لحالة "شلل النوم":
حتى أن كلمة "كابوس" في اللغة الإنجليزية هى مشتقة أصلاً من التسمية الإنجليزية القديمة لهذه الأشباح التي تجثم على الصدر، حيث كانت تُسمى هذه الأشباح بـ mare
ومنها جاءت التسمية الإنجليزية الحديثة للكابوس nightmare
http://en.wikipedia.org/wiki/Sleep_paralysis
وفي الثقافة الأفريقية تُسمى حالة شلل النوم بـ "الساحرة التي تجثم على ظهرك".. وفي الثقافة الفيتنامية تُسمى "أن تُقيَّد بواسطة شبح"، وفي الثقافة الصينية "الشبح الذي يضغط على جسدك" ، وفي الثقافة التركية "الجاثم المظلم".. (راجع الرابط السابق للزيد)
ومن الحالات المعروفة لظاهرة الخداع الذاتي التي يقوم بها الدماغ هو دخول أحداث تحصل حولك إلى الحلم الذي تحلم به، ومن أشهر الأمثلة على ذلك جرس المنبه لأنه ينطلق وأنت في المراحل الأخيرة من نومك وهى المرحلة التي تحصل فيها الأحلام، فكثيراً ما حصل معي أن يدخل جرس المنبه إلى الحلم الذي أحلم به ولكن بطريقة مختلفة، فالدماغ الآن في حالة حلم، وحين يسمع هذا الصوت فإنه يفسره بطريقة خاطئة توافق الحلم الذي أنت فيه، من التفسيرات التي حصلت معي: تحول جرس المنبه إلى صوت جرس باب المنزل بحيث أتجه في حلمي إلى الباب لأرى من يدق! وبعد ذلك أستيقظ لأجد أن جرس الباب كان في الحقيقة هو جرس المنبه، حالة أخرى: أن يتحول جرس المنبه إلى رنة الهاتف بحيث أتجه إلى الهاتف وأرفع السماعة، ولكن حتى بعد رفعي للسماعة يظل الهاتف يرن وحينها أستيقظ لأكتشف المصدر الحقيقي لهذا الصوت.
في مرة من المرات وفي أثناء الحلم سمعت صوت وحش مرعب للغاية وأصابني الصوت برعب شديد لأنه كان عالياً ومخيفاً، استيقظت لأجد أن الصوت هو صوت مزمار شاحنة كانت تسير في الشارع المجاور لمنزلي!! وأذكر أنني بعد الاستيقاظ كنت متعجباً كيف حول دماغي هذا الصوت العادي إلى صوت شبيه به ولكن مرعب وفسره على أنه صوت لشيء ما يحاول إيذائي وإخافتي.
حالة أخرى مررت بها:
كنت نائماً في غرفة الجلوس وكان التلفاز مفتوحاً على القناة الفضائية السورية – بإمكانك أن تستنتج أنني نمت من شدة الملل مما تعرضه هذه القناة الرائدة- ، ثم حلمت حلماً طويلاً وهو أنني في جلسة مع الفنان السوري "غسان مسعود" – الذي مثل دور صلاح الدين في فيلم هوليود "مملكة السماء"- وكان يتحدث معي وقد لاحظت في الحلم كيف أنه يتحدث بشكل مستمر دون انقطاع دون أن يعطيني أي فرصة للحديث معه وكيف كان يقفز من موضوع لآخر وكأن المهم لديه أن يبقى فمه مفتوحاً، استيقظت من نومي وفتحت عيني دون أن أنظر إلى التفاز، فسمعت على التلفاز صوتاً لشخص يتحدث، وقد وجدت في البداية أن صوت المتحدث يشبه صوت غسان مسعود، ولكني بعد ثوان وجدت أن الصوت ليس صوت غسان مسعود، التفت إلى الشاشة فإذا بالقناة تعرض لقاءً مع الفنان السوري الذي مثل دور رئيس المخفر في مسلسل باب الحارة وكان يتحدث عن رحلة قام بها مع والده في الصحراء السورية وأنه رأى كائناً صحراوياً عجيباً، وكان هذا الفنان يتحدث باسترسال وبشكل غير منقطع، حينها عرفت ماذا فعل دماغي بي: سمع دماغي هذا الصوت، ولأن دماغي لم يكن في حالته الطبيعية فقد تعرف على صاحب الصوت بشكل خاطئ على أنه "غسان مسعود"، فأتى دماغي بـ"غسان مسعود" بشحمه ولحمه ولحيته وأنه جالس معي ويتحدث معي، وكان يتحدث معي باسترسال ودون انقطاع لأن المتحدث على الشاشة كان يتحدث هكذا.
حالة أخيرة تظهر كيف أن الدماغ يمكن أن يقوم بهذا "الخداع الذاتي" حتى حين يكون الشخص على شفير الموت!
قبل سنوات أُصبت بزكام حاد أدى لحالة غريبة عجيبة وهى الاختناق أثناء النوم بسبب تراكم البلغم في المجرى التنفسي، كنت أستيقظ وأشهق بشدة مثل الغريق الذي تمكن في اللحظة الأخيرة من الوصول إلى سطح الماء، ويكون نبض قلبي حينها مرتفعاً بشدة للتعويض عن نقص وصول الأكسجين للدماغ عن طريق ضخ مزيد من الدم إليه، باختصار في عدة مرات كان ما يفصل بيني وبين الموت ثوان معدودة لأنني لم أكن أستيقظ مباشرة عند انقطاع النفس بل بعد أن أستمر بلا تنفس لفترة طويلة، ولكن في أحد المرات جاءتني هذه الحالة واستيقظت من النوم، ولكن بعد أن قام دماغي بخدعة كبيرة بحيث أنني لم أعرف أصلاً بأنني مررت بحالة اختناق إلا حينما لاحظت نبض قلبي المرتفع وتنفسي السريع، لقد استيقظت من النوم وأنا أرى نفسي بأنني أغني!!! لقد فسر دماغي الشهيق الشديد وما يصدره من صوت فسره على أنني أغني!! تصوروا هذا التفسير الدماغي الخاطئي كيف حوّل شهقة تصارع الموت إلى نغمة تخرج من فم مغني رايق ومبسوط!.
الخلاصة: الدماغ حين لا يكون بكامل قدراته فإنه معرض لتفسير المعلومات بشكل خاطئ والنتيجة هى خداع صاحب الدماغ نفسه وإيهامه بأمور تخالف الواقع تماماً.. وعلى ضوء هذا الاستنتاج نستطيع أن نفسر الكثير مما يحصل في تجارب الاقتراب من الموت.
يتبع..