عاشق الكلمة .
يا زميلي الفاضل .. ثق أنه لا يوجد أي شيء شخصي ، ولولا تفضلك بالتعليق على بعض ما أكتب ربما لم تكن لتتح لنا فرصة الحوار مطلقا ، فاهتماماتنا و رؤيتنا للحوار متناقضة تماما ، بل و من النادر أن أزور الساحة التي تكتب فيها مع أصدقائك ( الساحة الإجتماعية ) ، و التي يمكن أن ندعوها ( نادي الجالية المصرية ) ! .
إني لا أصنف أحدا بشكل شخصي ، فقط أعلق على مداخلة أو فكرة ما ، وهذا ينتهي بانتهاء الشريط ، إني بلا أيديولوجية و بالتالي بلا نهائيات و بلا أعداء ولا أصدقاء ، و لعلك لاحظت أني أيضا و بشكل مبدئي أنفر من الشللية ، بما في ذلك تلك المصرية.
لاحظت في فترات متقاربة مواقفا لك لا يمكن أن أصفها سوى بكونها أصولية ، موقف ضد المرأة و آخر ضد المواطنة الكاملة للمسيحيين ، و ثالث متحمس للتطبيق الفوري للشريعة الإسلامي بلا قيود ، ورابع لصالح الدولة الدينية ، و .... ، هذه المواقف هي ما يعول عليه ، أما صداقة لهذا و إعجاب بذاك و ... ، فتلك مقتضيات الشللية ولا علاقة لها بالموضوعية .
يقول أحد الحكماء " أننا لسنا ما نعتقده في أنفسنا و لكننا ما نعتقد فيه " ، و هذا يماثل قول الإمبراطور الروماني الفيلسوف ( ماركوس أوريليوس Marcus Aurelius) " Our life is what our thoughts make it ، " حياتنا هي ما تصنعها أفكارنا " . ربما يعتقد أحدنا أنه تنويري و علماني ،و لكنه يكره الهندوس و يحتقرهم ،ولا يحب المسيحيين و يراهم أقل قيمة ، و يعتقد أن المرأة غبية و لا يمكن أن تعادل الرجل ، و يمتثل لمعتقدات دينية لا دليل عليها ولا شواهد ، و يرفض قانونا يبيح زواج المسيحي من مسلمة ، أسوة بإباحة زواج المسلم من مسيحية و ... هكذا ، هذا الأحد ليس كما يعتقد في نفسه ، و لكنه مجموع أفكاره الأصولية .. هو أصولي .
إني لست شغوفا بالتسميات ، ولو اقترحت اسما آخر غير إسلامي أو أصولي للتعبير عن تلك الصفات المعيارية فسأقبله فورا بلا تردد ، سمه ما شئت .. مثالي ، رباني ، إسلامي صادق ، المهم أن نتفق على مسمى لصاحب الفكر الأصولي ، إن شالله ( سيد الناس ) ! .
تحدثت عن خلافك مع إبراهيم حول صاحب فتوى إرضاع الكبير ، و لكنك لم تفهم جيدا طبيعة خلافك معه ، أنت ترى أن صديقنا إبراهيم يدافع عن الإسلام التقليدي و أنك متحرر الفكر و تعارضه ،و تلك و إيم الله لهي من نوازل الدهر و تصاريف الزمان !، صديقنا إبراهيم ترك الإسلام كله كدين مزيف ، فهل تراه شفوقا بشيوخه ؟، يا صديقي .. إبراهيم لا يرى شيئا طيبا في الإسلام ، و بالتالي يرفض كلية أن يكون هناك جانب متسامح أو إنساني فيه ، وهو يرى أن الشيوخ المتعصبين المنغلقين هم الممثلون الحقيقيون للإسلام ،أما من يحاول التعبير الحضاري عن الإسلام فهو مداهن و مزيف أو مخادع يمارس التقية ، ولست في مجال مناقشة تلك القضية فقد فعلت كثيرا بوضوح كوضوح الشمس أو أسطع قليلآ !، ربما كان إبراهيم مصيبا ، هذه ليست قضيتي الآن ،و لكني أحب أن نضع النقاط على كل الحروف و بشكل صحيح ، في المقابل أنت تدافع عن إسلام تعتقده دون أن تتعمقه ، إسلام الميديا و إسلام إعادة التعريف و إسلام ترشيد الخطاب و ... ، الحقيقة التي لابد أن تعرفها هي أنك أنت يا صديقي تعرف فقط وجها واحدا من وجوه الإسلام العديدة ، و بالتالي لا يمكن أن تعبر عن كل الإسلام كما تعتقد .