الرد على اعتراض
أثار بعض المسلمين الإعتراض التالي: أن هذه تجارب اقتراب من الموت وليست تجارب موت، فالميت هو الذي لا يعود إلى الحياة، وبالتالي ما يخبر عنه هؤلاء الذين اقتربوا من الموت لا يعنينا بشيء ولا يعبر بصدق عما يحصل للكافر بعد موته الحقيقي.
الجواب من أربعة أوجه:
1- تسمية "تجربة الاقتراب من الموت" هى تسمية فضفاضة ولا تصف بشكل صحيح عدداً كبيراً من الحالات، أنا ما يهمني هو تجارب الذين عادوا من الموت، لا يهمني تجارب الذين ساءت حالتهم الجسدية لدرجة كبيرة أو ما شابه، بل تهمني تجارب الأشخاص الذين إذا فحصهم أي طبيب في العالم سيعلن بأنه "شخص ميت"، وهم تحديداً الأشخاص الذين نجوا من السكتة القلبية، لأنه بسبب السكتة يتوقف القلب عن الخفقان، ويتوقف التنفس، وبعد ثمان ثوان فقط تغيب أي إشارة على نشاط دماغي، ثم يتسع بؤبؤ العين، وتنخفض درجة حرارة الجسد، وهذا وفقاً لما يقرره الطب هو الموت. ولكن وبفضل التقدم العلمي الحاصل اليوم، فإن قسماً من هؤلاء الذين يمرون بالسكتة القلبية أو أي شيء آخر أدى إلى وفاة إكلينيكية، تتم إعادة إحياءهم والفضل في الغالب يعود إلى الصاعق الكهربائي. الآن معظم هؤلاء – إن لم يكن كلهم – من الذين تم إحياؤهم من موتهم الإكلينيكي، لو أنهم كانوا يعيشون في أي زمن مضى قبل القرن العشرين، لما عادوا إلى الحياة أبداً ولبقوا موتى وتم وضعهم في القبور وأهيل عليهم التراب، ولكن فقط لأننا اليوم نملك من التقنيات ما لم يملكه القدماء، صار بإمكاننا أن نمنع عدداً كبيراً من الناس من أن يستمروا في موتهم ونعيدهم إلى الحياة، وبالتالي فإن ما يخبر عنه هؤلاء الذين فعلياً قد عادوا من الموت هو بلا شك يعطينا صورة أكيدة عما يحصل للإنسان حين يموت.. باختصار أنا لا يهمني الذين "اقتربوا من الموت"، بل يهمني الذي ماتوا فعلاً وعادوا إلى الحياة.
في تجربة "رينيه تيرنر" اليهودية ، تعرضت عام 1982 لحادث سيارة، تم أخذها إلى المستشفى، وفشلت جهود الإسعاف، فقام جراح الأعصاب الذي كان يتولى حالتها قام بإخبار واليدها بأنها ماتت، وأثناء حديثه معهما، قطع حوارهما فجأة ممرضة مرتعبة ومسرعة، قائة: "إنها حية! لقد جلست وتحدثت!"، فقام الطبيب بإعطاء الممرضة محاضرة عن أن الميت يمكن أن يصدر أصواتاً ويتحرك، فردت عليه: "لقد قالت لا تعطوني مزيداً من العقار!".. لاحظ كيف كان الطبيب مقتعناً بموت هذه الإنسانة وحتى حين سمع بأنها تحركت وأصدرت أصواتاً لم يقتنع فقد كان قراره حاسماً لقد ماتت "تيرنر" بغير رجعة، ولم يقنعه إلا حين سمع بأنها قد نطقت بجملة مفيدة.. الآن كيف لا نعتبر هذه الإنسانة بأنها قد عادت فعلاً من الموت؟؟ وكيف لا نثق بما روته عما حصل لها في "العالم الآخر" حيث قابلت جدها الميت واحتضنته ورأت حياتها وغير ذلك؟؟، ليس ذلك فحسب، بل أخبرها جدها بأن جدتها سوف "تأتي قريباً" أي ستموت، وأنها تعاني من سرطان القولون، ثم بالفعل بعد ثلاثة أشهر من هذه الحادثة تم تشخيص الجدة بأنها مصابة بسرطان القولون ثم ماتت بعد ذلك بفترة وجيزة.. لمراجعة هذه التجربة:
http://near-death.com/experiences/judaism01.html
إذا كانت مثل هذه التجربة المبهرة لا تعني شيئاً للمسلم، فهذا لا يعني سوى أن ملكة التفكير لدى هذا المسلم قد ماتت بلا رجعة ولن يفلح أي صاعق كهربائي على إحيائها.
