في احدى المواضيع التي نُشرت في مجلة ناشيونال جيوغرافي (احتفظ بالمقال) ذكر الكاتب عن معاملة الشرطة المصرية للقبائل البدوية في سيناء، وعن كراهية المصريين لهم، على إعتبار ان هذه القبائل لاتملك ولاء للدولة المصرية.
وذكر الكاتب عن توتر العلاقة بين الحكومة والشعب والمصري وبين قبائل سيناء ، وهم من بقايا حملة فتح الارض المصرية منذ عمرو بن العاص.

واشار الكاتب الى الاقصاء والاذابة لهذه التكوينات الاجتماعية، ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا والاهمال الشامل الذي يعانون منه ، والاستيلاء على مناطقهم الحيوية لاغراض السياحة وابعادهم الى مناطق منعزلة وفقيرة..

هذه الخلفية تظهر ان المصريين، مثلهم مثل العديد من شعوب المنطقة الاخرى، لاينتمون الى العروبة اثنيا، وانما انتماء بالانصهار الثقافي، بعد ان فقدوا ثقافتهم الاصلية.
ليس غريبا اليوم ، ان يعاني البعض من حقيقة انهم كمصريين لم يتمكنوا من الحفاظ على شخصيتهم القومية والثقافية الخاصة لصالح الشخصية العربية البدوية الدخيلة.
وعلى الرغم من بقاء العديد من سمات الشخصية المصرية القديمة، وهي سمات تتناقص بسرعة تحت تأثير التعليم المركزي والانترنيت والعمل خارج مصر والدين الدخيل، الا ان المصريين اليوم ليسوا هم المصريين القدماء الا من خلال الاسم، بالذات من خلال ذات العوامل التي تقوم بكنس الباقي من اللشخصية القديمة.

الغالبية من المصريين تعلن انتماءها للعربية الدخيلة وهو إعلان على إنجاز عملية الانصهار الثقافي. ووجود بعض الاصوات الرافضة والمطالبة بالعودة الى ثقافة الاجداد الاثنيين، ورفع راية الاعتزاز بالمصرية بكل مكوناتها هي اصوات ظهرت في الفترة الاخيرة على خلفية تدهور الثقافة العربية، وبالذات البدوية منها، بإعتبارها هي التي كانت الثقافة الدخيلة تحديدا، والتي تمكنت من انجاز مالم تتمكن الثقافات الاخرى من عمله.

مع رفع ستارة العزلة، وتوفر معطيات المقارنة بين الماضي والحاضر، بين ثقافة العرب وبقية الثقافات الحديثة والقديمة بما فيه مصرية الاجداد ، ومع القدرة على التكلم بدون شعور الخوف من " عقوبات الحدود" او " دفع الجزية وهم صاغرون"، اصبح مفهوما سعي البعض لاحياء الشخصية الخاصة.

وبشكل عام، ان تعلن دولة ما انها عربية او تعلن انتماء اخر امر لاقيمة عملية له، ولاادري اسباب اهتمام البعض بالامر وحساسيتهم تجاهه، خصوصا واننا اليوم، مها كان صوت اعلاننا عن عروبتنا عاليا، الا اننا مختلفين كثيرا عمليا، ونملك قنوات ارتباط ببعضنا على مستوى الدولة الواحدة اكبر من ارتباطنا على مستوى العروبة.. والاشتراك في الصراخ عن انتماء واحد اصبح باب للسخرية اكثر من ان يكون له قيمة فعلية