عزيزى انس

بداية انا لست من انصار نظرية الناسخ والمنسوخ فى القرآن ... فإننى أرى أن هذه النظرية تنسف تماما الغرض الحقيقى من القرآن بل إنها تفرغ القرآن من مضمونه الحقيقى.. وإن كان هناك من ناسخ ومنسوخ فإننى اطبقه فى الايسر فرضا والاكثر تقربا لله والأكثر رقيا فى الحضارة... ومثال على ذلك لو كنت شارباً للخمر .. لا اعتبر مشرك ولكن مخطئ.. ولتحجيم هذا الخطأ والتقليل منه تمهيدا للاقلاع عنه اطبق هذه الاية

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً }النساء43

وأثناء تحرى الصدق مع الله حتى يتوب على ذنبى الذى بليت نفسى به واجاهد النفس اقلاعا عن الخمر أكون واضعا امام عينى الهدف التالى
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}المائدة90

لذلك لا ارى صحة الاعتقاد بأن أية السيف قد نسخت ما قبلها لأن هذا تفكير دموى لا ينبغى للمسلم وما كان الله الذى انزل منهج متكامل يتركنا نتخبط فى امر جوهرى مثل هذا ويتركه لعلماء المسلمون يفتون فيه.. فمن كان حاسماً فى شرائع اخرى .. هل يجعل امرا مثل هذا غير واضح.

وعلى هذا فإننى ارى ان النظر الى اية معينة فى القرآن يكون فى ضوء الروح الكاملة للاسلام وللمجتمع الذى انا فيه .. واعتقد ايضاً ان من يفتى فى شئون المسلمين يجب ان يضع نصب عينيه قول الله سبحانه وتعالى {يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ }الرحمن29

فما كان يصلح فى زمن ما وفق لظروف الدعوة لله وما يقابلها من صعوبات لا يشترط ان يصلح فى زمن حالى .. وعلى سبيل المثال أية السيف لها وقت وليس كل وقت .. بل ان هذه الاية اقل أية نحتاج إليها فى الفكر الاسلامى الحالى لأن هناك أية اخرى أقوى منها فى التطبيق وهى {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }الممتحنة8

وأية اخرى {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }النحل91

ففى ظل وجود منظمة تجمع الدول تحت مظلة الشرعية الدولية واحترام الحدود السياسية.. هذا هو وقت الآيات المتعلقة بالعهود والمودة.. أما الحرب فلها آياتها والتى يجب ان تراعى امرين القدرة القتالية العالية والرحمة بالمهزوم فيكون له حق من مال المسلمين وزكاتهم.

وعودة الى مداخلتك .. فيجب ان تعلم جيدا قصة من ارسلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للدعوة بين القبائل وتم قتلهم حتى تدرك لماذا حارب المسلمون وقتها.