2- ماذا عن مقابلة هؤلاء خلال هذه التجارب بأقاربهم الكفار المتوفين منذ سنوات والذين هم من المفترض أن يكونوا الآن في عذاب القبر وفقاً للمعتقد الإسلامي ليجدوهم في حالة ممتازة ورائعة ؟ هل عذاب البرزخ ضعيف لهذه الدرجة؟ أم أنه لا يوجد عذاب برزخ من أساسه؟
3- الآن المسلم الذي يفترض بطلان هذه التجارب، لنا أن نسأله: أنت تؤمن بإله عادل وحكيم وعليم ورحيم.. وأنه هو ذاته الذي أنزل القرآن الذي يعد بشكل قاطع بأن كل من لم يمت على ملة الإسلام فجزاؤه عذاب أبدي لا نهاية له يبدأ منذ لحظة الموت ولا ينتهي.. الآن لماذا هذا الإله يخلق مثل هذه الظاهرة؟؟ هل هو يعبث بنا أم يلعب أم ماذا؟؟ لماذا يجعل عدداً كبيراً من الكفار حين موتهم "يتوهمون" بأنهم قد دخلوا الجنة بل قابلوا الله بل شعروا بحب وسلام عظيمين بل وقابلوا أقاربهم الذين ماتوا من سنوات طوال ليجدوهم بأحسن ما يمكن؟؟ ثم يعود المسكين إلى الحياة ويخبر الناس بما رآه ويبشر الناس بأن المهم هو الروحانية وعمل الخير وأن المعتقد أمر غير مهم، وتؤلف الكتب والأفلام وغير ذلك، ثم في النهاية حين يموت المسكين بلا رجعة يكتشف المقلب المحترم الذي أعده له الله الذي استقبله من قبل بالأحضان وأدخله الجنة، بينما الآن تستقبله الملائكة بالشلاليط والبوكسات ويجرجر في السماء ويتمرمط ويتبهدل وبالأخير عذاب القبر إلى يوم البعث ثم خلود في جهنم!!.. لاك يا عيني على هيك "إله"!!.
4- عدم الاكتراث بهذه التجارب يشير إلى تناقض صارخ، لأن المسلم يكترث في الحقيقة لشيء اسمه "الرؤيا"، وهى شيء أقل بألف مرة مما يحصل في تجارب العائدين من الموت، وبسبب الهوس بها أُلفت الكثير من الكتب في تفسير الأحلام وتجد قنوات فضائية متخصصة في ذلك تعتاش وتنتعش باتصالات الذين يعتقدون بأن ما رأوه في نومهم هو أمر حقيقي يحمل دلالات حقيقية. الرؤيا في الإسلام حق ومذكورة في القرآن، فيا عجباً، أيمكن للإنسان أن يرى أشياء حقيقية أثناء نومه، ولا يمكن له أن يرى أشياء حقيقية وهو ميت بلا أي خفقان قلب ولا تنفس ولا نشاط دماغي؟ هل يمكن أن يكترث الإنسان لأحلام لا معنى لها ويبحث عن تفسيرها ويدفع من جيبه ليعرف معناها، ثم بكل بساطة يُعرض عن مشاهد اتفق على رؤيتها آلاف من الناس الذين ماتت أجسادهم ثم عادت إلى الحياة بعد ذلك، وأثرت بشكل هائل على حياة الأشخاص الذين مروا بها بحيث نجد الكثير منهم يغيرون أعمالهم ويكرسون حياتهم ليصبح هدفها مساعدة الآخرين بدلاً من جمع المال.. فهل يستويان؟.
ملاحظة: معظم ما سبق يوجه أيضاً إلى غير المسلم، ولكني خصصت المسلم في خطابي السابق لأن الاعتراضات جاءت من مسلمين هنا.
تحياتي
سأعود لاحقاً للمشاركات الأخرى..