بعيداً عن وصلة "النقاش" بين الزميلين أبو نواس وأبو خليل، الله يخليلن ولادن

فإني متفق مع جزئية مهمة وهي أن التماثل هو بشكل ما مدعاة للعداوة أكثر من الاختلاف، وهذه فكرة لم أخترعها بل قديمة تثبتها الوقائع والتاريخ. فالخلاف داخل المجال ذاته أكبر وأشد دموية بكثير من الصراع مع المختلف، فالصراع البروتستانتي/الكاثوليكي في أوروبا أودى بحياة نصف سكانها (راجع حروب الأديان بين القرنين السادس عشر والسابع عشر في أوروبا وكانت حصيلته ثلاثين مليون ضحية بسبب الحروب ولواحقها من مجاعات وطواعين).
ورداً على تساؤل أبو خليل لماذا لا يحدث ذات الصدام بين طالبان والسعودية، هو أن طالبان أتت بشكل ما من خلفية نفوذ سعودي في أفغانستان والباكستان، وثانياً أن حكم طالبان لم يدم أصلاً ليخلق الخلاف، وأخيراً فإن البعد الجيوغرافي حد من ذلك نوعاً ما. وأخيراً فمن قال لك أن التناقض والعداء لم يحدث أصلاً؟! فإن الواقع العملي يقول اليوم أن السعودية بقوتها البترودولارية والنظرية تقف على النقيض من طالبان، بل أن بن لادن وهو شخصية سعودية سحبت جنسيتها ولوحقت قبل الأحداث الأخيرة (أي 11 سبتمبر) هي شخصية مركزية لدى طالبان، وأدت لانهيار سلطتها بسببه. يمكن لطالبان ألا تتعادى مع السعودية مثلاً بحال لم تعطِ لنفسها شرعية معينة داخل ذات المساحة الدينية أو الجغرافية، أي نوع من المنافسة "التجارية" مع غيرها، فالدين ليس إلا تجارة مربحة أحيانأً كثيرة، ولا أحد يريد أن يتقاسم الغنائم إذا كان من الممكن جني المكاسب كلها لوحده.

تحياتي.